تزايد المخاوف من أن أدوات الذكاء الاصطناعي قد تستثني أفضل المرشحين
برز مؤخرًا استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي في تحسين فرصك في الحصول على وظيفة جديدة، بداية من المساعدة على كتابة سيرة ذاتية قوية تُبرز المهارات والخبرات، وانتهاء بالتحضير للمقابلة الشخصية من خلال توفير أسئلة مُتوقعة ونصائح للإجابة عليها.
ولم يتوقف الذكاء الاصطناعي عند هذا الحد، إذ إنه يساعد أرباب الأعمار أيضًا على اختيار أفضل المرشخين، وتسريع عملية التوظيف من خلال تحليل السير الذاتية وتحديد المرشحين الذين يملكون المهارات والخبرات المطلوبة للوظيفة.
كما يُمكن للذكاء الاصطناعي إنشاء اختبارات تقييمية تُناسب متطلبات الوظيفة، وتحليل تسجيلات المقابلات الشخصية وتقديم تقييمات للمرشحين، بالإضافة إلى تحليل البيانات للتنبؤ بأداء الموظفين في المستقبل.
وباتت الشركات تعتمد عليها بشكل متزايد على أدوات الذكاء الاصطناعي التي تستخدم لتحليل لغة الجسد، والتقييمات الصوتية، واختبارات مفصلة، ماسحات السيرة الذاتية.
وأظهر استطلاع أجرته شركة IBM في أواخر عام 2023 وشمل أكثر من 8500 متخصص عالمي في مجال تكنولوجيا المعلومات أن 42% من الشركات تستخدم فحص الذكاء الاصطناعي “لتحسين التوظيف وخدمات الموارد البشرية”، وفق شبكة “بي بي سي” البريطانية.
AI hiring tools may be filtering out the best job applicants https://t.co/ddgAWkOKZG pic.twitter.com/HKY4gUUkyw
— 🇺🇦Evan Kirstel #B2B #TechFluencer (@EvanKirstel) February 17, 2024
وكان 40% آخرين من المشاركين يفكرون في بدء استخدام هذه التكنولوجيا.
الذكاء الاصطناعي.. هل يقلل “التحيزات”؟
يُعدّ الذكاء الاصطناعي ثورة حقيقية في مجال التوظيف، حيث يُمكنه تحسين كفاءة وفعالية عملية اختيار الموظفين بشكل كبير، من خلال تحليل البيانات دون أحكام مسبقة، مما يُساعد على تقليل التحيز في عملية التوظيف.
وكان العديد من أصحاب الشركات في جميع أنحاء العالم، يأملون أن تؤدي تقنية التوظيف باستخدام الذكاء الاصطناعي إلى إنهاء “التحيزات” في عملية التوظيف، لكن في بعض الحالات، يحدث العكس.
يقول بعض الخبراء إن هذه الأدوات تقوم بشكل غير دقيق بفحص بعض المتقدمين للوظائف الأكثر تأهيلاً، وتتزايد المخاوف من أن البرنامج قد يستثني أفضل المرشحين.
تقول هيلك شيلمان، أستاذة مساعدة للصحافة في جامعة نيويورك، ومؤلفة كتاب “الخوارزمية: كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يخطف حياتك المهنية ويسرقك”: لم نر الكثير من الأدلة على عدم وجود تحيز هنا، أو أن الأداة تختار المرشحين الأكثر كفاءة، وفق ـ”بي بي سي”.
وتعتقد أن الخطر الأكبر الذي تشكله مثل هذه البرامج على الوظائف ليس أن تأخذ الآلات مكان البشر، كما يُخشى في كثير من الأحيان، بل في منعهم من الحصول على وظيفة على الإطلاق.
هل يستبعد الأفضل؟
يمكن للذكاء الاصطناعي مساعدة فرق التوظيف في تحسين عمليات الفرز والاختيار عبر تحليل السير الذاتية وتحديد المرشحين المناسبين بشكل أفضل وأسرع.
لكن في المقابل، وجد بعض المرشحين المؤهلين للوظائف أنفسهم على خلاف مع منصات التوظيف هذه.
وفي إحدى الحالات في عام 2020، قالت أخصائية التجميل أنثيا ميروديو، المقيمة في المملكة المتحدة، إن شركتها طلبت منها إعادة التقدم للمنصب بعد أن حصلت على إجازة أثناء انتشار وباء كورونا. وقد تم تقييمها بناءً على أدائها السابق وعبر برنامج فحص الذكاء الاصطناعي هاير فيو “HireView”.
وتقول إنها حصلت على تصنيف جيد في تقييم المهارات، ولكن بعد أن سجلت أداة الذكاء الاصطناعي لغة جسدها بشكل “سيئ”، أصبحت عاطلة عن العمل إلى الأبد. قامت الشركة بإزالة وظيفة تحليل الوجه في عام 2021 وقد قدم موظفون آخرون شكاوى ضد منصات مماثلة، بحسب قول الأستاذة الجامعية شيلمان.
ويتم تدريب العديد من خوارزميات الاختيار على نوع واحد من الموظفين، مما يعني أنه قد يتم استبعاد المرشحين ذوي الخلفيات المختلفة.
وتضيف شيلمان أن المرشحين للوظائف نادرًا ما يعرفون ما إذا كانت هذه الأدوات هي السبب الوحيد وراء رفض الشركات لهم، إذ لا يخبر البرنامج المستخدمين بنتيجة تقييمهم. ومع ذلك، فهي تقول إن هناك العديد من الأمثلة على العيوب النظامية في هذه التكنولوجيا.
وفي إحدى الحالات، قدم أحد المستخدمين الذين تم استبعادهم نفس الطلب ولكنه قام بتعديل تاريخ الميلاد ليجعل نفسه أصغر سناً. ومع هذا التغيير، تمكن من الحصول على مقابلة.
وفي شركة أخرى، تم تدريب أحد القائمين على فحص السيرة الذاتية باستخدام الذكاء الاصطناعي على السير الذاتية للموظفين الموجودين أصلاً في الشركة، مما يمنح الأشخاص علامات إضافية إذا أدرجوا “البيسبول” أو “كرة السلة” ضمن هواياتهم – وهي الهوايات المرتبطة بموظفين “أكثر نجاحاً”، بحسب الشركة، وغالباً ما يكونون من الرجال.
أما أولئك الذين ذكروا “الكرة اللينة” كهوايتهم المفضلة – عادة النساء – تم تخفيض تصنيفهم.
وتقول شيلمان إن المجموعات المهمشة “تفشل في كثير من الأحيان، لأن لديهم هوايات مختلفة، وذهبوا إلى مدارس مختلفة”.
ما الحل؟
تقول ساندرا واتشر، أستاذة التكنولوجيا والتنظيم في معهد الإنترنت بجامعة أكسفورد، إنه من المهم الحصول على هذه التكنولوجيا ولكن، بشكل صحيح.
وتضيف إن وجود ذكاء اصطناعي غير متحيز وعادل ليس فقط الشيء الأخلاقي والقانوني الضروري الذي يجب القيام به، بل هو أيضاً شيء يزيد من أرباح الشركة، وهناك فرصة للسماح بتطبيق الذكاء الاصطناعي بطريقة تجعله يتخذ قرارات أكثر عدلاً وإنصافاً تعتمد على الجدارة والتي تزيد أيضاً من أرباح الشركة.
تعمل أداة واتشر أو Wachter المتاحة للجمهور، كنظام إنذار يخطرك إذا كانت الخوارزمية الخاصة بك متحيزة أم لا، ثم تمنحك الفرصة لمعرفة نقاط الخلل.
ومنذ تطويرها في عام 2020، تعد أمازون وآي بي إم من بين الشركات الأبرز التي اعتمدتها.
وفي الوقت نفسه، تدعو شيلمان إلى وضع “حواجز حماية وتنظيم” على مستوى الصناعة من جانب الحكومات أو المنظمات غير الربحية لضمان عدم استمرار المشاكل الحالية. وإذا لم يكن هناك تدخل الآن، فهي تخشى أن يؤدي الذكاء الاصطناعي إلى جعل مكان العمل في المستقبل غير متكافئ أكثر من قبل.
وبشكل عام، يمكن أن يساهم الذكاء الاصطناعي في تحسين كفاءة وفعالية عمليات التوظيف وإدارة الموارد البشرية، مما يسهم في تحقيق أهداف المؤسسات بشكل أكبر وأكثر دقة. ومع ذلك، يجب مراعاة القضايا المتعلقة بالخصوصية والعدالة والشفافية في استخدام التكنولوجيا في عمليات التوظيف لضمان عدم وقوع تمييز غير مبرر وضمان الشفافية والمساواة في الفرص الوظيفية.