شابات من الـ”جيل Z” يتحدثن عن الصحة العقلية وتأثير التكنولوجيا على حياتهن
مع مطلع الألفية، أنشأت شركات التكنولوجيا مجموعة من المنتجات التي غيرت العالم والتي غيرت الحياة ليس فقط للبالغين في جميع أنحاء العالم ولكن للأطفال أيضًا والذين يعرفون اليوم بـ ” الجيل Z”.
كان الشباب يشاهدون التلفزيون منذ الخمسينيات من القرن الماضي، لكن التكنولوجيا الجديدة كانت أكثر قابلية للحمل وأكثر شخصية وجاذبية من أي شيء جاء من قبل.
ومع ذلك، فإن الشركات التي طورتها لم تقم إلا بالقليل من الأبحاث حول تأثيراتها على الصحة العقلية، أو لم تقم بأي أبحاث على الإطلاق. وعندما واجهوا أدلة متزايدة على أن منتجاتهم تلحق الضرر بالشباب، انخرطوا في الغالب في حملات الإنكار والتعتيم والعلاقات العامة، بحسب تقرير لصحيفة الغارديان البريطانية.
وكانت الشركات التي تسعى جاهدة لتحقيق أقصى قدر من “المشاركة” عن طريق استخدام الحيل النفسية لإبقاء الشباب مستمتعين.
وبحسب الغارديان فإن هذه الشركات هي أسوأ المخالفين حيث قامت بربط الأطفال خلال مراحل النمو الضعيفة بمنتجاتها، بينما كانت أدمغتهم تتجدد بسرعة استجابة للتحفيز الوارد.
وشمل ذلك شركات وسائل التواصل الاجتماعي، وشركات ألعاب الفيديو والمواقع الإباحية، التي كان تأثير منتجاتها أعمق على الأولاد.
ومن خلال تصميم عدد كبير من المحتوى الإدماني الذي يدخل من خلال عيون الأطفال وآذانهم، ومن خلال إلغاء النشاط الجسدي والتواصل الاجتماعي الشخصي، تمكنت هذه الشركات من إعادة ربط الطفولة وتغيير التنمية البشرية على نطاق لا يمكن تصوره تقريبا.
وبينت الصحيفة أن جيل الـ”Z”، المولود بعد عام 1995، كان أول جيل في التاريخ يمُر أفراده بمرحلة البلوغ وفي جيوبهم بوابة إلى عالم بديل؛ ما أحدث أثرًأ مُدمرًا وخلق أزمة صحة عقلية غير مسبوقة.
لقد انغمس المراهقون من الجيل Z في قضاء ساعات طويلة من كل يوم في تصفح المنشورات السعيدة اللامعة للأصدقاء والمعارف والمؤثرين البعيدين. لقد شاهدوا كميات متزايدة من مقاطع الفيديو التي أنشأها المستخدمون ووسائل الترفيه المتدفقة، والتي تم تغذيتها لهم بواسطة الخوارزميات التي تم تصميمها لإبقائهم على الإنترنت لأطول فترة ممكنة. لقد أمضوا وقتًا أقل بكثير في اللعب مع أصدقائهم وعائلاتهم أو التحدث معهم أو لمسهم أو حتى التواصل معهم بالعين، مما يقلل من مشاركتهم في السلوك الاجتماعي الذي يعد ضروريًا للتنمية البشرية الناجحة.
ورغم هذه الصورة السوداوية التي رسمتها الغارديان إلا أن هناك من يعارض فكرة أن الجيل z يعاني من مشاكل في الصحة العقلية وتقول زينة عميرة المتخصصة في علم البيانات لـ”أخبار الآن” : “أعتقد أنني حظيت بطفولة رائعة بعيدًا عن التكنولوجيا، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى أسلوب والدي في التربية وحبي للهواء الطلق.”
وتابعت: “ومع ذلك، مع تقدمي في السن والتقدم السريع للتكنولوجيا، دفعني الفضول والقلق إلى الاستكشاف والبقاء على اطلاع دائم بتطوراتها. والآن، لا أستطيع أن أتخيل العالم بدونها”.
ولكنها تضيف: “أوافق بنسبة .. التكنولوجيا لها تأثير كبير على الصحة العقلية ليس فقط على جيل زد، بل على جميع الأجيال. الفارق الوحيد هو أن جيلنا يدرك هذه الحقيقة وأكثر استعدادًا للتحدث علنًا عن صحتنا العقلية واتخاذ التدابير اللازمة”.
التكنولوجيا ليست المشكلة
من جهتها ترى صانعة المحتوى رولا السبعاوي أن المشكلة ليست في التكنولوجيا التي تقرب المسافات وتسهل الحياة، إنما بالتعرض للسوشال ميديا في عمر صغير لأنك ببساطة لاتستطيع التحكم بالسوشال ميديا ومراقبتها وبالتالي ضمان أن لايتعرض الطفل لمحتوى غير مناسب.
وتابعت: “حاليا أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي أفضل من ناحية الرقابة على المحتوى، لكني شخصياً وفي عمر صغير شاهدت غرائب وعجائب على منصات مثل فيس بوك وتويتر وغيرها وهذه الأشياء أثرت علي بالتأكيد من دون أن أشعر
وأكملت: “لا تستطيع القول أن الجيل z منفصل عن الواقع كلياً أو أنه لم يعش طفولة عادية، بالنسبة لي نعم عانيت خلال طفولتي حيث كنت أفضل البقاء في المنزل والتحدث إلى أصدقائي أونلاين على الذهاب إلى دروس السباحة أو غيرها من النشاطات”
وختمت السبعاوي بالقول: “هناك دور كبير للأهل في هذا الموضع حيث يجب أن يكون لهم أسلوب في التعاطي مع أطفالهم وتنظيم تعرضهم للسوشال ميديا التي أعتقد أنها المشكلة وليس التكنولوجيا”
الأمور تغيرت بسرعة
لم تكن هناك علامات تذكر على وجود أزمة مرض عقلي وشيكة بين المراهقين في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. ثم، فجأة، في أوائل عام 2010، تغيرت الأمور.
وفي خمس سنوات فقط بين عامي 2010 و2015، في جميع أنحاء المملكة المتحدة والولايات المتحدة وكندا وأستراليا وخارجها، بدأ عدد الشباب الذين يعانون من القلق والاكتئاب وحتى الميول الانتحارية في الارتفاع بشكل حاد. بين المراهقين في الولايات المتحدة، ارتفع عدد أولئك الذين أفادوا بأنهم عانوا من فترة طويلة من الشعور “بالحزن، أو الفراغ، أو الاكتئاب” أو فترة طويلة “فقدوا فيها الاهتمام وأصبحوا يشعرون بالملل من معظم الأشياء التي يستمتعون بها عادة” – الأعراض الكلاسيكية للاكتئاب -. بنسبة 150% تقريبًا.
وبعبارة أخرى، أصبح المرض العقلي أكثر انتشارا بنحو مرتين ونصف، وكانت الزيادات متشابهة بالنسبة لكلا الجنسين، وحدثت في جميع الأجناس والطبقات الاجتماعية. ومن بين مجموعة متنوعة من تشخيصات الصحة العقلية، ارتفعت معدلات القلق بشكل أكبر.
تم جمع البيانات الأحدث لعام 2020 جزئيًا قبل عمليات الإغلاق بسبب فيروس كورونا وجزئيًا بعدها، وبحلول ذلك الوقت كانت واحدة من كل أربع فتيات أمريكيات مراهقات قد عانت من نوبة اكتئاب شديدة في العام السابق. وساءت الأمور في عام 2021، لكن أغلبية الارتفاع كانت موجودة قبل الوباء.