بعد أزمة التعليم.. تونس تعاني نقصا حادا في الخبز
توالت الأحداث مؤخرا في تونس من أزمة التعليم إلى أزمة الخبز، حيث شهدت الأسواق التونسيّة شحا في عرض جملة من المواد الأساسيّة من بينها السميد والطحين والزيت النباتي المدعّم والسكر والبنّ والأرز، لكن الحديث عن أزمة الخبز احتل اهتماماً كبيرا.
هي أزمة يردها البعض إلى محاولات للتلاعب بالأوضاع في تونس، وآخرون اعتبروها ضرورة لتثبيت الإصلاحات لتجاوز الأزمة الماليّة والاقتصاديّة.
أزمة الخبز سبقتها أزمة تعليم، برنامج تلي Thérapie تابع هذه الأوضاع، من خلال مراسلة أخبار الآن في تونس حكمة مصدق التي قالت: إن رئيس الجمهورية قيس سعّيد يخرج في كل مرة، يقول إن هناك أطرافا ما تؤجج الوضع التونسي، وأطراف سياسيّة تحاول أن تؤثر على المناخ الاقتصادي من أجل المس بالاستقرار السياسي.
أضافت حكمة أن “هناك حقائق وأرقام تؤكد أن الوضع الاقتصادي في تونس مُنهك وفق عدد كبير من الخبراء الاقتصاديين التونسيين والدوليين أيضا، يؤكدون بأن تونس على حافة الانهيار الاقتصادي إذا أن الأمر لا يتعلق فقط بأطراف ربما خارجية تسعى لزعزعة الأمن الاقتصادي وبالتالي السياسي في تونس، لكن هناك فعلا أزمة اقتصاديّة تتفاقم كل يوم أكثر فأكثر خاصة في ظل عدم توصل تونس إلى هذه اللحظة إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي، وهو الأمل الأخير لخروج تونس من هذه الأزمة الصعبة، هذا الأمل الذي أصبح بعيد المنال وفق الخبراء، حيث قدمت تونس اتفاقا مبدئيّاً، يدعو إلى تعبئة موارد مالية، إضافة إلى تغطية حاجيات أو ميزانية تونس لسنة 2023، لكن لم يتم التوصل إلى هذا الإتفاق”.
مراسلة أخبار الآن حكمة مصدق، أشارت أيضا إلى أن تونس تعيش أزمة تجعلها غير قادرة على توفير العديد من السلع الهامة، السلع الأساسيّة، إذ أن هناك نقص في السوق التونسيّة، بسبب احتكار البعض أو وجود فاسدين يحتكرون هذه المواد الأساسيّة.
لكن في نفس الوقت هناك عدم قدرة على شراء هذه المواد الأساسيّة من الخارج بحسب حكمة، التي أشارت إلى أن تونس فقدت ثقتها في الأسواق الخارجيّة بسبب وضعها المالي الحالي المتأزم، وهي غير قادرة ايضا على التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي، مما جعل الشركاء الاتحاد الاوروبي، فرنسا، الدول الداعمين في العادة لتونس، نوعا ما يقفون وقفة حذر …
أما عن خلفيات أزمة الخبز، قالت حكمة إن أزمة الخبز انطلقت في الفترة الأخيرة، وهي في الحقيقة أزمة قديمة وليست جديدة وكل مرة تخرج مجددا وتسببت في غلق ما يقارب أربعين بالمائة من المخابز في تونس، وهو رقم ضخم، وهذه الأرقام مدّنا بها رئيس المخابز التونسيّة العصريّة مُؤخرا لأخبار الآن، فهناك عدد هائل من المخابز عاجزة اليوم من تقديم هذه المادة الأساسية، والحديث هنا ليس فقط عن مادة غذائيّة وهي الخبز، وإنما عن مادة لها رمزيّة كبيرة، لأن التونسي بالنسبة له الخبز هو مصدر أمان، وهو قُوته اليومي حتى في المظاهرات الشعبيّة والانتفاضة، والإحتجاجات الصغيرة دائما يرفع التونسيين في ايدييهم الخبز في إشارة لتمسكهم بهذه المادة التي تعبر عن أمانهم …
أما عن تداعيات أزمة التعليم فقالت حكمة مصدق، إن أزمة التعليم كأزمة الخبز تماما، وهي أزمة قديمة جديدة، ربما تفاقمت خلال هذه الفترة لأن السنة الدراسيّة توشك على الانتهاء والتلاميذ يخشون التعرّض لسنة بيضاء أو رسوب جماعي في كل أنحاء الجمهورية التونسية، لكن هذه الأزمة بدأت منذ شهر سبتمبر سنة 2023، بداية السنة الدراسيّة ومن أول يوم، قرر الأساتذة الدخول في احتجاج تَمَثل في حجب الأعداد، وأعلمت وزارة التعليم بذلك، أي أنهم سيدرسون بشكل طبيعي، وبتحضير للامتحانات، وسيقوم التلاميذ بإجراء الامتحانات لكن لن يقوموا بإسناد هذه الأعداد، فما حصل؟ مرّت الثلاثيّة الأولى والثلاثيّة الثانية، يعني اجتاز التلاميذ أو الطلاب في تونس مرحلتي السنة الدراسية دون الحصول على أعدادهم، ما اثار غضبا كبيرا في تونس، وهذا الأمر ليس هيّنا.
أضافت مراسلة أخبار الآن حكمة مصدق، أن هناك اتفاقا حصل بين وزارة التربية والتعليم ونقابة التعليم الثانوي، لكن الأساتذة في تونس غاضبون وغير راضين عن هذا الاتفاق ويعتبرونه اتفاقا مُخزيا، فاق الحد الأدنى وغير مثالي بالمرة، لأن مطالبهم الماديّة التي يطالبون بها منذ سنوات في الحقيقة لن يحصلوا عليها إلا ابتداءً من سنة 2026 …
وفي تصريح لأخبار الآن قالوا بأنهم “ضحيّة صراع بين مؤسستين، وما ذنبنا، يريدون تحسينات ماديّة ومساعدات، ومنح…والوزارة لا تستطيع تقديم كل هذا لأن الدولة تمر بوضع اقتصادي صعب”.
من جهة أخرى قال رضا الزهروني، رئيس جمعيّة الأولياء والتلاميذ في تونس، إن “الاتفاق بين الجامعة العامة للتعليم الثانوي وسلطة الإشراف، وبالتالي سيتم إمضاء اتفاق وإعادة الأعداد للإدارة ومن جانبها ستقوم بمجالس أقسام، وتُمكن التلاميذ من بطاقات تقييمهم، لكن الواقع الذي عشناه منذ انطلاق السنة الدراسيّة الحاليّة، نستطيع القول بأنها سنة بيضاء لكن فنيّا هي ليست سنة بيضاء، فنيّا سيتم تقييم التلاميذ وإجراء الإمتحانات الوطنيّة في الآجال المحدد، لكن واقعيّاً قد تم حرمان التلميذ من التحصيل المعرفي على امتداد ثمانية أشهر متتالية”.
يضيف الزهروني”التلميذ يستطيع أن يقوم بالامتحانات في آجالها، ويستطيع أن يكون عدد المترشحين، بمئات الآلاف لكن في نهاية الأمر المهم بالنسبة للمنظومة وبالنسبة للعائلة وبالنسبة للمسؤول هو النجاح ومستويات النجاح هذا لا أحد يتحدث عليه!”.
أما المحامي التونسي مختار بوقرة فقال بخصوص تداعيات القضية الاستعجاليّة التي تقدم بها ضد الاتحاد العام للشغل، نيابة عن أولياء التلاميذ، لطلب إلغاء قرار مع نقابتي التعليم الأساسي والثانوي المتعلق بحجب نتائج امتحانات التلاميذ عن إدارات المؤسسات التربوية، قال إنهم “رفعوا القضية أمام المحكمة الابتدائية بتونس باعتبارها مختصة ترابيا وحُكميا في النظر في مثل هذه المسائل، فالقاضي الإستعجالي له الولاية العامة ويستمد ذلك من اختصاص المحكمة الإبتدائيّة وله الحق في النظر لجميع الأمور المتأكدة والمستعجلة”.
وأضاف “للأسف الحكم الإبتدائي صدر برفض المطلب، واعتبرنا كلسان دفاع الأولياء، أن هذا الحكم ضعيف التعليم وغير منطقي ومتناقض لأنه اعتبر من جهة أنه هناك ضرر ثابت للأولياء، ومن جهة أخرى يعتبر وأن النزاع هو نزاع بين الإدارة والمربين وهو في شكل تحرّك جماعي ولا يمكن للقاضي الإستعجالي أن يلزم الاتحاد العام التونسي للشغل بالرجوع في قرار حجب الأعداد، فتم الطعن في الاستئناف في هذا الحكم الإبتدائي ونشرت القضية أمام محكمة الإستئناف بتونس باعتبارها درجة ثانية في المادة الاستعجاليّة، وأخرت الجلسة بطلب من نائبي الاتحاد العام للشغل لإعداد وسائل الدفاع والترافع، إذا اخرت هذه الجلسة الى يوم الجمعة 2 جوان 2023”.