التظاهرة في الجزائر فرصة للصلح بين المتخاصمين ولم شمل من فرقتهم المسافات
- يقيم سكان منطقة “تارقة” هذه التظاهرة سنوياً وتضم مجموعة كبيرة من المواطنين من مختلف الولايات الجزائرية.
- تعتبر التظاهرة أهم التظاهرات الشعبية بالجزائر، لما تكتسيه من أهمية في الحفاظ على الموروث الثقافي الجزائري الأصيل.
أحيا سكان بلدية “تارقة” بولاية عين تموشنت غربي الجزائر، أمس، تظاهرة “الوعدة الشعبية رجال البلاد” السنوية، و هي تظاهرة يقيمها سكان المنطقة كل سنة. وتعرف التظاهرة استقطاباً كبيراً لجموع المواطنين من مختلف الولايات الجزائرية، و هي تقليد سنوي دأب عليه سكان منطقة تارقة كل سنة من فصل الصيف.
ويقول أحد أعيان منطقة “تارقة” و منظموا هذه الوعدة، محمد السماحي:
إن التظاهرة تجمع شعبي يجمع الآلاف من المواطنين من مختلف ربوع الجزائر، يتم من خلاله عرض رقصات فولكلورية تقليدية و عروض مختلف فرق الخيالة كما تعتبر المناسبة فرصة لتلاقي الأحبة و اطعام عابري السبيل
منظم الوعدة
وعن التظاهرة أيضاً، يقول أحمد المعروف بـ”وعادي بلادي”، إن التظاهرة تعتبر من أهم التظاهرات الشعبية بالجزائر، لما تكتسيه من أهمية في الحفاظ على الموروث الثقافي الجزائري الأصيل، و الذي طالما “نسعى إلى تبليغ رسالته إلى جيل اليوم” .
التظاهرة فرصة لإطعام عابري السبيل و الصلح بين المتخاصمين
يتم خلال التظاهرة فتح أبواب المنازل أمام عابري السبيل للإطعام والصلح بين المتخاصمين، وجمع المال للمرضى. وللزواج التقليدي نصيب أيضاً وهو ما وقف عليه مراسل عيش الآن بالجزائر، محمد الأمين بلحية.
في زاوية غير بعيدة عن استعراضات فرق الخيالة المصطفة بباحة كبيرة، يقف رجل شارف على الثمانين من العمر غزى الشيب شعره و تبدو عليه ملامح الوقار، الشيخ محمد،، يتوسط جموع الحاضرين بالوعظ و الإرشاد. ويقول الشيخ محمد إن “الهدف الأسمى من هذه التظاهرة هو لم شمل ووحدة الجزائريين”، يسترسل في الكلام و يقول “الوعظ والإرشاد في مثل هذه المناسبات دأبنا عليها منذ القدم”، إذ يحاول الشيخ محمد الإصلاح بين كهلين متخاصمين منذ ما يقارب العشر سنوات، إثر جريمة قتل وقعت منذ مدة زمنية بعيدة، وتوارثتها أجيال القبيلتين منذ مدة.
رقصة “العلاوي” الشعبية أهم ما يميز التظاهرة
غير بعيد عن تلك الزاوية، في الرحبة يشكل “القصاصبية” المتعة، و هي حلقات تميزها رقصة تقليدية قديمة تشتهر بها منطقة الغرب الجزائري، تدعى برقصة “العلاوي الشعبية”، يتناغم فيها جسد لاعبها مع نغمات القصبة و القلال قلباً و قالباً، فتشكل ديكوراً ثقافياً زاد من رونق و جمال التظاهرة.
و عن رقصة العلاوي، يقول الشيح أحمد دحو “هي تراث ثقافي جزائري أصيل، عرفت منذ القدم خاصة بمنطقة سبدو بولاية تلمسان أقصى الغرب الجزائري، بقبيلة أولاد نهار المعروفة بهذا الطابع الشعبي، إذ كان مجاهدو ثورة التحرير المجيدة إبان الاستعمار الفرنسي آنذاك، وبعد فوزهم بالمعركة، و كتعبيراً منهم عن فرحتهم، يقومون باستعراضات رقصة “العلاوي” و التي تتم وفق حسابات معينة و شيفرة لا يفهمها سوى ضارب الدف والقلال والراقص”.
تشكل فرق الخيالة القادمة من مختلف ولايات الوطن ديكوراً تراثياً حقيقياً يميز هذه “الوعدة”، ويعكس مدى أصالة و عراقة هذه العادة، إذ تصطف فرق الخيالة على مستوى معين من باحة كبيرة، يتسابق فيها الخيالة عادة ما تنتهي بإطلاق البارود دفعة واحدة تتداول عليها الفرق، تباعاً في مشهد فولكلوري يعكس مدى أصالة وشهامة الجزائري.