أخبار الآن | أبوظبي – الامارات العربية المتحدة – (الاتحاد)
تشير توقعات تقرير مستقبل النفط العالمي، الذي دأبت أوبك على إصداره بوتيرة سنوية من مقرها في فينا، عدا هذا العام، حيث صدر من أبوظبي، إلى ارتفاع طلب العالم من الطاقة بنحو 108,2 مليون برميل من مكافئ النفط يومياً أو 40% من واقع 273,0 مليون برميل في 2014، ولنحو382,1 مليون برميل بحلول 2040.
اقرأ أيضا: رغم صعود الأسعار.. أوبك تتوقع أن يكون الطلب على النفط قويا في 2017
وفي البلدان النامية، يتوقع نمو الطلب بما يزيد على 100 مليون برميل من مكافئ النفط يومياً في الفترة بين 2014 إلى 2040، مقارنة بنمو طلب الطاقة بنحو 3,3 مليون برميل من المكافئ في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، ونحو 4,3 مليون برميل في يورآسيا. وبحلول 2040، يجيء نحو 63% من طلب الطاقة العالمي، من الدول النامية، مقارنة بحصصها الحالية عند 51%.
ومن المرجح، استمرار هيمنة النفط على الحصة الأكبر من مزيج استهلاك الطاقة خلال فترة التوقعات، بيد أن الغاز ربما يتفوق عليه قبيل حلول 2040. كما من المنتظر، أن يظل النفط ثاني أكبر مساهم لاحتياجات الطاقة الإضافية خلال الفترة ذاتها.
أما بالنسبة للفحم، فمن المتوقع زيادة معدلات استهلاكه على المدى البعيد، في حين تتراجع حصته في إجمالي مزيج الطاقة بنسبة تصل إلى 4,4%. وعلى الجانب الآخر، من المرجح ارتفاع متوسط طلب الغاز بنحو 2,1%، من واقع 60 مليون برميل من مكافئ النفط يومياً في 2014، إلى ما يقارب 102 مليون في 2040، ليشكل الزيادة الأكبر بين أنواع الوقود الأخرى كافة.
كما من المتوقع أن تسجل الطاقة النووية، زيادة ملحوظة خلال فترة التوقعات، مدفوعة بالسعي وراء تأمين الطاقة والحاجة للحد من الانبعاثات الكربون. وعلى صعيد مصادر الطاقة الأخرى من، طاقة شمسية ورياح وكهرومائية وحرارية والحرارية الجوفية، من المتوقع ارتفاعها من 3 ملايين برميل من مكافئ النفط يومياً في 2014، إلى 18 مليون في 2040، لتقدر حصتها في مزيج الطاقة بنحو 5%.
وبدأ استهلاك الفرد من الطاقة في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، في التراجع التدريجي، بعد أن بلغ ذروته في عام 2005، ما يعكس توجه الاقتصاد نحو قطاع الخدمات. أما في الدول النامية والناشئة، فقد بدأ هذا الاستهلاك في الزيادة، ما يعني المزيد من استهلاك الكهرباء وارتفاع معدل المدن واتساع رقعة الطبقة الوسطى وتطور وتنمية الاقتصاد.
إجمالي الطلب الأولي للطاقة
ومن المعلوم على مر التاريخ، ارتباط النمو الاقتصادي وعمليات التنمية، باستخدامات الطاقة. وعلى الرغم من خضوع هذا الرباط بمرور الوقت للتغير تمشياً مع مستوى التنمية الاقتصادية، يصبح أكثر قوة عندما تكون الدول في مراحلها المتوسطة من التنمية، خاصة في حالة النمو السريع لقطاع الصناعة، المستهلك الأكبر للطاقة. وبمواصلة مسيرة نمو الاقتصادات، تدخل عوامل أخرى في المعادلة، مثل التقنية وكفاءة الطاقة والتحولات الهيكلية في الاقتصاد.
قرأ أيضا:
الذهب يتراجع إلى أدني مستوى له منذ 9 أشهر
ايطاليون يقبلون على شراء الذهب تحسبا لاستفتاء دستوري
ولعكس تفاعل هذه العوامل على المستوى العالمي، ارتفع إجمالي الطلب الأولي للطاقة 1,6 مرة منذ 1970 من 104,5 مليون برميل من مكافئ النفط يومياً، إلى 273,9 مليون برميل في 2014. ومن المتوقع زيادة أكثر بنحو 40% بحلول 2040 إلى 382,1 مليون برميل.
وعلى المستوى الإقليمي، من المتوقع نمو طلب الطاقة في الدول النامية بمتوسط سنوي قدره 2,1% على مدى فترة التوقعات من 2014 إلى 2040. وعلى الجانب الآخر، تشهد دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، معدل نمو بنحو 0,1% و0,6% لمنطقة يورآسيا.
ويعكس هذا التباين، ارتفاع معدلات النمو في الدول النامية، خاصة أن النمو الاقتصادي، بجانب زيادة السكان والمدن، تشكل دوافع قويةً لطلب الطاقة. وبينما تصبح دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، أكثر نضوجاً وتشبعاً، تتراجع وتيرة طلبها للطاقة.
وعلى الصعيد العالمي، يرتفع طلب الهند من الطاقة، من نحو 6% في 2014، إلى نحو 11% في 2040، بينما تستهلك الصين ما يزيد عن دول المنظمة وأميركا مجتمعة، مع استمرار اتساع هذه الفجوة، حيث إن وتيرة طلب الصين من الطاقة في المستقبل بنحو 1,5% سنوياً، يتجاوز بقدر كبير طلب دول المنظمة وأميركا عند 0,2%.
ومن المتوقع أن يسجل طلب الطاقة في دول منظمة أوبك والدول النامية باستثناء الصين والهند، نمواً بمعدلات قريبة من المعدل العام للدول النامية عند 2,1% سنوياً.
وفيما يتعلق بدول المنظمة، من المرجح، تقلص حصتها من الطلب العالمي للطاقة، من 40% في 2014، إلى 30% بحلول 2040، بينما تتراجع حصة يورآسيا من 9% في 2014 إلى 7% بحلول 2040. وتُبنى هذه التوقعات على، النظرة المستقبلية للنمو السكاني والاقتصادي والتغييرات البنيوية للاقتصادات الوطنية والتطورات السياسية.
وعادةً ما يتم تلبية طلب العالم من الطاقة، من النفط والغاز والفحم، حيث شكل الوقود الأحفوري 87% من مزيج الطاقة في عام 1970، مع هيمنة النفط بحصة أكبر قدرها 44%. واستمر الوقود الأحفوري في السيطرة على الطلب من مزيج الطاقة، بحصة بلغت 87% في 2014. وتراجعت حصة النفط إلى 31%، بينما زادت حصة الغاز من 16 إلى 22% خلال الفترة ذاتها. كما بلغت حصة الكتلة، 10,3% في 2014، تليها الطاقة النووية بنحو 4,8% ثم الكهرومائية عند 2,4% وبقية مصادر الطاقة المتجددة بنسبة قدرها 1,3%.
وبحلول 2040، يحتفظ الوقود الأحفوري بأهميته في مزيج الطاقة العالمي على الرغم من تراجع حصته إلى 77% من الطلب العالمي. كما من المنتظر في الفترة نفسها، تراجع حصة النفط في هذا المزيج بنحو 5%، في حين ترتفع حصة الغاز بنحو 4,9% وتنخفض حصة الفحم بنحو 4,4%.
وهذا التحول بعيداً عن النفط والفحم نحو تبني الغاز ومصادر الطاقة المتجددة، ليس مفاجئاً في ظل الوعي الذي جسدته المبادرات الحكومية للتقليل من الانبعاثات الكربونية. ولعبت أيضاً الزيادة التدريجية، في عدد السيارات التي تستخدم الوقود البديل، دوراً مهماً. ويعزى تراجع حصة الفحم، للدور الذي أصبح يلعبه الغاز والطاقة المتجددة في توليد الكهرباء، لما تتميز به من صداقة للبيئة.
الطلب المحلي الأولي للطاقة
تتضافر العديد من العوامل للتأثير على مكوّن مزيج الطاقة في أي منطقة من المناطق. من بين هذه العوامل، مراحل التنمية في اقتصاد ما وبنيته وهبة الموارد الطبيعية والقرب الجغرافي من الموارد المتاحة وتوزيع السكان والثروة ومستوى الدخل في البلاد المعنية. كما يتأثر مزيج الطاقة، بطبيعة السكن المدني أو الريفي.
بالنظر لبيانات 2014، تبدو الفروقات واضحة بين أنواع الوقود الأحفوري الثلاثة وأهميتها في المناطق المختلفة، حيث يهيمن النفط على الحصة الأكبر في مزيج الطاقة في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بنحو 38%، يليه الغاز بنسبة 25%، بينما الفحم هو الوقود الأبرز في البلدان النامية بحصة تصل إلى 38% يحل بعده النفط بنحو 27%، في حين يشكل الغاز في منطقة يورآسيا نسبة كبيرة قدرها 49% من مزيج الطاقة ثم النفط 21%.
ويعني ذلك ولحد كبير، مدى توافر هذه الموارد في المناطق الثلاث، بجانب الدور الذي تلعبه المواصلات التي تساهم في تغيير حصص النفط في بعض المناطق. وتشكل الصين على سبيل المثال، على 50% من إنتاج الفحم في العالم، بينما تسيطر روسيا على 20% من إنتاج الغاز العالمي.
وتوجد أيضاً فروقات في أنواع الوقود غير الأحفوري، حيث تشكل كتلة الطاقة من خشب وفحم نباتي ونفايات زراعية، التي تستخدم عادة في أغراض الطبخ، المصدر الرئيس للطاقة في المناطق الريفية بما يزيد على 90%. وتقدر حصة هذه الطاقة 15,6% من مزيج الطاقة في البلدان النامية، مقابل 5,5% في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. وعلى العكس، تعتبر الطاقة النووية المصدر الأهم للطاقة في دول المنظمة بنسبة تصل إلى 9%، بالمقارنة مع 1% في نظيراتها النامية.
من المرجح، بروز بعض التغييرات في طلب مزيج الطاقة في المناطق المختلفة على مدى الخمس وعشرين سنة المقبلة. ويُعزى ذلك لتقليل الاعتماد على النفط في دول المنظمة، ليتراجع طلبه بنحو -8,8% وطلب الفحم -4,7%، وذلك لصالح أنواع أخرى من مصادر الطاقة المتجددة، التي يزيد طلبها بنحو 4,8% والغاز 4,1%.
ومن المتوقع ارتفاع طلب الغاز بنحو 5,5 مليون برميل من مكافئ النفط يومياً، ونحو 5,6 مليون برميل لمصادر الطاقة المتجددة، وذلك بحلول 2040، بينما ينخفض في الوقت ذاته طلب النفط والفحم معاً بنحو 13,6 مليون برميل.
ويعتبر هذا التحول، بمثابة الانعكاس للاهتمام بالبيئة والتدابير السياسية ذات الصلة، التي تهدف لتقليص الانبعاثات الكربونية على الصعيدين الدولي والمحلي. كما لا يقتصر دور هذه السياسات على الدعم المباشر لتوسيع دائرة الطاقة المتجددة فحسب، بل توفر أيضاً محفزات لعمليات التطوير التقني التي تؤدي لكفاءة أفضل في استهلاك الطاقة، وتسريع مسيرة تبني أنواع من الوقود أقل ضرراً بنظام البيئة.
ومن المتوقع عموماً، زيادة طلب دول المنظمة من الطاقة بنحو 0,1% سنوياً في الفترة بين 2014 إلى 2040، مع حدوث أكبر وتيرة نمو لموارد الطاقة المتجددة الأخرى بنحو 5,5% سنوياً. وعلى الجانب الآخر، ينخفض طلب الفحم والنفط بمتوسط سنوي قدره 1%، ونحو 0,9% على التوالي.
وتتميز توجهات طلب الطاقة في الدول النامية خلال العقود القليلة المقبلة، بالسعي وراء توازن بين احتياجات الطاقة في المستقبل واهتمامات البيئة. ولمجابهة احتياجات الطاقة للعدد المتنامي من السكان في الدول النامية، ينبغي التأكيد على نمو أنواع الطاقة. ومع ذلك، من المتوقع، تراجع حصة أنواع الوقود التقليدي من كتلة وفحم، في مزيج الطاقة في الدول النامية، حيث من المرجح انخفاض حصة الفحم بنحو 8,2%، والكتلة 3,7%. وعلى الجانب العكسي، ترتفع حصة الغاز في هذه الدول بنسبة 8,5%، مع ارتفاع في حصة موارد الطاقة المتجددة الأخرى بنسبة تصل إلى 3%.
وتشير توقعات تقرير أوبك، إلى أن 93% من نمو طلب الطاقة في المستقبل، في الفترة بين 2014 إلى 2040، يجيء من الدول النامية، بنحو 35 مليون برميل من مكافئ النفط، للغاز، ونحو 22,9 مليون برميل للنفط، و18,4 مليون برميل للفحم.
وفي العموم، يرتفع طلب الطاقة في هذه الدول بنسبة سنوية قدرها 2,1% خلال تلك الفترة، مع توقعات بتحقيق الطاقة المتجددة، لنسبة كبيرة من النمو تقدر بنحو 7,3% سنوياً، يليها الطاقة النووية بنحو 7,1%، بينما لا يزيد نمو طلب الكتلة على 1% فقط.
16,7% حصة الفحم من مزيج الطاقة
في منطقة يورآسيا، وخلال فترة توقعات التقرير، تنخفض حصة الوقود الأحفوري بصور أكثر وضوحاً، حيث يستحوذ الفحم على النصيب الأكبر من التراجع بنحو 2,5%، ليصل إلى 16,7% من مزيج الطاقة بحلول 2040، من واقع الحصة الحالية عند 19,2%.
وربما تجيء الزيادة بنحو 4,3 مليون برميل من مكافئ النفط يومياً في طلب الطاقة خلال فترة التوقعات، من الغاز عند 1,6 مليون برميل، بينما تشكل النووية 1 مليون برميل، والنفط 0,6 مليون برميل، والمصادر الأخرى من الطاقة المتجددة بنحو 0,5 مليون برميل يومياً.
وعموماً، يشهد طلب الطاقة في منطقة يورآسيا، نمواً بنحو 0,6% سنوياً بين 2014 إلى 2040، لتُحظى موارد الطاقة المتجددة بالقدر الأكبر عند وتيرة قدرها 11,8% سنوياً، ونحو 1,9% للنووية. أما الفحم، فيسجل نمواً متضائلاً لا يتعدى سوى 0,1% فقط.
وفي الصين التي تتميز بغزارة الموارد الطبيعية للفحم، يهيمن المعدن الأسود على طلب الطاقة بحصة تزيد على 65% من مزيج الطاقة في البلاد. ومن المرجح استمرار هذه الهيمنة حتى حلول عام 2040، على الرغم من أن من المتوقع تراجع حصته إلى 52%.