أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة – DW
يودع اللاجئ طلبات الحصول على شقة لدى شركة تأجير المساكن فيأتيه الرد بالرفض فيضطر الى الإستعانة بالسمسار ليحصل على مسكن من نفس الشركة مقابل مبلغ معتبر.كيف يسترد اللاجئ حقوقه ومن المتسبب في استغلال اللاجئين بهذا الشكل؟
السمسرة نشاط معروف منذ القدم في ألمانيا وهي عمل مشروع طالما هو مصرح به، إلا أنها تتحول في بعض الحالات إلى نشاط إستغلالي حين يمارس في إطارغير قانوني، ما أوقع عدد من السوريين الباحثين عن سكن في ألمانيا ضحايا سماسرة البيوت غير القانونيين الذين ينشطون خفية.
وتفاقم الوضع في ظل أزمة السكن في المدن الكبرى التى يكثر عليها الطلب، بحيث يقدم اللاجئ السوري للسمسار مبلغاً كبيراً ولا يبالي من أجل تحقيق مبتغاه وهو السكن في مكان يلائمه، على غرار مدن فرانكفورت وبرلين وهامبورغ أو ضواحيها، حيث يجد فيها فرصا أكبر لتعلم اللغة والتدريب المهني و العمل والقرب من أبناء جلدته المقيمن قبله في بألمانيا.
ألوف اليورو دفعت للسماسرة لأجل سكن!
جلب إنتباهه منشورعلى صفحة غروب بفيسبوك يعرض إيجار مسكن، فسارع للإتصال بصاحب الاعلان ثم رتب موعدا لرؤية السكن وانطلق الشاب السوري في اليوم التالي مغادرا مدينة شتوتغارت موطئ قدمه الأول بألمانيا قبل عامين، حاملا حقائبه إلى مدينة زالسغيتر بمقاطعة نيدرزاكسن طاويا مسافة لا تقل عن 700 كلم أملا في الحصول على سكن فردي بعدما باءت كل محاولاته السابقة بالفشل.
في لقاء مع DW عربية شرح حمزة البني البالغ من العمر 20 عاما كيف حصل على سكنٍ للإيجار بعد أن كان ضحية عملية سمسرة غير قانونية تعرف على صاحبها عن طريق منشور في فيسبوك.
" لن نتحدث في شىء قبل رؤيتك للبيت" هذا ما قاله السمسار"عبد الله" حسب الاسم الذي أعلنه لمحدثنا عبر مكالمة هاتفية . هذه العبارة حملته على الانتقال مسرعا برفقة قريب له الى مدينة زالسغيتر متكبدا عناء سفر طويل ومكلف حسب وصفه.
وأضاف ابن العشرين ربيعا، طلب منى الرجل صاحب الاعلان"السمسار" أن أدفع له مبلغ 400 يورو مقابل حصولي على البيت واتمامه لإجراءات مكتب العمل، وهذا ما حدث فعلا لكن دون أن يعطيني وصل استلام المبلغ، كما تخاذل عن مساعدتي بالترتيبات الادارية مثلما وعد".
وأخبرنا الشاب السوري بأن هذا السمسار فلسطيني الأصل ويشغَله وسيط هولندي الجنسية، مما سهل عليه التواصل مع الزبائن الناطقين باللغة العربية. حالة أخرى استوقفتنا بنفس المنطقة زالسغيتر،أين حاول أستاذ جامعي لاجئ أن يغيَر سكنه إلى برلين بسبب فرص العمل المتاحة هناك حسب تقديره، لكنه اصطدم بسمسار يشترط مبلغ 4000 يورو مقابل أن يحقق له مبتغاه، لكن الميلغ المطلوب يفوق طاقة الاستاذ اللاجئ المادية مما جعله يعزف عن رأيه.
إقرأ: الشرطة البريطانية تعلن تفاصيل جديدة بهجوم مترو لندن
مشكلة لها سوابق في مدينة زالسغيتر
تعجَ مدينة زالسغيتر بالوافدين الجدد، ما جعل نشاط السماسرة بالمنطقة قويا. DWعربية عرضت هذا الاشكال على تسوبل كريت المكلفة بالتسويق والإعلام بشركة TAG لتأجير المساكن بمركز برلين، بسؤالها عن الاجراءات المتَخذة من قبل الشركة للحد من مشكل إستغلال السماسرة للاجئين، فأجابت المتحدَثة "منذ عام 2016 وضعنا في مدخل فرع زالسغيترإعلاناً باللغتين العربية والالمانية، يحذَرالباحثين عن سكن من تقديم العمولات سواء لوسطاء أو لعمال بالشركة".وامتنعت المتحدَثة عن الاجابة على سؤالنا لماذا وضعتم هذا الاعلان أمام مدخل مكتبكم بفرع زالسغيتر؟ هل شهد المكتب حالة غش؟ وردَت أنَ الجواب موجود عند الشرطة.
كيف أسترجع أموالي من السمسار؟
هل يمكن أن أسترجع أموالي التى أخذها السمسار مني، وكيف ذلك؟ سؤال يتوق عدد من ضحايا السمسرة الى طرحه، ويمنعهم من ذلك إما الخوف أوثقافتهم التي تبرئ السمسار وتعتبره الرجل الخدوم والمتعاون، على حد تعبيرهم "كثر خيرالسمسار، لولاه ما لاقينا بيت".
عن هذا السؤال أجابت من فرانكفورت المحامية نهلة عثمان المتخصصة في شؤون اللاجئين وقضاياهم لDW عربية بالقول:"نعم يمكن استرجاع المبلغ المدفوع بشكل غيرقانوني لسمسارغيرمصرح بعمله، برفع دعوى قضائية ضده مع تقديم الدليل".
وأوضحت أن وجود شاهدٍ واحدٍ يعد كافٍ أمام القاضي، كما يكفي أيضا تقديم دليل كتابي على الايميل أورسالة قصيرة او حتى بوست او تعليق على فيسبوك".
وأشارت المحامية الى أن القاضي يقرأ الدليل على الواتس اب لكن لا يأخذ به لصالح الضحية في الحكم.
"ضعف التخطيط بسياسة السكن هي السبب"
الألمان من ذوي الدخل الضعيف يشقُ عليهم الحصول على مسكن بقلب كبريات المدن، وليس اللاجئين وحدهم من يلقى هذه الصعوبات، فما هي أسباب هذه العقبات؟ بهذا الخصوص شرح كريم الواسطي الخبير بشؤون اللاجئين من هيلدسهايم لـDW عربية، مستشهدا بمدينة فرانكفورت ومساحة المكاتب الشاغرة فيها6،1 مليون متر مربع في مقابل عجز في الإسكان مقدّر بـ 230 ألف مسكن.
وهنا أشار محدَثنا إلى وجود ضعف في سياسة التخطيط للاسكان من قبل الحكومة، مشيراً إلى أن الوافدين الجدد يفضلون السكن بالمدن الكبرى لانها تمنحهم فرصا أكبر لدخول سوق العمل والتدريب المهني وتوفر لهم مزيدا من الدعم عبر مواطنيهم الذين سبقوهم للسكن فيها.
إقرأ: إعصار ماريا المدمر يقترب من بورتوريكو والجزر العذراء بأمريكا
إتفاق على رفض تأجير البيوت للاجئين؟
ولتكرار الفشل والاحباط يشكَ بعض الباحثين عن سكن في أن المؤجَرين من القطاع الخاص متفقون على رفض تأجير البيوت للاجئين المعتمدين على المعونة الاجتماعية .إذ يطلبون شروطاً تعجيزية مثل إشتراط كشوفات الراتب للأشهر الثلاثة الأخيرة.
و هو ما لايملكه معظم اللاجئين الذين مازالو في طور تعلم اللغة و يعتمدون على منحة الإعانة الاجتماعية، من بين هؤلاء إلتقتDW عربية الشاب إحسان بدرية الذي كشف أنه مقيم عند أخيه إلى حين إيجاد سكن.
ويقول الشاب السوري البالغ من العمر 32 عاما "طرقت أبواب ملاًك البيوت الخواص وأبواب الشركات من أجل الحصول على بيت يكون قريبا من مقر عملي، دون فائدة". وأضاف بأن الطريق الوحيد الذي بقى أمامه هو الاستعانة بأحد سماسرة منطقة بون التي يقطن بها . لكن اللاجئ بدى غير مقتنع بالفكرة ورافضا لها رغم صعوبة الوضع .
بطء الاجراءات الرسمية سبب لانتشار السمسرة
وأعتبر كريم الواسطي من مكتب توجيه اللاجئين بهانوفر أنّ العوامل التي سببت وقوع اللاجئين ضحايا للسماسرة العاملين بشكل غير قانوني، بأنها تكمن في عدم اتخاذ الحكومة لخطة مدروسة من أجل توفير المساكن لأصحاب الدخل الضعيف، حيث يبقى المشكل قائما لعدة سنوات و حتى قبل تدفق اللاجئين السورين إلى ألمانيا. وأشارالخبير إلى أنَ المشكل يطال حتى الألمان من نفس الفئة من ذوي الدخل الضعيف.
كما ذكر الواسطي أن مكاتب العمل تفرض حدا أقصى لسعر تأجير الشقة الذي تتوَلى دفعه، ويختلف سقف الدفع من مقاطعة الى أخرى في حين تظل عروض السكن المتوفرة أعلى من هذا الحد، ليبقى اللاجئ يتخبَط وحيدا من دون حل ومن ثمَ يقع بين أيادي السماسرة من شتى الجنسيات.
"مؤازرة الدولة اللاجئ في إيجاد مسكن هي الحل"
ومضى الواسطي الى القول إنّ هناك برنامجاً جاداً لإسكان اللاجئين يسمى "تسويق الاسكان" تبَنته كل من مدينتي فولدا و كولونيا، و نجحت في إسكان 293عائلة خلال سنة 2016.المشروع تولَى مساعدة اللاجئ بكل الإجراءات اللازمة لإيجاد سكن انطلاقا من مرحلة البحث ووصولا إلى مرحلة تأثيث البيت وتجهيزه. وأشار الواسطي الى ضرورة تعميم المشروع على كل ألمانيا.
وللإفادة استفسرت DW عربية من جمعية حماية المستهلك بمقاطعة نيدرزاكسن عن إمكانية حماية اللاجئين من استغلال السماسرة، وكان الرد بأن الجمعية غير مخوَلة بكل ما يتعلق بتأجيرالمنازل. يشار الى أن جمعية المستأجرين الألمان تختص بحماية حقوق المستأجر والترافع عنه قانونيا في ارجاء المانيا في حال حصول خلاف بينه وبين صاحب الملك Deutscher Mieterbund .
إقرأ أيضا: "تويتر" يحذف نحو 300 ألف حساب بسبب الترويج للعنف