الصين تستهدف مراكز تعدين العملات المشفرة

  • معدنو العملات المشفرة في الصين يتطلعون للهجرة مع تشديد السلطات الخناق على نشاطهم
  • الحظر الشامل الذي تفرضه الصين على تعدين العملات المشفرة أدى إلى شل هذه الصناعة
  • مناجم العملات الرقمية في الصين تشكّل 80% من مجمل التجارة العالمية بالعملات المشفرة
  • آسيا الوسطى وأمريكا الشمالية هي من الوجهات المفضلة التي يفكر المعدنون الصينيون بالانتقال اليها

تواصل السلطات الصينية حملتها ضدّ العملات المشفرة، إذ باتت تستهدف مراكز التعدين في سائر أنحاء البلاد بشكل كبير، وهو الأمر الذي انعكس على أسعار تلك العملات.

ووفقاً لوكالة “فرانس برس”، فإن “معدني تلك العملات في الصين يتطلعون للهجرة مع تشديد السلطات الخناق على نشاطهم”.

وفعلياً، فقد أدى الحظر الشامل الذي تفرضه الصين على تعدين العملات المشفرة إلى شل صناعة تمثل أكثر من نصف إنتاج البيتكوين العالمي، بحسب “رويترز“.

وعندما أمرت مقاطعة في منطقة شينجيانغ الصينية في شمال غرب البلاد بوقف أعمال تعدين العملات الرقمية هذا الشهر، سارع كريس تشو لنقل حواسيبه وآلات عملائه جنوباً، حيث أمضى أكثر من أسبوع في إعادة تجميعها في سيشوان.

وهناك، أي في سيشوان، تلقى تشو إشعاراً آخر من السلطات يطلب منه وضع حد لأعماله التعدينية. ووفقاً لـ”فرانس برس”، قالت شو الذي تتولى شركته صيانة آلات التعدين: “نحن نفكر في طرق للسفر إلى الخارج”.

وبشكل أساسي، فإن تشديد بكين الخناق على العاملين في تعدين العملات الرقمية، دفع تشو الى جانب الكثير من رجال الأعمال ومعدني العملات بالتخطيط للهجرة الى بلدان تتيح لهم متابعة مزاولة نشاطهم مثل الولايات المتحدة وكازاخستان.

وتعدين العملات المشفرة هو عملية تسمح للحواسيب بتوليد سلسلة من متواليات أرقام سداسية عشرية معقدة يتطلبها صك عملة افتراضية جديدة وتوثيق تعاملاتها المالية، وهي مهمة تتطلب كميات هائلة من الطاقة.

وتشكل مناجم العملات الرقمية في الصين 80% من مجمل التجارة العالمية بالعملات المشفرة، على الرغم من فرض حظر على التعاملات المحلية منذ عام 2017، وذلك بسبب الميزة التنافسية المتمثلة بالطاقة الكهربائية والأجهزة الرخيصة نسبيا.

إلا أن عدة مقاطعات صينية أمرت مؤخراً بإغلاق مناجم العملات هذه، وكانت سيشوان ثاني أكبر مقاطعة تعدين بتكوين في الصين، وفقاً لبيانات جمعتها جامعة كامبريدج، حيث كان يتم تتبع أهم عملة رقمية من هناك.

كذلك، أمرت السلطات الصينية بإغلاق مناجم العملات في مقاطعتي منغوليا الداخلية وتشينغهاي الغنيتين بالفحم والطاقة الكهرومائية، وحضت المواطنين على الإبلاغ عن أي عمليات غير قانونية.

وتم حتى الآن إغلاق أكثر من 90% من قدرة تعدين البتكوين في الصين، وفقاً لتقديرات نشرتها صحيفة “غلوبال تايمز” الحكومية.

إعادة توطين

ويقدّر تشو أن من 10 الى 20% من معدني العملات في الصين بدأوا بالانتقال الى خارج البلاد.

وقال تشو لوكالة فرانس برس: “لقد امضينا نحو عشرة ايام في طريقنا الى سيشوان لتتوقف العمليات هناك أيضاً”، وأضاف: “سيكون من الصعب علينا الاستمرار هنا”.

وأشار تشو الى أن شركته “اي ان بي تي سي” قبل اجبارها على الاقفال تعاملت مع مرفق لتوليد الكهرباء بقدرة 260 ميغاواط في شينجيانغ، وقال: “مع هذه الضربة التي تلقتها سيشوان، لم يتبق لنا شيء”.

كذلك، أعلنت شركة “بت ماينيغ” الصينية المدرجة في البورصة، الاثنين، أنها سلمت أول دفعة من 320 آلة تعدين إلى كازاخستان، بعد أن أمرت سلطات سيشوان شركات الطاقة بالتوقف عن إمداد مناجم العملات المشفرة بالكهرباء.

بدوره، اعتبر نيك كارتر الشريك في صندوق “كاسل آيلاند فانتشرز” في بوسطن أن هذا الوضع يشكل “إغلاقاً نهائياً فعالاً للتعدين في البلاد”.

ولفت الى أن من 50 الى 60% من الحوسبة الاجمالية المستخدمة في شبكة بتكوين يمكن ان تنتقل الى خارج الصين. وقال كارتر: “كل شخص تحدثت اليه في الصين ويعمل في تعدين العملات يبحث الآن عن مكان يستضيفه خارج البلاد”.

آفاق واسعة

ويؤكد المنخرطون في هذه الصناعة أنّ آسيا الوسطى وأمريكا الشمالية هي من الوجهات المفضلة التي يفكر المعدنون الصينيون بالانتقال اليها.

وقال معدن صيني يلقب بـ”لي” ولديه 3 مناجم تعدين عملات في كازاخستان: “عندما كان بإمكانك التعدين في الصين، لم يكن الكثير من الناس على استعداد للسفر الى الخارج”.

ولفت إلى أنه نقل عملياته الى كازاخستان عام 2018 للحصول على كهرباء أرخص، وهو الآن يعمل على مساعدة اصدقائه لنقل “آلاف عدة” من آلات تعدين البتكوين من الصين الى هناك.

غير أن آلان دورجييف رئيس “رابطة مؤسسة بلوكتشين” في كازاخستان يرى أن كندا والولايات المتحدة هما وجهتان محتملتان على الأرجح.

وأشار دورجييف إلى “روابط ثقافية أقوى” من خلال المجتمعات الصينية في هاتين الدولتين، محذراً من أن كازاخستان لديها نظام ضريبي وسلطة قضائية “أقل جاذبية”.

وقال كارتر إن نيويورك هي وجهة شهيرة أخرى، في حين تتم الاشارة الى تكساس باعتبارها موقع تعدين هام.

وقال حاكم الولاية الأمريكية الجنوبية الذي يملك موقفاً من هذه القضية: “تاريخياً، أكبر المخاطر التي يتعرض لها (معدنو العملات) ليست أسعار الكهرباء بل المخاطرة السياسية”.

وحالياً، يقول اقطاب هذه الصناعة إن الكثيرين ما زالوا يبحثون عن وجهات مناسبة.

طاقة ومخاوف مالية

وأشار محللون الى المخاطر المالية وأهداف متعلقة بالبيئة كسببين رئيسيين وراء تضييق الصين الخناق على العملات المشفرة.

وعملياً، فإنه لا يمكن تتبع عملات البتكوين وسائر العملات المشفرة الأخرى من قبل البنوك المركزية، ما يجعل من الصعب تنظيمها.

كذلك، يُعتقد أيضاً أن بكين تخشى انتشار الاستثمارات غير المشروعة وعمليات جمع الأموال، حيث لا رقابة على العملات المشفرة.

والإثنين، قال البنك المركزي الصيني إنه طلب من 5 بنوك كبرى وعملاق الدفع “علي باي” وقف التعاملات المتعلقة بالعملات المشفرة.

ومع هذا، فإن استهلاك الطاقة كبير خلال عمليات التعدين، في حين أن بكين تمضي قدماً في خطط لتحقيق خطة صفر انبعاثات بحلول عام 2060.

وعلى الرغم من أن المعدنين في سيشوان غالباً ما يستخدمون الطاقة الكهرومائية لتشغيل حواسيبهم، الا ان بعضهم يعتمد أيضاً على طاقة الفحم الحجري لتشغيل بعض عمليات التعدين.

ومن المتوقع أن يستهلك التعدين المشفر 0,6% من إجمالي إنتاج الكهرباء في العالم عام 2021، وفقا لبيانات جامعة كامبريدج.

ومع بدء هجرة المعدنين، قال كارتر “سيتم وقف نشاط التعاملات بشكل أبطأ، لفترة تمتد لعدة أشهر على الأرجح”.

وسط حملة الصين ضدّهم.. معدنو العملات المشفرة يفرّون إلى الخارج

صورة توضيحية لعملة “بيتكوين”. المصدر: pixabay