تتواصل معاناة نادي برشلونة الإسباني مع سلسلة من الأزمات المتلاحقة التي عصفت باستقرار قلعة كامب نو، وانعكست على المردود الفني للبلوغرانا خلال السنوات الأخيرة.
وعلى الرغم من رحيله عن إدارة النادي الكتالوني، إلا أن جوسيب ماريا بارتوميو، رئيس برشلونة المستقيل من منصبه، لايزال هو المتهم الأول في جميع الأزمات المالية والإدارية والفنية التي يعاني منها النادي في الوقت الحالي.
برشلونة لا يزال يسدد فاتورة خطايا بارتوميو
وتعددت خطايا بارتوميو خلال فترة توليه رئاسة النادي، ليصبح واحدًا من أكثر الشخصيات المكروهة من جانب جماهير البلوغرانا العريضة، حيث تُحمّل جماهير برشلونة الرئيس السابق للنادي الجانب الأكبر من المسؤولية عن تردي المستوى الفني للفريق خلال السنوات الأخيرة، بسبب سلسلة من القرارات الكارثية التي اتخذها هو ومجلس إدارته، ولايزال النادي الكتالوني يدفع ثمنها حتى الآن.
خطايا بارتوميو الإدارية وصلت لذروتها في مطلع العام الحالي، بعدما طالته إتهامات عديدة بالتعاقد مع شركة متخصصة في العلاقات العامة لتدير حملات هجومية عنيفة عبر مواقع التواصل الإجتماعي ضد بعض لاعبي برشلونة الحاليين والسابقين، وعدد من رموز النادي الكتالوني الذين اعتبرهم بارتوميو من بين قائمة خصومه.
وزلزلت هذه الفضيحة المدوية قلعة كامب نو، بإعتبارها واقعة غير مسبوقة في تاريخ الأندية الأوروبية الكبرى، وهو ما اضطر بارتوميو للتأكيد مرارًا علي أنه لا علاقة له بالأمر.
كما لخّص النجم البرازيلي داني ألفيس، لاعب برشلونة السابق، أزمة النادي بأنها حالة واضحة من فقدان الهوية، مُحمّلًا بارتوميو ومجلس إدارته مسؤولية معاناة البلوغرانا الفنية.
وأشار ألفيس في تصريحاته التي أدلى بها مؤخرًا لإذاعة ”راديو كتالونيا“ إلى أن برشلونة أصبح فريقًا تجاريًا لشراء وبيع واللاعبين، دون فلسفة واضحة، وهو ما أدى إلى فقدان الفريق لهويته الفنية التي ميزته على مر تاريخه الطويل.
وكانت اختيارات مجلس إدارة بارتوميو للمدربين من بين أبرز علامات انعدام الرؤية الفنية، حيث قامت الإدارة بالاعتماد على أسماء تدريبية لا تتناسب مطلقًا مع هوية البلوغرانا الفنية، على غرار إرنستو فالفيردي وكيكي سيتين، وهو ما أدى إلى تراجع مردود الفريق، وتردي نتائجه محليًا وأوروبيًا.
كما فشل بارتوميو فشلًا ذريعًا في إدارة سوق الإنتقالات، وظهر ذلك بوضوح في صيف عام 2017 عندما سمح للنجم البرازيلي نيمار بالرحيل عن قلعة كامب نو في صفقة قياسية بلغت حوالي 222 مليون يورو، قبل أن يهدر أموال الصفقة على جلب الثنائي فيليبي كوتينيو وعثمان ديمبيلي، وفشل كلاهما في تقديم أي إضافة فنية لتشكيلة البلوغرانا حتى يومنا هذا.
وأدى فشل مجلس الإدارة المستقيل في التخطيط لسياسة الميركاتو إلى إهدار مبالغ طائلة من خزينة النادي، وهو ما دفع برشلونة ثمنه غاليًا مع بداية أزمة فيروس كورونا المستجد، وهي الأزمة التي دفعت بالنادي الكتالوني إلى حافة الإفلاس بعد تقلُّص مداخيله بشكل غير مسبوق.
وعلى الرغم من تعدد خطايا بارتوميو ومجلسه طوال السنوات الماضية، إلا أن دخوله في صراع مع النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي كان بمثابة الضربة القاضية التي عجّلت برحيله عن قلعة كامب نو.
فبعد موسم صفري فشل خلاله البلوغرانا في التتويج بأي لقب محليًا وقاريًا، وانتهى بخسارة تاريخية أمام بايرن ميونخ الألماني بنتيجة 8-2 في ربع نهائي دوري أبطال أوروبا، خرج البرغوث الأرجنتيني عن صمته ليشن هجومًا عنيفًا على إدارة النادي ويطلب الرحيل بشكل رسمي.
وعلى الرغم من تراجع ميسي عن قراره لاحقًا، إلا أن النجم الأرجنتيني خرج في تصريحات صحفية أكد خلالها أن استمراره لم يكن إلا بسبب احترامه للنادي الذي دافع عن ألوانه طوال مسيرته الأسطورية في ملاعب أوروبا، مشيرًا إلى أن مجلس إدارة بارتوميو يدفع بالنادي الكتالوني نحو مصير مظلم.
وبعد استقالة بارتوميو ورحيله عن قلعة كامب نو، تنفس جمهور برشلونة الصعداء لانتهاء حقبة كارثية في تاريخ البلوغرانا، إلا أن النادي الكتالوني لايزال يسدد فاتورة الخطايا الإدارية حتى الآن.
وسجّل برشلونة في موسم الليغا أسوأ بداية له في المسابقة منذ 28 عامًا، حيث جمع الفريق 11 نقطة فقط من 8 مباريات، وهو ما وضعه في النصف الثاني من جدول الترتيب في سابقة نادرة الحدوث.
ويأمل جمهور البلوغرانا في عودة الاستقرار للنادي سريعًا، مع إجراء الانتخابات الجديدة في شهر يناير المقبل، بينما يبقى السؤال الذي يؤرق عشاق النادي: متى ينجح برشلونة في التخلص من تبعات حقبة بارتوميو الكارثية؟.