أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة (DW)
يستمر تحرش الرجال بالنساء في الشوارع المغربية بشكل يومي رغم وجود قانون يعاقب على ذلك، وقد تصل في أقصى الحالات حد الاغتصاب، في الوقت الذي تتعدد فيه طرق التحرش وتتنوع منطلقة من الشارع مرورا بوسائل النقل العام إلى أماكن العمل..
في هذا الصدد، روت مغربيات تفاصيل عن مآسي ترتكب بحقهن في صمت وتستّر، عنف واعتداءات جنسية وأرقام صادمة، تكشف واقعا مرا وتثير قلق منظمات المجتمع المدني التي تبحث عن أنجع السبل لإيقاف النزيف، وفق موقع "DW".
تقول إحداهن "اسمي رشيدة، من تاغجيجت بمنطقة كلميم (جنوب المغرب) أم لثلاثة أطفال، زوجي يعمل في فرنسا ولا يزورني إلا مرة سنوياً، كانت فرصة بالنسبة لوالده أن يغتصبني بالقوة أكثر من مرة وولدت طفلين بسببه، علم زوجي عندما حملت دون أن يواجه والده واكتفى بالقول "لن ينقصك شيء".
وأضافت بأن زوجها أخبرها أنه لا يستطيع تبليغ الشرطة لأن والده مسؤول عن "تزويدي أو حرماني من قفة الطعام الأسبوعية إذا امتنعت عن معاشرته" و"طلب زوجي تسجيلهم (الطفلين) بالحالة المدنية للالتحاق به إلى فرنسا كي يستفيد من تعويضات الرعاية الحكومية هناك".
تقول "نزوج إجباريا ونصمت عن العنف والاغتصاب لأن لا معيل لنا، في بلدتي حيث أقيم يكثر المهاجرون الذي يوكّلون آباءهم بعقد قرانهم على زوجاتهم، وبعضهم يقومون بدلا منهم بالمعاشرة"، هكذا تروي رشيدة تفاصيل من معاناتها ومعاناة نساء أخريات مثلها في بلدتها جنوب المغرب، وتضيف قائلة:"لقد حاولت الانخراط في تعاونية للماعز حتى أكافح ظروفي الصعبة، لكنني أفكّر في أولادي الذين يواجهون الآن مصيراً مجهولاً".
موضوع ذو صلة: مصريات يعترفن بتعرضهن للتحرش على مواقع التواصل
ناقوس خطر
تشبه حياة رشيدة، التي روت حكايتها لـ DW عربية، آلاف المغربيات المعنفات في مدن وقرى ومناطق نائية أو على الهامش، حيث تتعرض الإناث لعنف داخل الأسرة تحت صمت العائلة والأعراف، فضلا عن مواجهتها للعنف في الحياة العامة، إلى أن وصل عدد المغربيات المعنفات لهذا العام إلى 6 ملايين، أي ما يمثل 62% من مجموع نساء المغرب، أكثر من نصفهن متزوجات بما يقدر بـ 3 مليون و(700ألف) امرأة، وفق إحصائيات هيئة الأمم المتحدة للمرأة بالمغرب.
قالت ممثلة الهيئة ليلى الرحوي، والتي أعلنت هذه الإحصائيات، إن "العنف النفسي يأتي في المقدمة مستحوذاً على 48% من مجموع حالات التعنيف بعدد بلغ 4 مليون امرأة و(600ألف)"، إلّا أنّ الباحثة في الشؤون النسوية والمحامية، فتيحة شتاتو، تؤكد أن "العنف الجنسي يأتي بالمقدمة ثم الاقتصادي نظراً لعدة تغيرات اجتماعية تدفع المرأة لأن تخاطر في حياتها من أجل العمل ليلاً والتعرض للتحرش أو الاغتصاب".
وتشارك منظمات من المجتمع المدني في المغرب، ضمن فعاليات حملة عالمية أطلقتها هيئة الأمم المتحدة لمناهضة العنف تحت شعار "لنلوّن العالم برتقالياً" ووتواصل إلى يوم 10 ديسمبر/ كانون أول الحالي، وتحدث فيها أمين عام الأمم المتحدة، "أنطونيو غوتيريس"، قائلاً "بدون التصدي للعنف ضد المرأة، لن ننفذ أبداً خطة التنمية المستدامة لعام 2030".
وانطلقت فعاليات تضامنية مع المغربيات، من بينها تلوين نافورات بالرباط واحتجاج بمدينة تطوان، شمال المغرب، على الأوضاع المهينة التي تواجهها النساء العاملات على أبواب سبتة ومليلية، داعين إلى "إيقاف تأنيث الفقر وإطلاق مشاريع تمكن هؤلاء النساء اقتصادياً".
"عنف متجذر اجتماعياً"
تشير الإحصائيات إلى تصاعد مستوى العنف، فقد تعرضت ثلاثة ملايين امرأة للتعنيف المرتبط بالمساس بالحريات الفردية، وفق هيئة الأمم المتحدة للمرأة، إضافة إلى مليون و400 ألف مغربية تعرضن للعنف الجسدي، فضلاً عن 827 ألف تعرضن للعنف الجنسي، مقابل 181 ألف لعنف اقتصادي. وتظل هذه تقديرات نسبية وفق الخبيرة المغربية اشتاتو، فكثير من الحالات لا تعلن تعرضها للعنف كما فعلت رشيدة، وأشارت إلى أنّ عام 2010 وصلت نسبة العنف إلى 62.8% وفق المندوبية السامية للتخطيط (جهة حكومية)، مما يعني أن العنف الذي يتم بتستُّر قد يكشف عن أرقام صادمة.
تثير هذه المؤشرات قلقا لدى الخبراء والمنظمات المعنية بحقوق المرأة، حيث يسلطون الضوء على ضعف بنية الثقافة الاجتماعية والقانون في حماية المرأة، وتجذّر العنف في بنى اجتماعية جائرة وعدم ارتباطه بتصرفات فردية ومعزولة فقط، حيث يتأصل في عدد من المجتمعات العربية نتيجة ضعف أو غياب التربية الجنسية في ظل عولمة تفتقد بوصلة قيمية، ونتيجة ضعف القوانين في حماية المرأة وعدم توجيه الرأي العام الشعبي والهيئات الثقافية لقضايا المرأة بشكل جديّ.
يضاف إلى ذلك مسؤولية عدد من مواقع التواصل الاجتماعي في نشر ثقافة العنف دون رادع أو تحرك لمكافحته على أرض الواقع، ودور الإعلام في تنميط المرأة..
اقرأ أيضا: بالفيديو: تحرش بفتاة في الحافلة.. وهكذا انتقمت النساء منه!