أخبار الآن| صيدا- لبنان (رويترز)
توارث أصحاب (حمام الورد) العام التقليدي في مدينة صيدا اللبنانية المبنى جيلا بعد جيل إلى أن أصبح الآن مملوكا لمصطفى قطيش
الذي يحرص على الحفاظ عليه كما هو للأجيال القادمة، على الرغم من أن زيارة هذه الحمامات أصبحت الآن ترفا بعد أن كانت حاجة في الماضي لعدم توفر المياه في كل البيوت.
واستثمر قطيش نحو 40 ألف دولار في مشروع ترميم وتجديد الحمام موقنا بأنه استثمار مُجد لا سيما مع اهتمام الأجيال الأصغر سنا بالحمامات القديمة.
وقال مصطفى قطيش “أنا حتى لي ما أروح تعب بيي (حتى لا أُضيع تعب أبي) وأروح شغل أبي كان هون، حاولت قد ما فيني إنه أحافظ عليه، وزي ما هو أخليه، وشغله على أساس إنه يظله اسم بيي موجود. مثلاً بيقولوا حمام زين العابدين قطيش، مش حمام مصطفى قطيش، عرفت كيف، اسم الوالد بده يظل موجود”.
وأشار إلى رغبته في الحفاظ على الحمام كما هو من أجل الأجيال القادمة مضيفا “الجيل هيدا الجديد يا اللي طالع، يرغب يشوفوا أهالينا كيف كانوا يعملوا، هلق (الآن) طبعاً العالم بتحكي، الأهالي بتحكي إنه والله كنا نفوت على حمام الشيخ، كنا نفوت ع حمام الورد، حمام الزقليط، حمام السبع بنايات، حمام الجديد، فيه حمامات كتير بصيدا كانت، بس يا اللي هلق محافظ عليها، هو حمام الشيخ وحمام الورد مبدئياً، يعني هول اللي ماشيين”.
والحمامات القديمة التي تُعرف بالحمامات التركية لها شعبية كبيرة في لبنان حيث يوجد كثير منها في صيدا وطرابلس وحتى في العاصمة بيروت. لكن معظم تلك الحمامات أُغلقت خلال الحرب الأهلية اللبنانية بين 1975 و1990 وتحولت الآن لمواقع تراثية بوسع الناس زيارتها.
وقليل من تلك الحمامات هو الذي ما زال مفتوحا للناس كحمام يُستخدم في الاستحمام والاستجمام.
وفي مدينة صيدا القديمة بجنوب لبنان لا يزال حمام الشيخ مفتوحا ويستقبل رواده بينما تخضع حمامات الورد لأعمال ترميم وتجديد على أمل أن يُعاد للعمل في غضون شهر.
ويتذكر صياد السمك نبيه بوجي (70 عاما) أنه كان يتوجه إلى حمام عام نسائي مع أمه عندما كان طفلاً.
وعادة ما يكون هناك فصل في الحمامات العامة بالعالم العربي حيث تخصص للرجال أو للنساء.
ويتردد بوجي الآن على حمام الرجال مع أصدقائه من وقت لآخر حيث يقضون أوقاتا طويلة معا، ويصف الصياد المُسن الحمامات بأنها تاريخية.
وقال “هيدا الحمامات تاريخ، وأغلب العالم (الناس)، أغلب العالم، بتحب الحمام، بتنبسط بالحمام، ليش فيه نظافة بقلبه، وفيه يقعد الواحد ع بلاط النار، إذا كان عنده شي هيكي، بيقعد ع بلاط النار بينبسط، يعني هيدي شغلة الحمام نحنا خسرناها هلق”.
ومنذ 17 عاما يعمل السوري عدنان في الحمامات التركية بلبنان ويحفظ تماما الخطوات اللازمة لخدمة العملاء بشكل جيد.
وقال عدنان الذي يعمل في حمام الشيخ بصيدا “الزبائن بيبجوا من كل الأعمار، ما فيه يعني، الأكثرية هن شباب مجموعات مثلاً، بييجوا بيقعدوا ع البلاط، بيعملوا جو مثلاً، بيظهروا لبره، بيخلصوا من جوا، بيتعشوا بيطلبوا أراجيل (شيشة)، شاي، زهورات، هيدي هي”.
ويوضح عدنان أن تجربة الحمام التركي تبدأ بالجلوس على بلاط النار بحيث تسترخي جميع العضلات، ثم يتم تكييس أو فرك جسم العميل لإزالة الجلد الميت ولتلي ذلك مرحلة التدليك.
وأضاف عدنان أن العملاء يلفون أنفسهم في مناشف خاصة ويغادرون غرف البخار لتناول الطعام أو تدخين الشيشة وشرب الشاي.
وتطورت فكرة الحمام التقليدي في الدول الإسلامية حيث يؤكد الإسلام على أهمية النظافة والاغتسال، كما أنها حققت وظيفة اجتماعية مهمة، حيث يقضي الرجال والنساء ساعات في داخله للاسترخاء والثرثرة.
وقال زائر لأحد الحمامات القديمة يدعى يونس سلوم “من وقت لوقت، حلوة الواحد يتذكر الأشياء القديمة، والاشياء الماضية، وخاصةً الحمام التركي، إنه بنيجي من وقت لوقت بنتسلى، وبعده هيدا من الأشياء التراثية، لأن عدد الحمامات التركية بلبنان صار بينعدوا على أقل من الأصابع، كان بالقبل فيه حمامات كتير، هلق خفوا. فبعد حلو الواحد يعيش التراث، يعيش ها الحمام، فيها إحساس كتير حلو وتجرية كتير حلوة”.
ويوضح أثري من صيدا يدعى عمر حيدر أن إنشاء معظم الحمامات التركية في لبنان يعود للقرن السادس عشر أو أوائل القرن العشرين.
وحتى في حالة (حمام الورد) الأحدث نسبياً، والذي يعود إلى القرن الثامن عشر، فإن هندسته المعمارية الرائعة تشهد على العصور القديمة.
ويرى زوار تلك الحمامات أنه من الضروري الحفاظ عليها كتراث يستحق الرعاية.
من هؤلاء زائر يدعى شربل كرم الذي قال “صيدا سوق أثري قديم، هيدا لازم نحافظ عليه، ما نفكر إنه نهده (نهدمه)، أو نشيله أو نزيله، أو إنه ظاهرة الحمامات التركية هي خلاص دقة قديمة لازم نتخلص منها، لأ نحنا لازم نحافظ ع القديم ونعمل شيء جديد بيشبه قديمنا”.
ويتميز المبنى بمداخل مقوسة وجدران حجرية وسقف على شكل قبة مع فتحات مغطاة بزجاج ملون لمرور الضوء.
اقرأ المزيد:
الزواج عبر الإنترنت الأكثر نجاحا