أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة (bbc)
على مدار السنوات الـ 21 الماضية، أحيت فرقة أوركسترا فيينا للخضروات، المؤلفة من 10 عازفين جاءوا من المدينة، قرابة 300 حفلٍ موسيقيٍ في قاعاتٍ وأماكنٍ مكتظةٍ بالجماهير في مختلف أنحاء العالم. وعزف أعضاؤها في هذه الحفلات كل أنواع الموسيقى، من المقطوعات الكلاسيكية إلى موسيقى “التكنو” عبر أدواتٍ من ثمار اللفت، ليقدموا بذلك وجبةً شهيةً حافلةً وغنيةً بالإيقاعات. وقد أطلقت الأوركسترا حديثا ألبومها الرابع، بعد حملةٍ ناجحةٍ لجمع أموالٍ لصالح الأعشاب والنباتات الطبية.
تقول سوزانا غارتماير، التي تعزف على قرابة عشر من الأدوات الموسيقية المصنوعة من الخضروات، من بينها الماريمبا المصنوعة من الجزر , والناي المُعد من الفجل، إنه لا يمكن توقع ما يمكن أن يصدر عن الخضروات من أصوات “فحتى ثمار النوع نفسه تختلف فيما بينها. إنه لتحدٍ كبير”.
وبخلاف الآلات الموسيقية التقليدية التي يمكن أن تبقى قيد الاستخدام لمئات السنين، يمكن أن تفسد “الخضروات الموسيقية” هذه بسرعة، وهو ما يوجب على الأوركسترا إعداد أدواتٍ جديدةٍ منها في كل مرةٍ تستخدمها فيها.
ولذا ففي ساعات الصباح السابقة لمساء يوم الحفل، تتوجه مجموعة العازفين – التي تضم فنانين وروائيين ومصممين ومهندسين معماريين – إلى الأسواق القريبة من مكان العرض، ومعها قائمة مشترياتٍ مُفصلة. ثم تعكف المجموعة على التنقيب في الأقفاص عن مبتغاها، ليربت أفرادها على ثمار القرع , ويتلمسون أوراق البقدونس ويفحصون رؤوس البصل، من أجل اختيار الأفضل حالاً منها جميعاً.
وبعد ذلك، ينخرطون في تقطيع وثقب مشترياتهم من الخضروات، لتحويلها إلى أدواتٍ موسيقيةٍ جاهزةٍ للعزف عليها. وبمجرد الانتهاء من هذه العملية، يصبح بوسع العازفين استخدام هذه الأدوات لمدةٍ لا تتجاوز ست ساعاتٍ، وهو ما يجعلهم ينتفعون بالخضروات التي لا تُستخدم في العرض، لتحضير حساءٍ يُقدم للجمهور في أعقابه.
وفي احد الحفلات في دير يعود عمره إلى ألف عامٍ تقريباً، ويقع على مشارف مدينة كولونيا الألمانية، كان في انتظار الفرقة مفاجأةٌ غير سارة بل ومشكلةٌ كبيرة، فقد نسي أحدهم إحضار الباذنجان، كما كانت كميات الكوسا التي تم جلبها غير كافية.
وبينما هرع أحد العازفين للسوق لإحضار هذه المستلزمات، حوّل الباقون غرفة تبديل الملابس في ذلك الدير، إلى ما يشبه موقع بناء. فعلى مدار الساعتين التاليتين، انهمك العازفون بسكاكينهم وأدوات الثقب الخاصة بهم، في إحداث تجاويف في ثمار الخيار والجزر لتصبح ناياتٍ وأبواقاً، وفي قطع رؤوس قرون الفلفل بهدف تحويلها إلى آلات الترومبون، فضلاً عن تشكيل جذور الكرفس اللفتي وثمار القرع المُقطعة لشرائح في صورة طبولٍ كبيرة، وأخرى صغيرة مزدوجة من تلك المعروفة باسم “بونغو”.
ويتولى كل عضو من أعضاء الأوركسترا إعداد ما بين 8 و25 أداةً موسيقيةً قبل كل حفل. وبينما كان كلٌ منهم يختبر “آلاته” ويعكف على إعدادها لكي تُصدر النغمات المطلوبة منها، ترددت أصداء نغماتها على نحوٍ مفاجئِ ومدهشٍ في جنبات الدير.
وعن بداية المشروع قال ماتياس ماينهارتر – وهو أحد العازفين المؤسسين للفرقة – إن “الأمر كله بدأ بمزحة”، خلال مشاركته وثلاثة من زملائه اللاحقين في الأوركسترا في مهرجانٍ لفنون الأداء في جامعتهم في فيينا. حينها، ظل ورفاقه يفكرون في ما يمكن لهم تقديمه في المهرجان.
وقال “فكرنا فيما هو أصعب ما يمكن استخدامه للعزف الموسيقي. كنا نشارك حينذاك في تحضير حساءٍ، وتبلورت الأفكار تدريجياً” حتى وصلوا إلى فكرة تأسيس “أوركسترا الخضروات”.
وبعد 21 عاماً على تلك اللحظة، كانت الفرقة قد أحيت حفلاتٍ في أماكن شتى، من بينها قاعة ألبرت الملكية في لندن ومركز شنغهاي للفنون في الصين، وكذلك في قصرٍ لثريٍ من الطبقة الحاكمة في أوكرانيا، لتقديم عرضٍ بمناسبة عيد الميلاد الستين لبول مكارتني، أحد أعضاء فرقة البيتلز الشهيرة. وقال ماينهارتر في هذا الشأن: “أعتقد أن الأمر استهواه، فهو نباتي”.
كما أُدْرِجَت هذه الأوركسترا الفريدة من نوعها في موسوعة “غينيس” للأرقام القياسية، بوصفها الفرقة صاحبة العدد الأكبر من الحفلات التي استُخْدِمَت فيها “آلاتٌ موسيقيةٌ من الخضروات”. وشكّلت كذلك مصدر إلهامٍ أدى لظهور فرقٍ مماثلةٍ في أنحاء شتى من العالم، بينها واحدةٌ في العاصمة البريطانية لندن. وهكذا فبينما بدأ المشروع وكأنه مزحة، فإن المشاركين فيه الآن يأخذونه على محمل الجد.
مصدر الصور: bbc
للمزيد:
“أمل”.. أنثى قرد مصابة بـ74 رصاصة تصارع للحياة وطفلها يودعها (صور)