تعدّ الألواح الشمسية مصدراً مهماً جداً للطاقة المتجددة التي ستلعب دوراً أساسياً في مكافحة تغير المناخ. ومع هذا، فإنها تعتبرُ قطعاً معقدة من التكنولوجيا التي تصبح صفائح ضخمة من النفايات الإلكترونية عند انتهاء صلاحيتها. وفي الوقت الحالي، ليس لدى معظم العالم خطة للتعامل معها، إلا أننا سنحتاج إلى ذلك قريباً، لأن تخمة نفايات الألواح الشمسية قادمة.
وتوقعت الوكالة الدولية للطاقة المتجددة أن يصل ما يقارب 78 مليون طن متري من الألواح الشمسية إلى نهاية عمرها الافتراضي، كما أن العالم سينتج حوالى 6 مليون طن متري من نفايات الألواح الشمسية سنوياً. وفي حين أن هذا الرقم يمثل جزءاً بسيطاً من إجمالي النفايات الإلكترونيّة التي تنتجها البشرية كلّ عام، فإنّ طرق إعادة تدوير الإلكترونيات الأساسية لا يمكن فصلها عن الألواح الشمسية، إذ يتطلب أمر استعادة المواد الأكثر قيمة من أحدها، بما في ذلك الفضة والسيليكون، حلول إعادة تدوير مخصصة. وفي حال فشلنا بتطوير هذه الحلول جنباً إلى جانب، فإننا نعلم ما سيحدث. وفي السياق، قال الباحث في مجال الطاقة الشمسية بجامعة ولاية أريزونا منغ تاو: “إذا لم نفرض بإعادة التدوير، فإنّ العديد من الوحدات ستذهب إلى مكبّ النفايات”.
وتتكّون الألواح الشمسية من خلايا ضوئية تحول ضوء الشمس إلى كهرباء. عندما تدخل هذه الألواح إلى مدافن النفايات، تذهب الموارد القيّمة هدراً. ولأن الألواح الشمسية تحتوي على مواد سامة مثل الرصاص التي يمكن أن تتسرب إلى الأرض أثناء تحللها، فإن طمر النفايات يخلق أيضاً مخاطر بيئية جديدة.
ويزعم معظم المصنعين المتخصصين بالطاقة الشمسية أن ألواحهم ستستمر لمدة 25 عاماً تقريباً. ولم يبدأ العالم في نشر الطاقة الشمسية على نطاق واسع حتى أوائل القرن الحادي والعشرين. ونتيجة لذلك، يتم إيقاف تشغيل عدد صغير نسبياً من الألواح الشمسية في أيامنا هذه.
وتقوم “PV Cycle”، وهي منظمة غير ربحية مكرسة لاستعادة الألواح الشمسية وإعادة تدويرها، بجمع آلاف الأطنان منها عبر الاتحاد الأوروبي كل عام، وفقاً للمدير يان كلينك. ويتضمن هذا الرقم الألواح الشمسية التي وصلت إلى نهاية عمرها الافتراضي، وأيضاً تلك التي تم إيقاف تشغيلها مبكراً لأنها تعرضت للتلف أثناء عاصفة، أو كان بها عيب في التصنيع، أو تم استبدالها بنموذج أحدث وأكثر كفاءة.
وعندما تصل الألواح الشمسية إلى نهاية عمرها اليوم، فإنها تواجه بعض المصائر المحتملة. وبموجب قانون الاتحاد الأوروبي، يُطلب من المنتجين التأكد من إعادة تدوير الألواح الشمسية بشكل صحيح. ففي اليابان والهند وأستراليا، فإنّ متطلبات إعادة التدوير قيد الإعداد. أما في الولايات المتحدة، باستثناء قانون الولاية في واشنطن، ليس هناك أي تفويضات لإعادة تدوير ألواح الطاقة الشمسية على الإطلاق.
وقال سام فاندرهوف، الرئيس التنفيذي لشركة “Recycle PV Solar”: “في الوقت الحالي، نحن على ثقة تامة من أن هناك 10% فقط من الألواح الشمسية أعيد تدويرها”، موضحاً أن “الباقي يذهب إلى مكبات النفايات أو يتم تصديره إلى الخارج لإعادة استخدامه في البلدان النامية ذات الحماية البيئية الضعيفة”.
وحتى عند حدوث عملية إعادة التدوير، فإنّ هناك مجالات كثيرة للتحسين. فالألواح الشمسية هي في الأساس صفيحة إلكترونية، والحشوة عبارة عن طبقة رقيقة من خلايا السيليكون البلورية المعزولة والمحمية من العناصر الموجودة على كلا الجانبين بواسطة صفائح من البوليمرات والزجاج، وكل ذلك متماسك في إطار من الألومنيوم. وفي الجزء الخلفي من اللوحة، يحتوي صندوق التوصيل على أسلاك نحاسية تنقل الكهرباء بعيداً أثناء توليدها.
وفي منشأة نموذجية للنفايات الإلكترونية، ستتم معالجة هذه الصفائح عالية التقنية بدرجة عالية. وغالباً ما يخلع القائمون بإعادة التدوير إطار اللوحة وصندوق التوصيل الخاص بها لاستعادة الألومنيوم والنحاس، ثم يقطعون بقية الوحدة، بما في ذلك الزجاج والبوليمرات وخلايا السيليكون، والتي يتم تغليفها في قطب كهربائي فضي ولحامها باستخدام القصدير والرصاص.
ويقدر تاو وزملاؤه أن وحدة إعادة التدوير التي تفكك لوحة سيليكون قياسية مكونة من 60 خلية يمكن أن تحصل على حوالى 3 دولارات من مواد الألمنيوم والنحاس والزجاج التي تمت استعادتها. في غضون ذلك، يقول فاندرهوف إن تكلفة إعادة تدوير تلك اللوحة في الولايات المتحدة تتراوح بين 12 دولاراً و 25 دولاراً بعد تكاليف النقل، والتي تساوي في كثير من الأحيان تكلفة إعادة التدوير. وقال مينج: “نعتقد أن النقطة العمياء في الولايات المتحدة لإعادة التدوير هي أن التكلفة تفوق بكثير الإيرادات”.
إلى ذلك، دعا فريق بقيادة علماء المختبر الوطني للطاقة المتجددة في الولايات المتحدة، إلى تطوير عمليات إعادة تدوير جديدة يتم فيها استعادة جميع المعادن بنقاوة عالية، بهدف جعل إعادة التدوير مجدية اقتصادياً ومفيدة بيئياً قدر الإمكان. وبالإضافة إلى تطوير طرق إعادة تدوير أفضل، يجب أن تفكر صناعة الطاقة الشمسية في كيفية إعادة استخدام الألواح لأغراض مختلفة وجديدة كلما أمكن ذلك، حيث من المحتمل أن تجلب الألواح الشمسية المستخدمة سعراً أعلى من المعادن الموجودة بداخلها.
ولكي تنمو صناعة إعادة تدوير الطاقة الشمسية بشكل مستدام، فإنها ستحتاج في النهاية إلى سياسات وأنظمة داعمة. قد يكون نموذج الاتحاد الأوروبي المتمثل في جعل المنتجين يمولون استعادة وإعادة تدوير الألواح الشمسية نموذجاً جيداً للولايات المتحدة لمحاكاته. ولكن قبل أن يحدث ذلك، يحتاج المشرعون الأمريكيون إلى إدراك أن المشكلة موجودة وأنها تزداد اتساعاً، وبالتالي يجب التحرك سريعاً.
مسنة تحول النفايات إلى مقتنيات عصرية في يانغون
أطلقت إمرأة مسنة تبلغ من العمر 68 عاما تعيش في ضواحي مدينة يانغون بميانمار مشروع ” البيت البلاستيكي” الذي تقوم من خلاله بإعادة تدوير ما تستطيع من النفايات التي تجتاح مدينتها.