أخبار الآن | دبي – الامارات العربية المتحدة – (وكالات)
يعتبر الصيف موسم شي اللحوم في الحدائق، لكنه يعتبر أيضاً موسم"البنزوبيرين" الذي ينطلق عن حرق المواد الكربونية والعضوية ويسبب السرطان.
الواقع ان مادة بنزوبيرين (أو بنزولبيرين) تنطلق عند احتراق دهون اللحوم وغيرها على الكاربون (الفحم) المتقد، لكنها يمكن أن تنطلق عند حرق مختلف المواد العضوية وحطب التدفئة، وتصنفه مفوضية الاتحاد الأوروبية كمادة مهيجة للسرطان، وسرطان الرئة على وجه الخصوص.
ويقول العلماء من جامعة ميونخ التقنية في ألمانيا انهم تمكنوا من إيجاد جسيم مضاد يتولى تحييد بنزوبيرين، ويعد بالتالي بوقاية الإنسان من أنواع خطيرة من الأمراض السرطانية. ويتحد الجسيم المضاد المذكور مع مادة بنزول بيرين ويحوله إلى مركب غير خطر على صحة الإنسان.
وذكر البروفيسور ارنه سكيرا، من جامعة ميونخ التقنية، ان اكتشاف الجسيم المضاد للبنزوبيرين يعد بمعالجة مشكلة بيئية عالمية نجمت عن حرق الخشب والمواد العضوية من قبل الإنسان، لأغراض الطبخ والتدفئة، منذ آلاف السنين.
وحينما درس الباحثون قارورة تجميل، يعتقدون بأنها تعود إلى الملكة حتشبسوت "الفرعون الخامس من عصر الأسرة الثامنة عشرة في مصر القديمة"، وجدوا في الداخل مكونات ضارة مثل زيت النخيل وجوزة الطيب. وكانت القارورة تحتوي أيضاً على كريم مادة كيميائية عطرية هي"بنزوبيرين"، مما دفعهم للاعتقاد ان حتشبسوت ماتت بسبب السرطان في عام 1458 قبل الميلاد، ربما بسبب هذه المادة.
وعلى هذا الاساس فإن المادة الضارة تسللت طوال هذه القرون إلى التربة والهواء ومن ثم منهما إلى مياه الأنهر والمياه الجوفية. ويفتح الكشف عن الجسيم المضاد الباب أمام اكتشاف مرشحات تنظف الدخان والمياه والتربة من بنزوبيرين.
وأضاف سكيرا ان الاحتراق غير الكامل للمواد العضوية يطلق مادة كربونية عطرية متعددة الحلقات معروفة على المستوى العالمي باسم(PAK). ويعتبر البنزولبيرين من أهم مكونات هذه المجموعة العطرية الحلقية ويحمل الاسم الكيمياوي (BaP). ويتحول البنزوبيرين في جسم الإنسان، بعد استنشاقه، إلى جزيئة راديكالية تحدث تغييرات غير طبيعية على العوامل الوراثية في الخلايا، وتؤدي في بعض الحالات إلى نشوء نمو سرطاني.
وفضلاً عن الدخان الناجم عن شي اللحوم والطبخ، فإن البنزوبيرين ينطلق بكميات كبيرة عن التدفئة بواسطة المدافىء المفتوحة. وينطلق بكميات خطيرة أيضاً مع دخان السجائر، وهو خطر على حياة المدخنين الايجابيين والسلبيين.
يوجد البنزوبيرين بشكل طبيعي في قطران الفحم، كما يتواجد في الغازات المنطلقة من عادم الغازات في السيارات. كما عثر على آثار منه في حبوب البن المحمّصة، وفي اللحوم المشوية واللحوم المدخنة.
وهناك ارتباط بين نسبة الكربون في الكون وبين الهيدروكربونات العطرية متعددة الحلقات، حيث أن أكثر من20% من الكربون في الكون مترافق ومرتبط في مركبات PAK.
وصنف الاتحاد الأوروبي البنزوبيرين كمادة مسببة للسرطان بقوة، ولذلك فقد وضع حداً أعلى لتواجدها في مياه الشرب. ولايمكن الكشف عن نسبة هذه المادة في المياه إلا باستخدام تقنيات معقدة ومكلفة، ولهذا فإن اكتشاف الجسيم المضاد لها يمكن ان يسهم في تشخيصها وتقدير نسبتها، وفي تحييدها أيضاً.
ويتوقع البروفيسور ديتمار كنوب، المتخصص بالكيمياء التحليلية من جامعة ميونخ التقنية، الذي شارك في البحث، ان يؤدي الكشف عن الجسم المضاد للبنزوبيرين إلى الكشف عن جسيمات اخرى مضادة لكافة أعضاء المادة الكربونية العطرية الحلقية في عائلة PAK. واضاف كنوب ان طريقة اتحاد الجسيم المضاد مع البنزبيرين"فريدة"، وهي ما تشجع على استخدامها في الوقاية من انتشار المادة العطرية السامة.
ويقول البروفيسور سكيرا إن الخطوة الأولى ستكون ابتكار مرشحات لدخان التدفئة والمصانع والسجائر من البنزوبيرين. اما تطبيقها على شي اللحوم في حديقة المنزل فلن يكون سهلاً، وحتى تحقيق ذلك ينصح بعدم شي اللحوم حد الاحتراق، والحرص على ان لاتسقط الدهون الصادرة عن اللحوم على الفحم المتقد.
الجدير بالذكر ان دراسات سابقة اشارت إلى ان بنزوبيرين هو أكثر المركبات الحلقية العطرية فعالية على المرأة الحامل. وتشير الدراسات إلى ان تركز هذه المادة بكثرة في الرحم يمكن أن يؤدي إلى تقليل عامل ذكاء الطفل واصابة الرضيع مبكراً بالربو. كما يمكن لبنزوبيرين ان يؤدي إلى حدوث تشوهات جنينية في القلب، وإلى تغيّرات وراثية غير حميدة في الحمض النووي في خلايا جسم الجنين.
اقرأ أيضا: هل سنأكل الحشرات بدلا من اللحوم ؟