أخبار الآن | سوريا (فايننشال تايمز)
لجأ العاملون في القطاع الصحي بالعاصمة السورية دمشق، إلى خياطين ليحيكوا لهم كمامات وجه وقفازات علها تقيهم من شر فيروس كورونا، الذي يعيث فسادا في طول العالم وعرضه.
وقالت زينب وهي طبيبة تعمل في أحد مستشفيات دمشق، في اتصال هاتفي مع معد تقرير نشرته صحيفة “الفايننشال تايمز” البريطانية، إن “الأطباء في دمشق حالهم حال المواطنين العاديين، ليس لديهم أي وسيلة للوقاية من فيروس كورونا”.
أعداء جدد
على بعد 300 كيلومتر إلى الشمال، وتحديدا في محافظة إدلب، قال طبيب، إن مشاهد تجول الناس في شوارع المدينة وهم ينعمون بهدوء “هش” قد أرعبته، فلم يكن أحد يفكر بعدو جديد اسمه فيروس كورونا.
وقال الجراح الذي رفض الكشف عن اسمه الحقيقي مفضلاً إطلاق تسمية نفسه “محمد أبرش”: “ليس لدينا ما يكفي من الأطباء ووحدات العناية المركزة لعلاج مصابي كورونا”.
حتى ساعة إعداد هذا التقرير، لم تسجل في سوريا سوى 19 إصابة مؤكدة بفيروس كورونا، ولكن مع عدم وجود معدات اختبار دقيقة للكشف عن الفيروس، يشكك الكثيرون في صحة تلك الاحصائية.
وكان “مارك لوكوك”، منسق “إغاثة الحالات الطارئة” في الأمم المتحدة، قال لمجلس الأمن الدولي في نهاية شهر مارس / آذار الماضي، إنه يتخوف من تفاقم عدد الإصابات في سوريا، مشبهاً ذلك بكرة الثلج التي تتدحرج لتشكل لاحقاً جبلاً جليدياً من الإصابات.
جنائز داخل سيارات إسعاف
في محافظة السويداء القريبة من العاصمة السورية دمشق، أفاد صحفيون محليون أنه تم إجراء “مراسم جنائز غريبة” تتم داخل سيارات إسعاف وتدفن الجثث بطريقة سريعة، لأشخاص كانوا قد اصيبوا بالتهاب رئوي حاد.
وكانت منظمات إنسانية طلبت من منظمة الصحة العالمية الشهر الماضي، المزيد من الدعم، وتساءلت عن شفافية تقارير الحكومة حول مدى انتشار كوفيد-19 في سوريا وحذرت من “تداعيات مروعة” محتملة على السكان.
الخطير وفق ماتراه الصحيفة البريطانية في تقريرها، أن بلداناً متقدمة في الخدمات الطبية، ترنحت تحت ضربات فيروس كورونا، فكيف هو الأمر مع نظام صحي شبه مشلول في بلد أنهكته الحروب والدمار.
المستشفيات.. أهداف بوتين والأسد
على مدار السنوات السابقة، شنت طائرات النظام السوري وطائرات روسية عشرات الغارات الجوية على مستشفيات ونقاط طبية، كما اعتقل النظام مئات الأطباء والممرضين منذ اندلاع الثورة عام 2011، وقتل كثير منهم تحت التعذيب في السجون والمعتقلات.
وتؤكد صحيفة الفايننشال تايمز، أنه على مر سنين الحرب، تم استهداف الأطباء بلا هوادة، حيث وثقت منظمة “أطباء من أجل حقوق الإنسان” ومقرها الولايات المتحدة الأمريكية، مقتل 923 طبيًبا منذ عام 2011، وتقول منظمة الصحة العالمية، إن ما يصل إلى 70% من الطاقم الطبي فروا من سوريا.
ووفقاً لبيانات منظمة الصحة العالمية، بعد 600 هجوم على المرافق الصحية منذ بدء النزاع، فإن نصف المستشفيات العامة والمراكز الصحية السورية تعمل بكامل طاقتها. وتقول دراسة أجرتها كلية لندن للاقتصاد، إن هناك 325 وحدة فقط من وحدات العناية المركزة لخدمة سكان يبلغ عددهم حوالي 17 مليونًا.
إيران.. مركز تصدير المقاتلين والوباء
لم توقف دمشق رحلاتها من وإلى إيران التي تعاني الأمرين من فيروس كورونا، لكنها وضعت بعض الركاب السوريين في مركز الحجر الصحي المؤقت عند وصولهم.
أحد الركاب الذين تم عزلهم بعد عودته من إيران، كشف للصحيفة البريطانية، أن المنشأة التي تم عزله فيها غير صحية، وقال: “المراحيض تحتاج إلى مرحاض لتنظيفها”، وفق تعبيره.
الراكب الذي لم تكشف الصحيفة عن اسمه، شدد على أنه لم يخضع لاختبار Covid-19 على الرغم من طلبه للسلطات إجراء فحص للتأكد من خلوه من المرض.
مساعدات خجولة
وتؤكد منظمة الصحة العالمية أنها أرسلت مجموعة أجهزة للكشف عن كورونا إلى سوريا، إضافة إلى معدات طبية أخرى، مثل أجهزة تنفس وأسرة إضافية.
وفي المنطقة الشمالية الغربية من البلاد، والتي تشمل محافظة إدلب، تم تحليل 20 اختبارًا فقط حتى الآن، 18 منها كانت سلبية ومجموعتان من النتائج لا تزال معلقة، وفقًا للمنظمة العالمية.
وقالت الأمم المتحدة، إنها تعمل على إرسال المزيد من الأجهزة إلى سوريا، في حين أن مدير الصحة في إدلب، هاجم التزام الأمم المتحدة بأنه “لا يزال مجرد كلمات على الورق”.
أرض خصبة للفيروس
في مدينة الرقة بشمال شرق البلاد، قال فني مختبر طلب عدم الكشف عن هويته، إن أجهزة الاختبار وصلت الأسبوع الماضي فقط.
وأثار بطئ إجراء الاختبارات في سوريا، قلق وكالات الإغاثة الدولية التي حذرت من أن المخيمات التي تشغل مساحة كبيرة في شمال البلاد والمكتظة بالنازحين يمكن أن تصبح “أرضا خصبة للفيروس”.
من جانبها حذرت لجنة الإنقاذ الدولية، من أنه في مخيم “الهول” المترامي الأطراف، والذي يسكنه 68 ألف شخص، يمكن أن ينتشر الفيروس بشكل أسرع مما انتشر على متن سفينة “دايموند برينسيس”.
وتختتم الفايننشال تايمز تقريرها، بأنه على الرغم من النقص الشديد في الموارد وأجهزة التنفس وكذلك الأطباء الذين اعتادوا على علاج الإصابات الناتجة عن المعارك في سوريا، فإن ذلك لم يمنع الطواقم الطبية من التفاؤل، ولسان حالهم في ذلك ربما ينطق بما اعتادوه على مواجهة للموت في سنين حرب طوال.
أقرأ أيضا:
“العفو الدولية”: مقتل سجناء على أيدي قوات الأمن الإيرانية بسبب كورونا