“ضربة الشمس”.. من المشاكل المميتة في مواجهة الحر
في ظل درجات الحرارة المرتفعة التي تشهدها البلدان كافة، تُعدّ “ضربة الشمس”، وهي ارتفاع في درجة حرارة الجسم لمستوى قد يكون قاتلاً، من أخطر المشاكل الصحية التي يُحتمل أن يتعرض لها الأشخاص.
وفي مواجهة الحرّ الذي يؤثر على عمله بمجرّد أن تتجاوز درجة الحرارة 25 درجة مئوية، يطلق جسم الإنسان آليات عدة لتبريد نفسه حتى تبقى حرارته عند 37 درجة (التعرق، زيادة تدفق الدم في الشرايين القريبة من الجلد).
لكن في بعض الأحيان، لا تكفي ردات فعل الجسم هذه، ويتحول منظم الحرارة الداخلي إلى اللون الأحمر. فيكون الشخص تالياً أمام ضربة شمس.
وتحت تأثير ارتفاع درجة الحرارة، يصبح معدل نبضات القلب غير منتظم مع تسارعها بصورة كبيرة، كما وتصبح عمليتا التنفس والتهوية الرئوية متسارعتين أيضاً. وعلى الرغم من ارتفاع درجة الحرارة الداخلية، يحتبس الجسم المياه قدر إمكانه، فيما يتوقف عن التعرق ويصبح لون البول داكناً، وقد يتوقف الشخص عن التبوّل لساعات عدة.
وثمة علامات تحذيرية عدّة على الشخص التنبّه لها، وهي الحمى لأكثر من 40 درجة مئوية، ونبضات قلب سريعة جداً، وسخونة واحمرار وجفاف في البشرة، وصداع، وغثيان، وقيء، واضطرابات في الإدراك “نعاس أو التابس في الأمور أو انفعال أو عدوانية”.
وتُعدّ ضربة الشمس أكثر خطورة من مشاكل أخرى يتسبب بها الحرّ لكن من حدوث حمى “تشنجات بسبب الحرارة” أو مع حمى معتدلة “ضربة شمس خفيفة”.
وقد تتسبب ضربة الشمس بتخثر الدم الذي يؤدي بدوره إلى تلف في الدماغ أو غيبوبة أو حتى الموت في حال لم يتلق المريض معالجة في الوقت المناسب.
ويُعدّ الأطفال الصغار، أي دون الخامسة، وكبار السنّ الذين لديهم آليات دفاع أقل فعالية، الأكثر عرضة لخطر التعرض لضربة شمس.
وقد يرتفع خطر الإصابة بضربة شمس لدى مَن يعاني وضعاً صحياً سيئاً أو إسهالاً أو حمى، أو مَن يتناول بعض الأدوية كالمهدئات ومدرات البول، أو يستهلك الكحول الذي يتسبب بجفاف الجسم.
الاتصال بخدمات الطوارئ
لكنّ البالغين الأصحاء ليسوا بمنأى عن ضربة الشمس، خصوصاً وإن كانوا يعملون أو يمارسون الرياضة في الهواء الطلق بظل درجات حرارة شديدة.
ومن شأن الجهد العضلي الكبير أو الطويل أن يعرّض الشخص لخطر الإصابة بـ”ضربة شمس إجهادية” “ناجمة عن مجهود” أو بـ”ارتفاع درجة الحرارة بسبب الجهد”، من خلال تعزيزه خطر تخطّي درجة حرارة الجسم الحدود التي يحتملها.
كذلك، تظهر انحرافات في السلوك، إذ تصبح طريقة مشي الشخص كما لو أنه مخمور، وتتزايد سرعة غضبه، بالإضافة إلى إصابته باهتزاز مع تلفّظه بعبارات غير مفهومة.
وفي حال شعر الشخص أنه يتعرض لضربة الشمس مع بروز مؤشرات إلى ذلك، عليه الاتصال بخدمات الطوارئ.
وتقول منظمة الصحة العالمية في أوروبا “إذا عانى الشخص من بشرة ساخنة وجافة، وكان مصاباً بالهذيان أو يشعر بتشنجات أو فقد الوعي، فعليه الاتصال بطبيب أو بخدمات الطوارئ فوراً” وخلال الانتظار، من الضروري تبريد جسمه.
ويوصى بانتقال الشخص إلى مكان مُنعش وجعله يخلع ملابسه الزائدة عن الحاجة، ورش مياه باردة عليه، وتوفير كميات محدودة من المياه له ما لم تظهر عليه علامات تشير إلى اضطراب في الوعي. وقد تساعد مكعبات الثلج أو قطعة قماش باردة توضَع على الفخذ أو العنق، في تخفيف درجة الحرارة الجسم.
ولتجنب ضربة الشمس أو الجفاف، تشير السلطات الصحية إلى توصيات مماثلة لتلك المُتَّبعة خلال موجات الحرّ، وهي شرب كميات كبيرة من المياه، وتجنّب الكحول والمشروبات التي تحوي الكافيين، والبقاء في أماكن منعشة، وتجنب الخروج إلى الهواء الطلق أو القيام بأي مجهود جسدي خلال الساعات الأكثر حراً في اليوم.