أهلاً بكم إلى حلقة هذا الأسبوع من مرصد الجهادية نغطي فيها الفترة من ١٥ إلى ٢١ أغسطس ٢٠٢١. في العناوين:
-أنصار القاعدة يبدأون تطويع الفتاوى لتبرير مآزق طالبان الفقهية
-آلاف المقاتلين من بوكو حرام سابقاً يستسلمون بعد أوامر من داعش العراق بتغيير قيادة غرب إفريقيا
ضيف الأسبوع، الأستاذ حسن سالم بن سالم، الباحث في شؤون الجماعات المتطرفة، صدر له أكثر من كتاب عن مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية. يحدثنا عن طالبان: هل ينقلب الملا برادار على هيبة الله أخندزادة؟ وهل تغير القاعدة تكتيكها أسوة بطالبان؟
طالبان والجهاديون
إذاً، سيطرت طالبان على العاصمة الأفغانية كابول بلا قتال مساء الأحد ١٥ أغسطس. الملا عبد الغني برادار رئيس المكتب السياسي انتقل من مقر إقامته في الدوحة إلى كندهار ثم كابول استعداداً لبدء محادثات مع أطراف أفغانية للتوصل إلى صيغة للحكم. وفيما رحبت الصين وروسيا بطالبان، تشكلت في بانجشير، شمال كابول، جبهة للمقاومة تصدّرها نائب الرئيس السابق آمرالله صالح نجل أحمد شاه مسعود.
ثلاثة تحديات أمام طالبان:
أولاً، داخلي: طالبان سيطروا على كابول لكن هل سيقدرون على إدارة البلد؟ طالبان اختطفوا كابول ومؤسسات الدولة، لكن هل يستطيع مقاتلوها أن يديروا قطاعات المالية والمصارف، أو التعليم، أو الصحة؟ كيف سيعاملون الأقليات العرقية والدينية؟ كيف سيمارسون الحكم؟ بنظام البيعة؟ من يبايع من وعلى ماذا؟
ثانياً، خارجي: كيف سيديرون السياسة الخارجية ضمن ضوابط “إمارتهم”؟ كيف سيتعاملون مع دول يعتبرها الجهاديون دول “كفر” وردة”؟ كيف سيتعاملون مع دول إشكالية مثل الصين وروسيا وإيران؟
ثالثاً، هوياتي: هل هم جهاديون؟ كيف سيتعاملون مع الجماعات الجهادية؟
الجديد في موقف الجهاديين من استيلاء طالبان على كابول هو أن داعش أعلن موقفه في الصحيفة الرسمية، فيما لم تعلن القاعدة المركزية شئياً حتى ساعة إعداد هذه الحلقة بعد مرور ٨ أيام على الأحداث. في الأثناء، بدأ أنصار القاعدة يطوّعون الفتاوى لتبرير مآزق طالبان الفقهية.
طالبان وداعش
داعش يعتبر طالبان مرتدين لأنهم اختاروا التفاوض مع أمريكا. داعش الرسمي، وفي افتتاحية العدد ٣٠٠ من صحيفة النبأ الصادرة الخميس ١٩ أغسطس ٢٠٢١، قالوا: “أرادت أمريكا ترسيخ فكرة مفادها أن جهود بضعة أعوام فقط من محادثات السلام في الفنادق الفارهة أعادت طالبان لسدة الحكم. بينما قتال ٢٠ عاماً لم يجلب لها سوى الدمار والخراب … (هذا نصر) للمفاوضات لا للجهاد.” وختموا: “”أعلن قادة طالبان تحرير أفغانستان من داخل فنادق قطر التي تضم قاعدة العُديد الأمريكية التي تنطلق منها الطائرات لقصف ديار المسلمين.” أنصار داعش وصفوا طالبان “بالطاغوت”، وقالوا: “الطاغوت الأول غادر والطاغوت الثاني تسلم الحكم. والحكم واحد وإن غداً لناظره لقريب”.
طالبان والقاعدة
بعد مرور ٨ أيام على سقوط كابول، لم يصدر شيء عن القاعدة المركزية الناطقة باسم الظواهري. عندما كانت بيانات القاعدة تتأخر، كان يُقال إنه لدواعي أمنية ولصعوبة الاتصال. فما الذي يمنعهم الآن بعد أن صاروا “أصحاب دار”؟
من القاعدة “الرسمي” صدر بيان عن فرع القاعدة في اليمن – الفرع المتهالك الذي لم يعد يُعرف كوعه من بوعه.
جاء البيان بعنوان “تهنئة ومباركة بالفتح والتمكين في أفغانستان.” واعتبر ما حدث “باكورة لما بعده من الفتوحات،” وأن “هذا العام هو بداية لتحول مفصلي في تاريخ الأمة المعاصر.” غير واضح ما المقصود بكل هذا. هل يشي البيان ببعث التنظيم؟ أم أنه إنشاء وركوباً لموجة طالبان؟
طالبان والقاعدة والطريق الثالث
لنتذكر أن من أنصار القاعدة من ينظر إلى طالبان بتفاؤل حذر. هؤلاء يتبعون إجمالاً منظر الجهادية أبا محمد المقدسي. ولكنه ليس وحيداً. الصادق أبو عبدالله الهاشمي السوداني، من حساب “الحكمة والأثر” وهو من المشايخ الذين ينبرون لداعش في مسألة التكفير، قال في طالبان: “أرى أن نتريث ونراقب الوضع”. الأخطر أن الهاشمي يعتبر ما حدث علامة من علامات آخر الزمان. يقول إن من أنصار أمريكا أو من وصفهم”بالكفر العالم” “من ينادي بالعمل على تحقيق النبوءات ومنها ما يجري تسريعًا لظهور مخلصهم وهو الدجال.”
لفت هذا الأسبوع، ما كتبه طارق عبد الحليم الذي يعيش في كندا، وهو من حزب المقدسي خاصة في المناكفات الأخيرة بين أنصار المقدسي وأبي قتادة. المفارقة هنا هي أن عبدالحليم، في قناة “فتح الباري” تحدث عن طالبان بمنطق يشبه منطق نائل الغزي، أحد أبرز أنصار أبي قتادة، والمدافعين عن “براغماتية” هيئة تحرير الشام. التلاسن بين الرجلين وصل حداً غير مسبوق من الشتم والذم.
لنتذكر ما يقوله الغزي. يمتدح “السياسة الطالبانية الداخلية والخارجية” ويعتبرها “توفيراً لمساحة هادئة.. لترتيب الصف والبيت الداخلي.”
الآن، يقول عبد الحليم مبرراً تقارب طالبان مع الصين وروسيا، “إن نظرنا إلى التعاون الاقتصادي المزمع مع دول العالم، فإن التجارة مع الكفار، مع الحفاظ على الشروط الإسلامية المرعية، لا غضاضة فيها.” والسؤال: أي “شروط إسلامية”؟ الصين تضطهد الإيغور المسلمين، وروسيا تعمل القصف والتدمير بالسوريين.
وعن تصريحات طالبان بعدم السماح لأي جماعة (تحديداً القاعدة) باستخدام أراضيها لشن هجمات ضد المصالح الأمريكية، يبرر عبد الحليم بأن: “طالبان لم تصرّح بتسليم أي من قادة أو أفراد القاعدة” وأن “منع اتخاذ أفغانستان منطلقاً وقاعدة لهجمات على الغرب لا يعني منع من يعيش عليها من تخطيطٍ قد يُحمل عملياً بواسطة مراكز خارج أفغانستان،” مثل قاعدة اليمن أو المغرب. وهذا يعني أن التعاون بين طالبان والقاعدة قد يتخذ أشكالاً لم تغطها اتفاقية الدوحة المشؤومة.
لكن أكثر ما يلفت في كلام عبد الحليم هو “أنه ليس من قواعد الولاء والبراء أن يُسمح لهجمات، قد تكون، في بعض الأحيان، غير محسوبة العواقب أو غير مكتملة الشرعية الفقهية والمصلحية، أن تنفذ من أرضها (أي أرض طالبان)، فتعرّض كيانها الوليد كله للخطر.” والسؤال هنا: ألا ينطبق هذا على هجمات ١١ سبتمبر؟ ألم ينتهك بن لادن قواعد “الولاء والبراء” وأتى بالدمار على أفغانستان وأهلها؟
هذه التناقضات وتطويع الفتاوى والمبررات لا تقوّم الاعوجاج. في المواقف الحاسمة، يظهر زيف الجهاديين ومنظريهم. في نهاية الأمر، لا يختلف منظروهم عمّن يصفوهم بـ “علماء السلاطين” والجهاديون على الأرض بيادق يُحرّكون هنا وهناك حسبما تدعو الحاجة.
طالبان وهيئة تحرير الشام
أصدرت هيئة تحرير الشام بياناً رسمياً “مباركة للطالبان”، اعتبروا فيه أن طالبان قدموا نموذجاً يحتذى. البيان فيه خلل كبير، إذا يعتبر أن ما حدث في أفغانستان هو “انتصار” لإرادة الشعب. وهذا خطأ. الشعب لم يقم بثورة على النظام. طالبان قاموا بمفاوضات. البيان وصف الهيئة بأنهم “الثورة السورية”، وهنا أيضاً خلل في المفهوم.
معارضو الهيئة استنكروا هذا الخطاب وهذه المقاربة بينهم وطالبان.
مزمجر الثورة السورية قال عن خروج أمنيي الهيئة في موكب يطلقون فيه الرصاص فرحاً لطالبان بأنه يأتي “متزامناً مع حرق الطيران الروسي لقرى جبل الزاوية” وعلّق “يشغلوننا بطالبان والفليفلة كي تنسى الناس المجازر وضرب النساء واعتقال الأبطال.”
طالبان ومآزق فقهية
ومن المفارقات في سلوك الجهاديين تجاه طالبان ما قاله أبو محمود الفلسطيني هذا الأسبوع وهو من أنصار هيئة تحرير الشام. علّق على المقاربة بين الهيئة وطالبان وقال: “الهيئة لم تقم علاقات مع تركيا كما أقامت وتقيم طالبان مع باكستان.” ويرد على جماعة المقدسي: “لو كان فعلاً ميزانهم التوحيد لكفروا طالبان كما كفروا الهيئة، فالمناط متحقق في طالبان أكثر وأوضح.” ولنتذكر أن القاعدة عندما برروا لجوءهم إلى إيران الشيعية وليس إلى باكستان السنية إبان القصف الأمريكي في ٢٠٠١، قالوا إن باكستان كانت تعمل مع المخابرات الأمريكية.
إفريقيا
قالت وسائل إعلام نيجيرية إن أكثر من ١٥٠٠ مقاتل من بوكو حرام استسلموا مع عائلاتهم إلى القوات النيجيرية، وإن ألفين آخرين يُتوقع أن يسلموا أنفسهم قريباً. هؤلاء المقاتلون يتمركزون في محور بحيرة تشاد، ويعتقد أن الاقتتال الأخير بين داعش غرب إفريقيا وبوكو حرام وقتل شيكاو كان سبباً في هذا الاستسلام.
موقع PRNigeria قال إن داعش العراق أمر باستبدال أعضاء مجلس شورى الجماعة بسبب فشلهم في إنجاح الاندماج مع بوكو حرام واستقطاب مقاتليهم وبسبب الوضع المتردي للجماعة من حيث الانشقاقات واستنزاف الموارد والاقتتال الداخلي.
دواعش القاعدة
في تعاملهم مع الصور والفيديوهات القادمة من كابول، لا يختلف أنصار القاعدة وهيئة تحرير الشام عن أنصار داعش في مباركة القتل والاعتداء على الآخرين.
طالباني مدجج بالسلاح يعترض راكب دراجة ويصفعه لأنه يضع العلم الأفغاني. كيف يختلف هذا عن مقاتل من هيئة تحرير الشام يعتدي على متظاهر؟ مناصر القاعدة، جلاد المرجئة، عرض الفيديو تحت عنوان: “يعيش طالبان.” مناصر الهيئة، الشمالي الحر، عرض الفيديو تحت عنوان: “ترفيهي.”
ومن الصور في إدلب التي تشبه ما يفعله طالبان، أن مهاجراً من الأوزبك تابع لهيئة الجولاني أخرج طفل من صلاة الجمعة عمره 9 سنوات لأنه يرتدي قميص عليه رسومات كرتونية وبقي الطفل بالشمس خارج المسجد وطيران الإحتلال الخارجي يستهدف بيوت المدنيين. أحدهم علّق: “قرر بعض الأهالي الصلاة في بيوتهم وترك الشريعة المزورة للدخلاء المارقة”
الهيئة وحراس الدين
اعتقلت الهيئة أبا محمد الجمل وهو أحد الكوادر حراس الدين. يعلق أحدهم: “هل جزاء قيام حراس الدين بالعملية النوعية … في دمشق أن يتم التضييق على الجماعة … في إدلب؟!”هجوم دمشق أحرج الهيئة. وقيل إن أمنيي الهيئة باشروا بتعذيب سجناء الحراس حتى يكشفوا عن منفذي الهجوم.
وفي خبر لافت، نقلت حسابات معارضة للهيئة أن أبا فاروق المغربي القايدي في كتيبة شام الإسلام المستقلة اغتيل، وأن الكتيبة طردت من جبهات الساحل.
أزمة الملوخية
نشر حساب رد عدوان البغاة إحصائية عن عائدات الفحص التكميلي لشهادة الثانوية العامة في إدلب. بحسب الأرقام المذكورة، تجني هيئة تحرير الشام حوالي ٨٧ ألف دولار على الأقل من هذا الفحص. يعلّق الحساب: “بالمقابل يبقى نصف الطلاب بالمدارس دون كتب إلى نهاية العام ودون تدفئة في أبرد الأيام.”
تتصاعد أزمة الملوخية والفليفلة في مناطق هيئة تحرير الشام. الهيئة منعت دخول المادتين لما قالت إنه حماية للمزارعين في إدلب. المعارضون يقولون إن “المزارعين” عملياً هم أمراء الهيئة. علّق أحدهم: “الأهالي يسعون لجلب الخضار من ريف حلب بسبب سعرها المنخفض إذا ما قورن بالسعر في إدلب، حيث يتحكم تجار الحرب في الهيئة بالأسعار هناك ويحتكرون المواد.”
لمتابعة النسخة التلفزيوية