القاعدة فشل في حسم مصير الظواهري حياً أم ميتاً
أهلاً بكم إلى حلقة هذا الأسبوع من المرصد نغطي فيها الفترة من ٢٤ إلى ٣٠ أبريل ٢٠٢٣. في عناوين الأسبوع:
في ذكرى قتل أسامة بن لادن، أنصار القاعدة يناجون ”المهدي المنتظر“
تأتي الذكرى فيما فشلت قيادة القاعدة في حسم مصير الظواهري حياً كان أم ميتاً
قُتل ”خليفة“ داعش أبو الحسين أم لم يُقتل، التنظيم ”كيان مشلول“
لا دخان من دون نار – هل استقال عطون من هتش؟
وضيف الأسبوع، الدكتور عروة عجوب، كبير الباحثين في (كور غلوبال)، المتخصص بالشأن الجهادي.
حيّ ميّت: داعش كيان مشلول
في الساعة الأخيرة من يوم الأحد ٣٠ أبريل، أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أن الأجهزة الأمنية تمكنت من تحييد زعيم تنظيم داعش أبي الحسين الحسيني القرشي.
في التفاصيل أن الاستخبارات التركية نفذت عملية أمنية في جرابلس شمال سوريا يوم ٢٩ أبريل في محاولة ”لاعتقال قيادي بارز في داعش،“ انتهت العملية بأن فجّر خليفة داعش المزعوم نفسه بحسب ما أكدت تركيا.
متابعون تمهلوا قليلاً قبل الأخذ بهذا الخبر بانتظار تأكيد من مصدر ثانٍ، مستذكرين أن تركيا أعلنت اعتقال ”الخليفة“ في مايو ٢٠٢٢، لكن اتضح لاحقاً أن الخبر لم يكن دقيقاً.
قيل وقتها إن المعتقل كان جمعة البدري شقيق أبي بكر البغدادي. ولكن الصور التي سُربت أظهرت أن المعتقل كان بشار الصميدعي عضو اللجنة المفوضة. لاحقاً في سبتمبر ذلك العام، قالت السلطات التركية إنهم اعتقلوا الصميدعي الذي صرّح للمحققين أنه طُلب منه أن يكون ”الخليفة“ إلا أن الإعلان تمّ رغماً عنه. غير واضح إن كان اعتقال الصميدعي كان فعلاً في مايو. وفي كل الأحوال ربما كان هذا هو سبب الإرباك الحاصل.
بغض النظر عن هوية القتيل إن كان الخليفة المزعوم أبا الحسين، الثابت هو استنزاف قيادة داعش بشكل غير مسبوق وفي منطقة جغرافية واحدة تخضع تقليدياً لجماعات يعاديها – بل يكفرها داعش.
أبو بكر البغدادي قتل في أكتوبر ٢٠١٩ في باريشا شمال إدلب الخاضعة لسيطرة هيئة تحرير الشام. وأبو إبراهيم الهاشمي القرشي الذي يُعتقد أنه عبدالله قرداش قُتل في فبراير ٢٠٢٢ في أطمة الخاضعة أيضاً لـ هتش. أما أبو الحسن الهاشمي القرشي الذي اتضح لاحقاً أنه المدعو سيف بغداد فقد قُتل في درعا جنوب سوريا في أكتوبر ٢٠٢٢ في منطقة خاضعة للجيش الوطني السوري المعارض. والآن، إن تأكد الخبر، أبو الحسين الحسيني القرشي قُتل في أبريل ٢٠٢٣ في جرابلس شمال حلب الخاضعة رسمياً للوطني السوري ولكن عملياً لـ هتش. ناهيك عن قياديين آخرين قُتلوا منذ مطلع العام فقط أبرزهم أبو سارة العراقي أمير إدارة الولايات البعيدة الزعيم الفعلي لداعش الذي اقتنص على طريق قاح شمال إدلب أواخر فبراير، وخالد الجبوري أمير ولاية تركيا الذي قُتل في كفتين مطلع أبريل، والأمني العام لولاية الشام، عبدالهادي الحاج الذي قُتل في جرابلس أيضاً منتصف أبريل.
ماذا يعني هذا؟ أولاً، اختباء داعش خلف كنى وألقاب وهمية لا يبدو ناجعاً، فالتنظيم مخترق حتى النخاع. ثانياً، داعش يتخفى بين المدنيين في مناطق تخضع لجماعات ”معادية.“ وفي هذا شبهة أخلاقية وعقدية.
ثالثاً، التنظيم على هذه الحال بات جسماً هلامياً في المركز. منشقو قناة فضح عباد البغدادي والهاشمي شخصوا حال داعش اليوم في منشورين استشرافيين بتاريخ ٢٥ و٢٦ أبريل.
في المنشور الأول، وتحت هاشتاغ #عبرة_لمن_يعتبر استدلوا على أن تنظيم داعش ” استنفد كل قدراته في محاولة التأقلم مع واقعه المتغير حتى تحول الى كيان مشلول يموت ببطء…لا هو قادر على البقاء كخلافة ولا هو قادر على إعادة انشاء نفسه كـ ‘تنظيم جهادي‘. وسيظل يغلي في منزلة بين المنزلتين حتى يموت ككيان من الخوارج والمخابراتيين وقطاع الطرق.“
في المنشور الثاني، وتحت هاشتاغ #معضلة_الهيئة، لفتوا إلى داعشيين قُتلوا أو يقطنون في مناطق سيطرة هيئة تحرير الشام. ووضعوا أنصار داعش أمام سؤال: لماذا يختار هؤلاء أن يعيشوا في مناطق أبي محمد الجولاني زعيم هتش؛ إذا كانوا يعتبرون الجولاني ”مرتداً“؟
في المحصلة، يلفت هذا الحساب المطلع على خبايا التنظيم في منشور استشرافي آخر بتاريخ ٢٨ أبريل، إلى الذكرى الرابعة لآخر إصدار مرئي ظهر فيه أبو بكر البغدادي، ”خليفة“ داعش الأول. في ٢٧ نيسان ٢٠١٩، حاول التنظيم أن يعطي ”ضمانات“ للأنصار بأنه لم يسقط بسقوط الباغوز وقتئذ وأن ”من تبقى من القادة في المركز قادرون على خوض المرحلة الجديدة التي أسماها البغدادي بـ ؛حرب الاستنزاف.؛“ يقول الحساب إنه بعد مرور أربعة أعوام ثبت ”فشل“ استراتيجية التنظيم. ”فلا هو استنزف أعداءه ولا نجح في تحرير السجون والمخيمات، بل وعادت عليه بنتائج عكسية ترتب عنها نزيف مهول في الجنود والأمراء والأموال.“
غياب في غياب: قتيل ومجهول المصير
في ٢ مايو ٢٠١١، تمكنت القوات الأمريكية من قتل أسامة بن لادن زعيم القاعدة في عزبته في أبوت أباد شمال غرب باكستان. بعد أقل من شهر وفي ١٦ يونيو، نُصّب أيمن الظواهري زعيماً للتنظيم.
السنة الثانية عشرة على قتل بن لادن تأتي والقاعدة لمّا تحسم بعد مصير خليفته الظواهري الذي قالت أمريكا إنها قتله في ضيافة طالبان في العاصمة الأفغانية كابول بتاريخ ٣١ يوليو الماضي.
في هذه المناسبة، أكثر أنصار القاعدة على التلغرام من استذكار بن لادن ووصفوه في صور اقتربت من الموروث الديني وبشكل أقرب إلى الخزعبلات حتى اختلط الوهم بالواقع.
اجتماع “ميكي ماوس”.. صور توثق لحظات ما قبل إعلان البيت الأبيض عن مقتل أسامة بن لادن
في إحدى الصفحات، ذكر أنصار القاعدة أن أسامة بن لادن رأى في المنام أنه ”من سيأخذ الراية ويسلمها للمهدي“ المنتظر. فرد آخر: ”صدقت.“ ووصف ثالث بن لادن بأنه ”القحطاني“ الذي ذُكر في الأثر ”يسوق الناس بعصاه.“ فرد رابع أن ”الظواهري مصري أصل وفصل“ وبالتالي هو ”لربما“ أقرب إلى أن يكون القحطاني المقصود.
قاعدة اليمن: ”الأمير“ الدجال
لفت هذا الأسبوع منشور من عنصر في تنظيم القاعدة في اليمن في حساب ”عزم مجاهد“ يذمّ فيه ”أميراً سابقاً لولاية من ولايات اليمن“ من دون أن يسميه أو يسميها ويدعو إلى فضحه والتصدي له.
لفت في المنشور كيف وصف ”عزم مجاهد“ الطريقة التي وصل فيها هذا الرجل إلى الإمارة؛ فكانت ”من باب المطبخ وليس من باب السلاح والقتال والجهاد.“ فكان مسؤولاً عن التموين، و“بحكم علاقته ببعض الشخصيات الجهادية“ ترقى وأصبح أميراً.
هذا الذي حظي بتزكية من تلك الشخصيات الجهادية هو ”دجال“ استحوذ على أموال خصصت لبناء مأوى للمجاهدين.
لكن الأهم هو أن هذا الأمير ”ترك الجهاد“ احتجاجاً على إعدام التنظيم شخصاً اتهم بالجاسوسية ”بدون أدلة وبراهين.“
”عزم مجاهد“ يأخذ على هذا الرجل أنه قال له يوماً: ”وجدت نفسي … أنني أداة للقتل ، تأتيني أوامر: أقتل وأغتال … وكأني أصبحت أداه للقتل.“ وفي الختام، هذا ”الأمير السابق“ لا يزال يتواصل مع أفراد في التنظيم ”من باب ”تلقي الأخبار والمستجدات.“
بقراءة هذه القصة، يخطر لنا أسئلة مثل: كيف يتقدم شخص في التنظيم إلى مستوى قيادي بسبب ”علاقات شخصية“؟ من المسؤول عن هذا الخلل؟ الشخص أم القيادة التي من الواضح أنها تعيد تدوير نفسها؟
ثم إننا نفهم أن هذا ”الأمير السابق“ ترك التنظيم طواعية بسبب اعتراضه على الاتهامات الجزافية بالتجسس. أليس هذا مثلب في التنظيم نفسه الذي يسمح بوقوع هذا الظلم؟ فالاتهام بالجاسوسية لم يقتصر على فرد، بل هو نهج انتهجه التنظيم. ومن هنا نأتي إلى قصة ”اعتزال“ القيادي أبي عمر النهدي.
أبو عمر ومعه آخرون تظلموا لدى قيادة التنظيم ممثلة بقاسم الريمي آنذاك الذي أوكل مهمة الحديث معهم إلى القياديين خالد باطرفي وسعد عاطف العولقي. بدأ فريق أبو عمر التظلم في أواخر العام ٢٠١٩. طالبوا بمراجعات للاتهامات الجزافية بالتجسس والاحتكام إلى محكمة مستقلة. ورغم اختلافهم مع قيادة فرع اليمن، ظلوا أوفياء للقيادة العامة وزعيمها أيمن الظواهري. في الخلاصة، رُدت مظلمتهم ورفضت قيادة التنظيم التعامل معهم وواجهتهم بالتقريع والتعزير في بيان نشره التنظيم في مايو ٢٠٢٠. ورغم انتشار الخبر، وتبادل الرسائل علناً، لم تحرك القيادة العامة ساكناً. فريق أبي عمر النهدي رفض بيان إعلام باطرفي الذي تولى زعامة التنظيم خلفاً للريمي المغدور في فبراير ٢٠٢٠. إلا أن أبا عمر لم يعلن انضمامه إلى أي جماعة أخرى أو يشكل جماعة مستقلة. هو وأصحابه ببساطة ”اعتزلوا“ التنظيم.
فأين أبو عمر النهدي اليوم ليدافع عن هذه المظالم التي من الواضح أنها لم تنتهي؟
عبدالرحيم عطون
نقل الحساب المخضرم أس الصراع في الشام أن أخباراً وردت عن استقالة الشرعي الأول في هيئة تحرير الشام عبدالرحيم عطون.
الحساب قال إنه سيتحقق من الخبر.
حسابات أخرى وازنة نقلت الخبر غير المؤكد ولفتت إلى خلافات بين عطون وقيادة الهيئة حول محاولة الهيئة التوسع شمالاً. لم يتضح إن كان عطون استقال احتجاجاً على الجولاني أم احتجاجاً على معارضي الجولاني من الشرعيين داخل الهيئة خاصة بعد بيان لمشايخ في شمال سوريا يستنكرون فيه هذا التوسع العسكري.
لكن أبو يحيى الشامي، وكان قاضياً في هيئة تحرير الشام قبل أن يستقيل اعتراضاً على تحوّل منهجهم، قال إن ثمة خلافات داخل هيئة تحرير الشام بين فريقين يقف في أحدهما عطون وفي الآخر يقف القيادي العراقي أبو ماريا القحطاني.
عبدالرحيم عطون من الشخصيات المهمة في الهيئة؛ فهو الذي أوكلت له مهمة صياغة مراسلات الهيئة رداً على القاعدة إبان فك الارتباط، و“مباهلة“ المعترضين.