أخبار الآن | بيروت – لبنان (رويترز)
مع مواجهتهم زمهرير الشتاء الذي لا يرحم والفقر المدقع منذ سنوات، أصبح لزاما على اللاجئين السوريين في سهل البقاع بلبنان أن يتحملوا كذلك عبء الأزمة الاقتصادية والسياسية التي تعصف بالبلد الذي يستضيفهم، الأمر الذي يفاقم معاناتهم.
فبعد أشهر من الاحتجاجات العامة في لبنان، غاص البلد في أزمة مالية عميقة، وتسبب نقص الدولار في فرض البنوك قيودا على ودائع عملائها ومنع التحويلات النقدية للخارج.
وتقول مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين إن عدد اللاجئين السوريين المسجلين لديها في لبنان بلغ نحو 914 ألف لاجئ بحلول ديسمبر كانون الأول 2019. ويعتمد هؤلاء بشدة على قسائم مساعدات مدفوعة بالدولار.
فقد قال لاجئ سوري في لبنان يدعى أحمد جاسم الخوجة، وهو أب لأربعة أطفال “السنة الوضع كثير صعب. صعب وضع البلد هنا ع اللاجئين السوريين، صعب حيل (جدا)، من كل شيء، بالمواد، بالتصريف. كل سنة يبعثوا لهم مازوت، السنة ما بعثوا لهم، فيه ناس بعثوا لها وفيه ناس ما بعثوا لها. وبالمواد خصوصا، خاصة من ما صارت المظاهرات وجاي وغليت بكل شيء. أقول لك تجيب الغرض كنت أول بسعر، بتجيبه هسا (الآن) بالدوبل (ضعف السعر). عرفت شنو، كنت تلاقي شغلات كثيرة، كنت الأول تروح تشتغل على بيروت تسد حالك شوية. ما ظل شغل ولا حاجة”.
وأضاف الخوجة “آخر شيء يقول لك أنت سوري، ايش جايبك علينا…”.
لكن منذ أصابت أزمة نقص الدولار الاقتصاد اللبناني بالشلل، تُدفع تلك القسائم للاجئين حاليا بالليرة اللبنانية، وبالتالي أصبح الدعم المتوفر لهؤلاء اللاجئين قليلا، لا يسمن ولا يغني من جوع.
ويقول لاجئ سوري يعيش في لبنان منذ سبع سنوات يدعى يونس خميس حمدو، إن آخر شهرين كانا الأسوأ في فترة إقامته بالبلد. وساءت ظروفه بشدة لدرجة أنه أصبح يريد العودة إلى سوريا.
وقال حمدو “السنة هاي لسة ما شفنا أسوأ من ها الشهرين وجاي. يعني ثورة سوريا دم بس مو أكل، هون صار جوع، صارت مجاعة، ما عاد فينا نأكل، ما عاد فينا نتحكم، ما عاد فينا.. الدولار وصل… كيلو الشاي كان باتناشر ألف اليوم بواحد وعشرين ألف”.
وأضاف “فيه الله، مثلي مثل ها البشر، بدي أرحل على سوريا، على شيء، بدنا نشوف الوضع شو هو، يعني حط… يا بننهب، إذا فيه واحد دسم (ثري) مثلك زي حكايتك بأنهبه بأشلحه، بدي أعيش، بدي آكل، بدي أطعم ها الأولاد. بدي أنهبك، ليش أنت معك مصاري وأنا ما معي؟ أنت معك تأكل وأنا ما معي، بأطّلع عليك تأكل وأنا ما بآكل؟ شو بدي أصير؟”.
وقال لاجئ سوري وبائع خضار وفاكهة يدعى مزيد العلي: “عم نجيب خضرة يا نكب نصها ونخسر من جيبتنا، يعني إن ظل الأمر هيك يعني شهر زمان وبدنا نسكر خالص، نوقف الشغل خالص ونخلص، ما عم نقدر نشتغل خالص. هلق (الآن) عم نشتغل ماشي الحال أول الشهر، خمسة الشهر، ستة، سبعة كثير عشرة ايام، 15 يوم بالشهر، نشتغل وبعدين بدنا نوقف لأنه ما فيه مصاري (نقود) العالم (الناس) تشتري”.
وأضاف “كل شيء غالي، كل شيء غالي، يعني المواطن شو بده يأكل؟ ما هو عرفان. شلون بده يمشي حاله؟ الأمم (مفوضية الأمم المتحدة للاجئين) كان يعطيه بالدولار صار يعطيه باللبناني. اللبناني شو بده يساوي اليوم، ما بيجيب له كيسين سكر، كيسين سكر وما بش شاي، يعني شو بده يساوي، تبعة الأمم”.
وقالت المفوضية لرويترز إن نحو 73 في المئة من عائلات اللاجئين السوريين في لبنان كانت تحت خط الفقر في عام 2019، ارتفاعا من 68 في المئة في عام 2018.
تضيف المفوضية أن كل أُسرة نحو 19 في المئة من أُسر اللاجئين السوريين في لبنان تتلقى 260 ألف ليرة لبنانية (نحو 172 دولارا) شهريا من المفوضية والمنظمات الشريكة.
وتوضح المفوضية أن عدم القدرة على تحمل نفقات الإيجار والخدمات الطبية والطعام والملابس من بين الأسباب الرئيسية لاتخاذ كثير من اللاجئين السوريين قرارا بالعودة لسوريا. وتتابع أن بعضهم يشير كذلك للظروف الحالية في لبنان كسبب للعودة لبلدهم.