أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة (نهاد الجريري)
في ليلة السابع والعشرين من رمضان، تأهبت قنوات القاعدة في الفضاء الإلكتروني لبث إصدار جديد من مؤسسة السحاب الخاصة بقيادة القاعدة المركزية في أفغانستان.
بعد خمس ساعات من الإعلان والترقب، بُثّ الإصدار – فيديو لزعيم التنظيم أيمن الظواهري. وكم كان مخيباً للآمال! فالإصدار كان الحلقة الثانية من السلسلة الدعوية “معاً إلى الله” التي بُثت حلقتها الأولى في ٢٩ ديسمبر ٢٠١٩. في هذه الحلقة المؤلفة من جزئين يتابع الظواهري الحديث عن الإلحاد: صفاته وأدواته ودحضه.
لكن بالرغم من هذا، قد يحمل الإصدار إجابة على السؤال “أين الظواهري“؟ فمن حيث التوقيت، يُتوقع أن يتحدث الظواهري -أو التنظيم ولو ببيان مكتوب – عن أمور ملحة ومصيرية. ومن ناحية المحتوى، ربما وقع التنظيم في المحظور عندما حمّلوا الإصدار ما لم يحتمل فأدخلوا عليه عناصر تثير الريبة والشك حول مصير الظواهري.
التوقيت
غلاف الإصدار الذي رُوّج له حمل تاريخ مايو ٢٠٢٠. بهذا المعنى، يأتي الإصدار في وقت تمرّ فيه القاعدة بأسوأ أحوالها. في فرع شبه جزيرة العرب في اليمن، يواجه التنظيم تمرداً واتهامات بارتكاب “مخالفات شرعية” طالت قادة التنظيم من قاسم الريمي إلى خالد باطرفي وسعد العولقي. والظواهري في وسط هذا الإشكال، فالمتمردون، الذين لم يعلنوا انشقاقهم بعد، ينتظرون من الظواهري أن يبت في أمرهم و”ينتصر” لهم من قيادة الفرع.
في اليمن أيضاً، أعلنت واشنطن هذا الأسبوع أنها نفذت غارة بطائرة مسيرة قتلت عبدالله المالكي الذي وصفته بأنه قيادي في التنظيم كان مسؤولاً عن الشمّري منفذ هجوم بنساكولا في ديسمبر ٢٠١٩.
وفي شمال سوريا، يجتاح أمنيو الجولاني مقرات حرّاس الدين، فرع القاعدة في الشام، كل شهر تقريباً تحت حجج مختلفة.
وفي إفريقيا، أصبحت الجبهة مفتوحة بين تنظيمات القاعدة (القاعدة في المغرب الإسلامي ونصرة الإسلام والمسلمين) من ناحية وبين تنظيم داعش هناك من ناحية أخرى. فيما أبدت نصرة الإسلام والمسلمين استعدادها للتفاوض مع حكومة مالي وإبرام اتفاق على غرار اتفاق الدوة بين طالبان وواشنطن.
وفي أفغانستان، الحكومة تجدد هجماتها ضد طالبان بعد الأحداث الدامية الأسبوع الماضي في كابول.
وفوق كل هذا، ينشط داعش في العراق بشكل غير مسبوق منذ استئصاله في الموصل في ٢٠١٧.
المحتوى
في الجزء الثاني من الحلقة، يتحدث الظواهري عن “النسبية القيمية” كإحدى “لوازم المادية الإلحادية” بمعنى أن “القيم تتغير” وهو ما يقود إلى ما يعتبره الظواهري “سمة ظاهرة في الحضارة الغربية العلمانية، ومن أمثلتها تدمير الشعوب ونزع ثرواتها، الذي يعدونه أمرً مبررًا تمامًا، ولا يعدونه منافيًا للحضارة.” ويسوق على ذلك “ما قامت به ألمانيا النازية من إبادة اليهود والغجر والعجزة والمعاقين أمر مقبول من أجل المصلحة.”
هنا، يتدخل راوٍ بسردٍ يشرح نظرية الظواهري، وينتقل من الهولوكوست إلى فيروس كورونا، فيقول الراوي: “وجاءت أزمةُ كورونا لتعيدَ للأذهانِ أن هذه السياساتُ العنصريةُ الدمويةُ لازالت مسيطرةً على عقولِ ساسات وقادةِ الغربِ.” ويظهر في الفيديو رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، متحدثاً في مؤتمر صحفي بتاريخ ١٢ مارس ٢٠٢٠ يقول فيه إن أعداد المصابين ستتزايد وإن “المزيد من العائلات سيفقدون أحباءهم قبل وقتهم.” وبعد هذا “الفاصل” يكمل الظواهري حديثه من حيث انتهى. فهذه المقاطع التوضيحية اقتحمت النصّ إقحاماً.
المنطق يقول إن الحلقة سُجلت مع الحلقة الأولى التي بُثت في ديسمبر ٢٠١٩. وبالتالي، ما من شك في أن إقحام مؤسسة السحاب هذا الجزء من الرواية حتى يكون الحديث متصلاً بالحاضر أتى بنتائج عكسية تفوق الخطأ في توقيت البث.
فما الذي يمنع الظواهري من الحديث مباشرة في هذا الأمر وأمور أخرى أو على الأقل المباركة بشهر رمضان المبارك؟
أنصار داعش تلقفوا هذا الإصدار، كما تلقفوا الإصدار الماضي في الرابع من رمضان والذي كان ترجمة لحلقة ديسمبر.
فاعتبروا أن هذا الإصدار يؤكد ما استنتجوه سابقاً وهو “موت الظواهري أو شلله أو غيبوبته” و أن سيف العدل، عضو مجلس شورى القاعدة، استغل الأمر وولّى نفسه أميراً على التنظيم وبات اليوم يعيد تدوير إنتاج القاعدة.
مصدر الصورة: غلاف الإصدار
للمزيد: