طالبت السينمائية هالة العبد الله السلطات السورية بالكشف عن مصير زوجها الفنان التشكيلي المعارض يوسف عبدلكي الذي فقد اول امس على حاجز لقوات النظام في طرطوس معتبرة اعتقاله شكلا من اشكال العنف غير المقبول.
في الوقت نفسه، انطلقت على صفحات التواصل الاجتماعي على الانترنت حملة تشارك فيها منظمات عدة تطالب بالافراج عن عبدلكي المعروف بمعارضته للنظام منذ سنوات طويلة والمعارض في الوقت نفسه للعمل المسلح وللتدخل الخارجي في الأحداث في سوريا.
وقالت العبد الله في اتصال هاتفي من باريس مع وكالة فرانس برس ان “الاعتقال قد يكون امرا ثانويا في ظل التهديم والعنف الدموي (الحاصلين في سوريا) الا انه امر غير مقبول”، مشيرة الى ان كل من يعمل “لانجاح الثورة في الداخل سلميا، في اي مهنة كان، شخص مقدس لا يجوز المس به”.
واوضحت ان زوجها “انقطعت اخباره لدى مروره بحاجز تابع للامن السياسي على مدخل طرطوس بينما كان عائدا من مصياف (وسط) عند الساعة السابعة من مساء الخميس (16,00 ت غ)”.
وكان بصحبة عبدلكي العضوان في حزب العمل الشيوعي وهيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديموقراطي في سوريا توفيق عمران وعدنان الدبس اللذان تم توقيفهما معه، بحسب ما اعلنت هيئة التنسيق في بيان الجمعة.
وعبدلكي من الفنانين التشكيليين السوريين البارزين، من مواليد 1951 في القامشلي بمحافظة الحسكة (شمال شرق). تخرج من كلية الفنون الجميلة العام 1976. وحصل على دبلوم حفر من المدرسة الوطنية العليا للفنون الجميلة في باريس العام 1986 ثم الدكتوراه من جامعة باريس الثامنة العام 1989.
اعتقل في اواخر السبعينات بسبب انتمائه الى حزب العمل الشيوعي المحظور في سوريا قبل ان يتم اطلاقه ويغادر البلاد في 1981 الى باريس حيث امضى 25 عاما.
عاد الى سوريا في 2005. وتقول زوجته انه منع من مغادرة البلاد منذ اندلاع الحركة الاحتجاجية ضد النظام السوري في منتصف آذار/مارس 2011 “وسحب منه جواز سفره لدى تقدمه بطلب تجديده”.
وقالت العبد الله ان زوجها “مؤيد للثورة بشكل علني من خلال تصريحاته”، مؤكدة في الوقت نفسه انه معارض “لعسكرة الثورة وللتدخل الخارجي” في الازمة.
وكان عبدلكي احد الموقعين قبل ايام على وثيقة اكدت تمسك حوالى مئة فنان ومثقف سوري ب”المبادئ التي انطلقت منها الثورة الشعبية في آذار/مارس 2011، … من أجل قيام نظام ديموقراطي تعددي”.
وطالب الموقعون وبينهم روائيون وموسيقيون وكتاب وشعراء وفنانون باسقاط النظام السوري “بجميع رموزه”، تمهيدا “لانتقال السلطة تحت إشراف الأمم المتحدة إلى حكومة مؤقتة كاملة الصلاحيات”.
وكتب الفنان قبل اعتقاله على صفحته على موقع “فيسبوك” على الانترنت “أرى أنه بقدر ما تضاعف جرعات القمع في بلد من البلدان يتصاعد شغف الناس للحرية”.
واستنكر تجمع التشكيليين السوريين المستقلين في بيان اعتقال عبدلكي “الذي عبّر بفنه عن مطالب شعبنا في الحرية والكرامة والمساواة والدولة المدنية الديمقراطية، ورفيقيه الناشطين في الحراك المدني”، مطالبا “بإطلاق سراحهم وسراح كل معتقلي الرأي والحراك المدني”.
واصدر حزب العمل الشيوعي بيانا اعتبر فيه “اعتقال رفاقنا استمرارا لنهج السياسة القمعية التي تطال النشطاء والمناضلين منذ انطلاقة الحزب إلى يومنا هذا”، مطالبا “بالإفراج الفوري” عنهم.
واشار البيان الى ان هذا الاعتقال هو الثاني لعبدلكي، والخامس لعمران “منذ اختطافه من منزله العام 2009 ومحاكمته أمام محكمة أمن الدولة السيئة الصيت”. واشار الى انه تم الافراج عن عمران “مع انطلاق الثورة السورية ليتكرر اعتقاله أربع مرات أثناءها”. كما انه “الاعتقال الثاني” للدبس “خلال الثورة السورية”.
وعلى صفحتها على “فيسبوك”، كتبت هالة العبدالله “سيعود يوسف سريعاً لن يتأخر… حقول واسعة من المساحات البيضاء تنتظره وكل قلوب الأصدقاء”.
كما كتبت بالفرنسية “الحرية ليوسف عبدلكي، الحرية لسوريا”.
وانشئت صفحة بعنوان “الحرية للفنان التشكيلي يوسف عبدلكي” على فيسبوك انضم اليها في ساعات حوالى الف شخص، وحملت صورا له وللوحاته.
وكتب المسرحي السوري أسامة غنم من جهته “نحتاج الى أجمل صوت في ثقافتنا الوطنية الحقيقية الباقية في المكان، المؤمنة بوحدة المجتمع السوري ومدنيته وحقه في الحرية والتعبير. لذلك فمكان يوسف ورفاقه هو الحرية. نريده، نريدهم جميعاً أحرارا”. وتنتشر اعمال عبدلكي الذي يعد ابرز فناني الحفر في العالم العربي في عدد من المتاحف العالمية ومنها اربعة اعمال في المتحف البريطاني في لندن واثنان في متحف معهد العالم العربي في باريس.