دمشق، سوريا، 29 نوفمبر، (هلا بلخي، أخبار الآن)
في زحمة الحزن والألم والخوف، يلجأ سكان مدينة دمشق إلى المقاهي والمطاعم للترويح عن أنفسهم، حيث أصبحت مدينة دمشق ثكنةً عسكرية كبيرة مطوّقة بالحواجز. وبات التنقّل من مكان إلى آخر يستلزم الكثير من التفكير والجرأة والوقت أيضاً.
ولمنازل مدينة دمشق حكاية أخرى اليوم، فلم يعد المنزل مخصصا لأسرة واحدة كما هي العادة، بل إن أكثر من خمس عائلات قد تقطن في منزلٍ واحد، مكوّن من ثلاث غرف فقط.
يُلام أهل دمشق على استمرارهم بالحياة، حيث انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي صورة لأهالي دمشق وهم يتزاحمون على محل لبيع الألبسة، وكتب تحتها ( يستمرون بالحياة .. بينما يملأ الموت أطراف دمشق ) !!
الجدير بالذكر أن معظم سكان دمشق الحاليين هم ممّن هُجروا من منازلهم في الريف الدمشقي ومن حمص ودرعا و غيرها من المدن المنكوبة، وأنّ كل عائلة من العائلات التي تملك المال والتي تبحث عن حياة قد قامت بإغلاق منازلها و السفر خارج البلاد.
قال لي صديقي المهجّر من مدينة داريا: “ألجأُ إلى المقاهي والمنتزهات ذات الأسعار المعقولة مع زوجتي لأروّح عن نفسي و أنسى الصخب في المنزل”، وأضاف: “في المنزل الذي قمت باستئجاره يسكن حالياً 18 فرداً وهو مكوّن من غرفتين و صالة فقط”.
وحين سألتُه عن الأزمة الماديّة وما انعكاساتها على حياته كموّظف ومهجّر , أجاب بسخرية: “بيكون معي ألفين ليرة .. بطلع فيهم مشوار .. و الله بيدبّر !!”
على طاولات مقاهي الرجال، تسمع الأحاديث السياسية التي تصل إلى الخلافات، ويعلو صوتها شيئاً فشيئاً حتى تصل للمناوشات .. وبعدها ( بيفتّو برتيّة شدة .. و بيشعلو راس أركيلة ) وكأن شيئاً لم يكن!
أما على الطاولات التي تجمع النساء، فكثيراً ما يكون الحديث حول الخلافات المنزلية مع الشركاء بالمنزل، كأن تقول إحداهنّ: “يا محلا القصف قدّام حماتي!!”، وتضحك صديقاتها على الطاولة.
أو أن تقول أخرى: “اشتهينا نعمل طبخة طيبة .. بدون ما يهجمو عليها الكل .. و نطلع بلقمتين !!”. وتردّد صديقاتها من خلفها: “لك إي و الله”.
هذا هو باختصار حال أهالي دمشق أو ما تبقّى منهم .. هم اليوم ضحايا همجية الحواجز وغلاء الأسعار والتفجيرات الفجائية وقذائف الهاون الطائشة وزحمة الطرقات القاتلة .. ويبدو أنهم اليوم مشروع حقد مناطقي من قبل الثوّار والمناطق الساخنة.