سامر حمزة
تتواصل ممارسات تنظيم “داعش” في المناطق التي يسيطر عليها في العراق وسوريا بهدف تغيير الهوية الثقافية لأهالي المنطقة. في الموصل التي إستولى عليها “داعش" مؤخراً، أصدر التنظيم بياناً يتعلق بقطاع التعليم في المدينة. البيان جاء في صحفتين، إطلعت عليهما “أخبار الآن”، ونص على عدة نقاط، يعلن فيها التنظيم بدء الدوام في مدارس المناطق التي يسيطر عليها لهذا العام، فضلاً عن التغييرات الكبيرة في المناهج وآلية سير الدوام ونقل الطلبة من مرحلة إلى أخرى من دون دخولهم الإختبارات النهائية للعام الدراسي الفائت، والتي كان توقيتها متزامناً مع الهجمات التي شنها التنظيم المتشدد على الموصل و مناطق عراقية أخرى في حزيران الماضي، ما جعل وزارة التربية العراقية توعز بإيقاف الإمتحانات في هذه المناطق وتأجيلها لحين إستتباب الأمن.
حذف قصائد في حب الوطن
تخلل البيان أوامر صادرة من قبل "ديوان التعليم" الذي أنشأه “داعش" قبل نحو شهر ونصف الشهر، عدة نقاط، أفادت بإعتبار السنة الدراسية الماضية سنة عبور لجميع الطلبة في المراحل التي تبدأ بالابتدائية ثم المرحلة المتوسطة وتليها المرحلة الإعدادية و تمثل المرحلتين المتوسطة والإعدادية مجتمعتين في النظام التربوي العراقي (مرحلة الثانوية)، وإستثنى البيان قرار عبور طلبة السادس الإعدادي (البكالوريا) بجميع فروعها العلمية والأدبية والمهنية بإعتبارها مرحلة منتهية تليها المرحلة الجامعية مباشرةً، كما تضمن البيان قرار إلغاء مناهج تعليمية عدة بضمنها التربية الفنية والتربية المسيحية والفلسفة والإجتماع وعلم النفس والتاريخ والجغرافيا والوطنية والأدب، وحذف كل القصائد التي تحاكي حب الوطن، فضلاً عن جميع نظريات الخلق من كتاب "الأحياء" وبضمنها "الداروينية"، وإحتوى البيان أيضا على أوامر بشطب عبارة "الجمهورية العراقية" و "الجمهورية السورية" و "وزارة التربية والتعليم" أينما وجدت وإستبدالها بـ"ديوان التعليم”، وطالب البيان الكوادر التدريسية الإلتزام بموعد الدوام الذي أقره التنظيم.
الكوادر التدريسية باتت حائرة و بالأخص بعد تصريح محافظ نينوى أثيل النجيفي بعدم الإلتزام بتعليمات "داعش"، وقال فيها رداً على رسائل وردته من قبل مدرسين ومعلمين بهذا الخصوص: "ما تحاول أن تقوم به داعش من إجراءات تخالف بها السياقات الرسمية لنظام التربية في الدولة العراقية كإضافة مواد دراسية أو حذف بعضها أو إجراء إمتحانات او إلغائها لن تكون له أية قيمة ولن يؤخذ بنظر اللإعتبار في النظام التربوي العراقي”، وأضاف النجيفي: "لقد طلبت من وزارة التربية إتخاذ إجراءات إدارية تضمن إدارة التربية من خارج مدينة الموصل في المناطق التي لايوجد فيها نفوذ لداعش"، واستدرك قائلاً: "سنحاسب الموظفين الذين يطبقون تعليمات داعش ولا يطبقون تعليمات الدولة العراقية بوزاراتها وحكومتها المحلية"، موضحاً “أن الاتزام بتعليمات التنظيم سيقوي سلطته ويفتح ابواباً لمزيد من التخريب”.
حذف تاريخ وحضارة العراق
مدير إحدى المدارس في الموصل يبلغ من العمر أربعين عاماً، طلب عدم الكشف عن اسمه كإجراء إحترازي، عبر عن إستيائه من بيان “داعش”، وفي حديث له مع “أخبار الآن”، قال: "يبدو أن داعش لم يترك باباً يعود بنا إلى الوراء إلا وفتحه، فبعد لأن عبث بالكثير من مفاصل المدينة، جاء اليوم ليعلن عن حذف تاريخ وحضارة العراق و يلغي معالم الثقافة والأدب، لقد قتل داعش قصائد الجواهري و نازك الملائكة"، وأضاف: "ماذا يريدون منا هؤلاء المتخلفين ليقتلونا جميعا ويرتاحو ويريحونا معهم”.
مدرس التربية الفنية الشاب خالد السهيل لم يكن بحال أفضل من مدير المدرسة، فقد بدى غاضباً إلى حد إحمرار وجهه بعد أن علم أنه ربما يكون مفصولًا من الخدمة وفقاً لبيان “داعش” بسبب إلغاء مادته المنهجية من المدارس، و هو الآخر قال في حديث لـ”أخبار الآن": “إنتظرت أكثر من خمس سنوات بعد تخرجي من كلية الفنون الجميلة لأحصل على وظيفة أجمع فيها مهر ومستلزمات الزواج و أعيل عائلتي، وبعد سنة واحدة أجد نفسي عاطلاً عن العمل مرة أخرى، قضيت معظم حياتي في الدراسة حتى أني لم أتعلم مهنة لأعمل بها بعد الإستغناء عن خدماتي”. وأضاف السهيل وفي عينيه أثر دموع: "ربما أكون مضطراً لترك خطيبتي وفسخ الخطبة لأنني في هذه الحالة لن أستطيع الزواج وبناء أسرة و أنا عاطل عن العمل”.
أما عمار الياسري مدرس الجغرافيا، فقد تسآئل عن سبب نسف مادته، قائلاً في حديث مع “أخبار الآن”: "هل الجبال و الانهار وخرائط العالم أصبحت من المحرمات؟ ما يفعله عناصر داعش ما هو إلا لفرض طوق حول عنق من رفض مبايعة خليفتهم البغدادي، وها أنا اقع ضحية تلك المؤامرة شأني شأن كثيرين. وأضاف متهكماً: “أخشى أن نصبح في يوم من الأيام على قرار تحريم المشي ولابد أن نصبح من أصحاب الكرامات ونحلق في الهواء..!!”.
منتسبو "داعش" في الموصل.. أصحاب سمعة سيئة وجدوا غايتهم في التنظيم
زيٌ موحد لنساء الموصل بأمر من “داعش”.. وآخر أفغاني للرجال