دخلت العاصفة الثلجيّة الأراضي السوريّة لتزيد من معاناة العائلات السورية النازحة في مخيمات اللجوء الداخلية والحدودية، وتلك التي تعيش تحت وقع الحصار الخانق منذ ما يقارب العامين.
وأبت "هدى" إلا أن تترك بصمتها في مدن وبلدات الغوطة الشرقية المحاصرة بريف دمشق، بالتزامن مع انعدام وسائل التدفئة وغلاء المحروقات بشكل جنوني، وانقطاع التيار الكهربائي عن منازل الأهالي، جراء الحصار المفروض على الغوطة من قبل قوات النظام.
"تحول هطول الثلج من لحظات فرح وسعادة نظراً لندرة هطوله على دمشق وريفها إلى لحظات مأساة"، دفعت بـ"أبو أحمد" إلى اللجوء لاستخدام أثاث منزله وقوداً لتدفئة أطفاله بسبب عدم قدرته على شراء الحطب، وغياب البديل الذي يسمح له بمنح بعض الدفء لعائلته".
إلى ذلك، تخوف بعض الفلاحين من الصقيع بعد العاصفة الثلجية، كون أن أهالي الغوطة يعتمدون على المحاصيل الزراعية من "أشجار الزيتون والخضار الموسمية" لمواجهة آلة الحصار المفروضة عليهم.
وامتزج جراء العاصفة الحزن بالفرح، حزن من البرد القارس، وفرح وراحة بعد تحييد سلاح الجو، حيث منعته العاصفة والظروف الجوية من شن غاراته التي كانت بالعشرات يومياً على مدن وبلدات الغوطة الشرقية.
وخلت شوارع الغوطة من معظم السكان الذين التزموا منازلهم خشية المرض مع انعدام توفر المواد الطبية.
نزوح النازحين!
لا يختلف وضع النازحين في مخيم أطمة الحدودي بريف ادلب، عن وضع أقرانهم في الغوطة تحت الحصار، حيث اجتاحت مياه الأمطار عشرات الخيم، مسببة حالات نزوح مئات العائلات من المخيم باتجاه المدن والبلدات المجاورة أو الحدود التركية.
يقول الناشط الإغاثي جهاد مطلق، مدير أحد المخيمات التابع لتجمع "أطمة" لـ"أخبار الآن": "يبلغ عدد العائلات النازحة إلى تجمّع أطمة نحو 6000 عائلة أي ما يزيد عن 60000 شخص، إلى الآن لم تسجّل أي حالة وفاة جرّاء العاصفة، لكن خرجت عائلات كثيرة من الخيم بعد غرقها أو جرفتها مياه السيول".
ويضيف: "انتقلت ما يقارب 500 عائلة نحو المخيّمات المجاورة ضمن أطمة إلى مخيّمات أكثر تحصيناً".
"أبو أحمد" نازح يقطن بتجمّع مخيّمات أطمة، يقول لـ"أخبار الآن": "لم تتدخل إلى الآن أي جمعية أو منظمّة إغاثيّة حتّى تساعد المتضررين من جرّاء السيول، أمّا بالنسبة لأهمّ الاحتياجات الحاليّة فهي توفير اللباس الشتوي والخيم والتدفئة وعوازل الحرارة".
كارثة
في تجمّع مخيّمات أطمة الحدوديّة بريف ادلب، الظروف الحاليّة تختصر معاناة السوريين من البرد والسيول التي جرفت الخيم، حيث تدفّقت المياه إلى داخل خيم النازحين ما أدّت إلى خراب كبير في المخيم، خاصّة أنّ طبيعة الأرض التي أقيم عليها المخيّم زراعيّة ذات تربة عميقة.
في المقابل، خرجت الطرق التي تربط بين مقاسم المخيّم عن الخدمة، لاسيما أنّها طرق ترابيّة غير معبّدة، فبمجرّد هطول الأمطار تتحول إلى مستنقعات من الطين.
"غياث زريق" مدير مخيم الغيث ضمن تجمّع مخيّمات أطمة، يصف الوضع بالمأساوي والكارثي، قائلاً: "الوضع مأساوي للغاية، بعد أن اقتلعت الرياح والأمطار والسيول مئات الخيام، وأعداد كبيرة أخرى غرقت تماماً، إضافة لتهدّم بعض الخيم الواقعة على المنحدرات"، ويضيف: "سوء الطقس وانخفاض درجات الحرارة، أدّى إلى مشاكل صحيّة انعكست على الجميع خاصة الأطفال والرضع".
بدوره، يقول الصحفي أنس الخبير أنّ نحو 50 خيمة جرفتها السيول في تجمّع مخيّمات أطمة، مشيراً إلى أن المساعدات خجولة من المنظمات الإغاثية.
حملة مستعجلة
وفي السياق ذاته، أطلق نشطاء محليّون في ريف ادلب نداء استغاثة مستعجل وجّهوه إلى المجالس المحليّة، ومديرية الصحّة والفصائل الثوريّة في المنطقة من أجل التوجه إلى تجمّع مخيّمات أطمة، وإنقاذ العائلات التي باتت في العراء.
وكانت النداءات قد أطلقت من مآذن بلدات ريف ادلب، مطالبة الجميع بالتوجه عبر وسائل النقل الخاصة نحو المخيم وجلب العائلات وإيوائها داخل المدن والبلدات المحررة.
وتوجّهت عدد من السيّارات نحو تجمّع أطمة لإنقاء العائلات العالقة هناك وإيوائهم إلى حين انتهاء العاصفة، على حد إفادات نشطاء من المنطقة.
وتستمر العاصفة الثلجيّة التي اخترقت عدد من الدول كلبنان والأردن نحو ثلاثة أيّام، في حين يسيطر القلق على الجمعيات الإغاثيّة والحقوقيّة السوريّة من خطر نتائج هذه العاصفة على الأطفال والعجزة المتواجدين في المخيّمات الموجودة على الحدود السورية.