أخبار الآن | درعا – سوريا – (علي حسن)
يستمر حتى اللحظة انقطاع شبكة المياه الرئيسية عن مدينة درعا "بشقيها المحرر والمحتل" للشهر الثاني على التوالي، وذلك نتيجة قصف النظام المكثف على مناطق الريف الغربي المجاور للمدينة، والذي أسفر عن تعطيل خط الضخ الرئيسي للمياه المغذي للمدينة، لتكون الضحية المباشرة هم المدنيون الذين يعيشون مرارة القصف، وانتظار توفير مياه الشرب ضمن ظروف الحر الشديد.
بداية المعاناة
بدأت معاناة أهالي درعا من شحّ المياه إثر هجوم عسكري قام به الثوار في مدينة درعا. فقد قامت "فرقة 18 آذار" التابعة للجيش الحر بالهجوم على مواقع النظام المتمركزة في بعض أحياء المدينة من كافة المحاور المحيطة، بهدف إطباق السيطرة على المدينة تحت مسمى معركة "عاصفة الجنوب".
وفي تصريح خاص لموقع أخبار الآن، أوضح المهندس جمال عياش مسؤول مديرية المياه لدى الحكومة المؤقتة، أن سبب انقطاع المياه هو استهداف الطريق الواصل بين منطقة الضاحية وبلدة اليادودة التي تعتبر خط اشتباك مع قوات النظام، ما أسفر عن كسر خط الدفع الرئيسي والذي يقوم بتغذية أحياء مدينة درعا، وانقطاعه بشكل كامل.
وأكد المهندس جمال عياش أن القصف العشوائي لقوات النظام هو الذي أحدث الضرر في الخط المغذّي لمدينة درعا بمياه الشرب. لكن استجابة النظام لطلب الهيئات المدنية بإرسال ورشة مختصة لإصلاح الأعطال بسرعة كبيرة؛ كان وراءه، حسب ما ترى قيادات الجيش الحر في المنطقة، هو محاولة الكشف عن مواقع تواجد الجيش الحر على الخط التماس الأول مع النظام، ما تسبب بتأخير عملية إصلاح خط المياه طيلة هذه الفترة.
وأضاف عياش أنهم دخلوا في عملية التفاوض بين ورشة المياه المرسلة من قبل النظام وفصائل الجيش الحر، ما دفع الأخير للسماح لورشات مؤسسة المياه بإصلاح الخط خلال اليومين القادمين، لتعاد بعدها عملية الضخ من محطة مياه المزيريب إلى أحياء المدينة.
"محمد محاميد" القاطن في مدينة "درعا" حي "البحار" تحدث عن كيفية التعامل مع انقطاع المياه في حيه، وانعكاس حفر الآبار الجديدة على المدينة، حيث يقول: "عانيت كغيري من سكان أحياء مدينة درعا من انقطاع المياه، وهذا الانقطاع جعل من الجميع بحالة استنفار دائم بحثاً عن موارد بديلة للمياه، والتي غالبا ما تكون عن طريق الشراء بثمن باهظ، حيث تبلغ تكلفة الخزان الواحد حوالي ألف ليرة سورية، أي ما يعادل 6 إلى 8 دولارات أميركية، في ظل أزمة مالية خانقة على الأهالي وانعدام فرص العمل".
وأضاف محاميد أن انقطاع مياه الشرب عن المدنيين أنساهم محاصيلهم الزراعية، وأن نقص كميات المياه الصالحة للري يهدد هذه المشاريع ومحصولاتها، والتي تمثل المورد المادي الأخير لمعظم السكان على حد قوله.
انتشار الأمراض والأوبئة
في السياق ذاته، أشار محمد المصري رئيس مكتب المشاريع في المجلس المحلي بدرعا، لمراسل الآن خلال لقاء خاص معه، إلى أن سكان درعا بشقيها المحرر والمحتل يعتمدون بشكل رئيسي ومنذ فترة طويلة على الخط الرئيسي القادم من محطة المزيريب، ومع انقطاع خط المياه يلجأ السكان الى تعبئة المياه من الآبار التي حفرتها مؤسسات النظام والثوار كل في منطقته، والتي تكون في معظمها "غير صالحة للشرب" على حد قوله، حيث تكون مخلوطة بالطين ومعكّرة، وذلك بسبب حفر الآبار في مواقع غير مناسبة نظراً لظروف الحرب المستمرة، ما أدى إلى انتشار الأمراض كحالات التسمم وعسر الهضم والإسهال المزمن بين معظم السكان.
وعن مدى تأثير أزمة المياه في الحياة اليومية، يذكر المصري أن المدنيين يعتمدون على جلب مياه الشرب من مياه الآبار عبر صهاريج المياه، لكن هذه الطريقة مكلفة للمدنيين فضلاً عن امتناع معظم صهاريج المياه الوصول إلى المناطق السكنية في محيط المواقع والحواجز العسكرية، مؤكداً بأن ورشة مؤسسة المياه ستقوم بإصلاح الأعطال في أسرع وقت ممكن، ساعين في ذلك لتأمين أهم عنصر لاستمرار الحياة ألا وهو الماء.
وأشار "خالد بشار" أحد أبناء مخيم درعا الفلسطيني إلى تفاقم مشكلة انقطاع مياه الشرب في مخيم درعا أكثر من غيره، حيث يقول: "نعاني في مخيم درعا من استحالة وصول صهاريج تعبئة المياه إلى معظم منازلنا، بسبب جغرافية المخيم وشوارعه الضيقة، والقنص المستمر لشوارعه الرئيسية من قبل قوات النظام، ما يضطرنا إلى نقل المياه عن طريق الأواني والبراميل". أما بالنسبة لمياه الشرب فيقول خالد أن هنالك خزان للحي يتم تعبئته بالمياه القابلة للشرب عن طريق نقله إلى الشارع الرئيسي وتقاسمه، واصفاً مياه الشرب "بالكنز الثمين".
تضيق الحياة يوما بعد يوم أمام السوريين في المدن والمناطق التي تطالها أذرع النظام. وهو ما يترك السؤال مفتوحا عن مدى تحمّل الأهالي المصائب المتتالية التي تحرمهم من الحد الأدنى من الحياة اليومية.