أخبار الآن | درعا – سوريا – ( سارة الحوراني)
تتواصل معاناة الأهالي في تأمين مادة حليب الأطفال للرضع في المناطق المحررة في محافظة درعا جنوب سوريا منذ ما يقارب الثلاث سنوات؛ نتيجة لسياسة الحصار التي يتبعها نظام الأسد ضد معارضيه، ما دفع بالأهالي إلى البحث عن بدائل واللجوء إلى حليب الحيوانات.
ارتفاع سعر الحليب واحتكاره
"خمس علب من مادة حليب الأطفال شهرياً ما تحتاجه طفلتي "سمر" والتي تبلغ من العمر خمسة أشهر، حيث نواجه صعوبة كبيرة في تأمين الحليب؛ جراء فقدانه من الأسواق وارتفاع سعره إن وجد وغالباً ما يتم تأمينه من مدن وبلدات ريف درعا" وفقاً لما تخبرنا به أم محمد والدة الطفلة الرضيعة في حديثها لأخبار الآن.
وتضيف أم محمد أن ثمن علبة حليب الأطفال يتراوح ما بين (2000) و (2500) ليرة سورية، وغالباً ما يتم تأمينه من خارج مدينة درعا، في حين يقوم بنك حليب الأطفال في درعا البلد بتأمين علبتين مجاناً من حليب الأطفال شهرياً لكل طفل في المنطقة، لافتة إلى أن طفلتها أصيب بمرض فقر الدم منذ شهرين لاعتمادها لفترة من الوقت على حليب الحيوانات المخفف بكمية من الماء حسب ما قاله طبيب الأطفال لها.
سوء التغذية وفقر الدم تصيب الأطفال لفقدان الحليب
من جانبه قال الدكتور "يعرب عبد الفتاح" مدير مستشفى كحيل للتوليد في ريف درعا الشرقي لأخبار الآن أن: "اعتماد الأهالي على بدائل كحليب الأبقار والماعز أو الأغنام عوضاً عن الرضاعة الطبيعة أو حليب الأطفال المخصص للأطفال الرضع، أدى إلى إصابة الكثير من الأطفال بالأمراض كالإسهال والتحسس لبروتين الحليب والدسم وسوء التغذية ونزف في الأمعاء لدى الطفل وفقر الدم وخاصة لدى الرضع أقل من عام".
وأضاف الدكتور أنه في حال تعذّر حصول الطفل على الحليب من والدته عبر الرضاعة الطبيعية أو الحليب المخصص للرضع، يمكن الاعتماد على حليب الحيوانات بعد تخفيفه بمادة الماء على الرغم من عدم النصح به علمياً، لكن في حالات الضرورة القصوى. مشيراً أنه بعد بلوغ الطفل خمسة شهور يمكن إدخال الأطعمة الأخرى للطفل بشكل تدريجي كالفواكه والخضار المسلوقة وصفار البيض والأرز حتى يحصل الطفل على كافة احتياجاته من الفيتامينات والمعادن والتخفيف من الاعتماد على حليب الحيوانات بشكل رئيسي.
وشدد الدكتور على ضرورة الاعتماد على الرضاعة الطبيعية وتشجيعها لأهميتها على صحة الطفل ونموه الطبيعي والسليم عقلياً وجسدياً ومنحه المناعة اللازمة ضد الأمراض، لافتاً إلى أن الرضاعة الطبيعية تسهم أيضاً بشكل إيجابي من الناحية العاطفية لدى الطفل كون الطفل قريباً من صدر والدته وقلبها.
بنك حليب الأطفال بدرعا البلد
السيد "مؤيد أبازيد" مدير بنك الحليب بدرعا يقول: "في خطوة للتخفيف من الأعباء المفروضة على الأهالي في تأمين مادة حليب الأطفال، وفي ظل أوضاع اقتصادية وأمنية صعبة يعيشها الأهالي، أُنشأ بنك لحليب الأطفال في الأحياء المحررة من مدينة درعا، والذي يعتمد في تأمين مادة حليب على التبرعات من الهيئات والمنظمات الإغاثية بالإضافة إلى متبرعين أفراد من أبناء المنطقة".
وأوضح الأبازيد أن بنك الحليب الذي تأسس في شهر شباط/فبراير من العام الحالي يعتمد في عمله على آلية منظمة، من خلال الاعتماد على إحصائيات يتم تحديثها بشكل متواصل، حيث يتم التوزيع على قوائم اسمية خاصة بالأطفال الرضع تعتمد على شهادة الميلاد الصادرة عن النفوس في المناطق المحررة أو من المشافي الميدانية وبطاقات اللقاح، مشيراً إلى أن عملية التوزيع تتم خلال ثلاثة أيام أسبوعياً ولمرتين شهرياً فقط نظراً لقلة مخزون البنك من مادة الحليب، فعلبتين شهرياً لا تكفي حاجة الطفل من الحليب لكن هذا ما يتوفر لدينا حالياً.
يستفيد من البنك الأطفال ما دون السنة وذلك لعدم توافر الحليب المخصص للأعمار ما فوق السنة لضعف إمكانيات البنك المالية. ويتم توزيع مابين(3000) و( 4000) علبة حليب شهرياً.
عقبات واحتياجات
أما عن أسباب تفاقم أزمة حليب الأطفال وعرقة عمل البنك فيلخصها بعدم انتظام كميات الحليب الوارد إلى المناطق الخارجة عن سيطرة نظام الأسد وارتفاع أسعارها، وصعوبة الانتقال المفاجئ في المناطق الساخنة، والاستهداف المباشر للمشافي الميدانية ومراكز تجمع الأهالي بالقصف الجوي، إضافة إلى عدم توفر أجرة شهرية للعاملين في بنك الحليب لضعف الدعم المالي للبنك.
وأوضح مدير بنك الحليب بدرعا أن: "حاجة المحافظة من مادة حليب الأطفال تقدر بـ 40 ألف علبة حليب فقط لأطفال ما دون العام حسب إحصائيات مديرية الصحة التابعة للحكومة السورية المؤقتة، مؤكداً على أنه يتم العمل حالياً على جعل بنك حليب الأطفال مؤسسة تمتد نشاطها ليشمل كافة المناطق المحررة في محافظة درعا، حيث تم توزيع مادة الحليب في وقت سابق على مدن وقرى ومخيمات النزوح كـاليادودة والمزيريب وحيط وتل شهاب وللنازحين في تل زيزون والشجرة والمسفيرة".
يشار إلى أن المناطق المحررة في محافظة درعا تعاني أزمات إنسانية ومعيشية وصحية جراء الحصار المفروض من قبل قوات النظام التي يرافقها استهداف مباشر للبنية التحتية والمشافي الميدانية والمراكز الطبية من قبل طيران الأسد الحربي والمروحي.