أخبار الآن | الرقة – سوريا – (عزام الحاج)
أصدرت منظمة العفو الدولية "أمنستي Amnesty" تقريرا عنونته "لم يكن لنا مكان آخر نذهب إليه: النزوح القسري وعمليات هدم المنازل في شمال سوريا"، في الثالث عشر من الشهر الجاري، يوثق الانتهاكات التي تقوم بها وحدات الحماية الكردية بحق السكان العرب في ريفي الرقة والحسكة مما يعني وجود خطة تهجير ممنهج، حسب التقرير.
أصدرت وحدات الحماية بيانا رفضا فيه التقرير واستمرت، في ذات الوقت، في سياسة هدم بيوت مواطنين سوريين وتهجير قاطنيها في قرى تل أبيض؛ كان آخرها تهجير كل سكان قرية "نهود البنات" جنوب غرب بلدة تل أبيض، ونسف بعض بيوتها بتاريخ 14 تشرين الأول/أكتوبر 2015، حسب روايات حقوقيين وناشطين محليين.
الآخر هو داعشي
لم يخرج بيان وحدات حماية الشعب التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردستاني PYD، فرع حزب PKK التركي في سورية، عن ما يشابهه من تصريحات النظام السوري حين يتهم بانتهاكات لحقوق الإنسان.
فقد شكّك البيان بنوايا ومصداقية منظمة العفو الدولية، وشكك كذلك بصدق روايات الشهود، واتهمهم بموالاة داعش والانحياز إلى قوى سياسية تناصبها العداء.
الأمر الأخطر هو رفض ما جاء في تقرير "أمنستي" بحجة انتماء كل ما يعارض ويكشف الممارسات اليومية لتلك الوحدات بأنه داعشي!.
هكذا يصبح سكان هذه القرى، بنظرهم، دواعش أو موالين لداعش أو منهم أفراد منتسبين إلى داعش، أو أن التدمير كان بفعل القتال مع داعش، أو أن داعش هو الذي هدم هذه البيوت أو أنه فخخها، وما تهجير سكانها من قبل وحدات حماية الشعب، إلا لحمايتهم من مخاطرها!.
لكن الممارسات اليومية، وحتى هذه اللحظة، تشير إلى استمرارها في انتهاج سياسة تفريغ هذه المناطق من سكانها بقوة القسر، أو بالتهديد باستخدامها.
اتهام صريح ورسمي لوحدات الحماية
شمل تقرير منظمة العفو شهادات متضررين مُصورة بالفيديو وتوثيق لناشطين حقوقيين محليين تُثبت حدوث هذه عمليات التهجير والمصادرة، إضافة إلى أعمال نسف بيوت بعد سرقة أثاثها. وسندت شهادات المتضررين والحقوقيين بصور مُلتقطة بواسطة الأقمار الصناعية للقرى التي تعرضت للتهجير والتهديم، قبل وبعد سيطرة قوات حماية الشعب عليها، بما لا يدع مجالاً للشك في مسؤولية هذه الوحدات عما جرى في هذه القرى.
لم تتلق المنظمة أية ردود على التساؤلات التي وجهتها إلى الأطراف الأساسية في الصراع. فلم تتلق أي رد من قيادة وحدات حماية الشعب أو قوة الأسايش التابعة لها، لتعود المنظمة وتوجّه الاتهام صراحة في موجز صحفي إلى وحدات حماية الشعب في سياسة تهجير عرقي وتهديم لبيوت السكان وتعفيشها وسرقة أرزاقهم في مناطق سيطرتها.
وراثة القمع والسلطة .. الوحدات وداعش
ورثت قوات وحدات حماية الشعب الكردية السلطة من داعش، ويبدو أنها لم تخرج في سياساتها عن الممارسات التي اتبعها داعش مسبقا، لكن هذه المرة تحت مسميات جديدة ومبررات مختلفة أيضا.
لم يكترث قادة الـ PYD لتقرير وتوصياته، فقد سجلت مجموعة كبيرة من الانتهاكات اليومية تحت قوة السلاح بحق الأهالي، فقبل يومين داهمت وحدات مسلحة من الحزب قرية "شابداغ" شرقي بلدة "سلوك" وقامت بنهب ثلاث سيارات وجرارين زراعيين وكل المولدات الكهربائية في القرية، مع إعطاء مهلة لأهالي القرية حتى صباح اليوم التالي للمغادرة، حسب ما وثق ناشطون من شهادات الأهالي.
وحتى يوم أمس قامت العديد من الآليات التابعة لـ PYD بهدم وتجريف قرية "الفاطسة" شرقي بلدة "عين عيسى"، وبحسب شهود عيان قام فريق متفجرات بتفخيخ بعض المنازل.
يزداد الحال في شمال الرقة تعقيداً يوماً بعد يوم مع اقتراب ساعة الصفر للزحف باتجاه مركز المحافظة الخاضع لسيطرة داعش، فيما يبدو السكان المدنيون كبش الفداء الذي يدفع ثمن صراعات فرضت عليهم من أطراف يتمايز بعضها عن الآخر في شدة عنفه ووحشيته وحسب.