أخبار الآن | قيصري – تركيا (محمود العبدالله)
بعد أن أُجبر أطفال سوريا على ترك مدارسهم ووطنهم والهجرة إلى تركيا والبلاد المجاورة، بحثوا عن مكان آمن ومدرسة آمنة يتمكّنون فيها من محو أميتهم أو إكمال دراستهم. ونظراً لكثرة أعداد العائلات المهاجرة في تركيا فإن هناك مشكلات وعقبات كثيرة تواجههم، من أهمها مشكلة التعليم، إذ أن الكثير من الطلاب لم يتمكنوا من دخول المدارس وذلك لأسباب مختلفة، ففي مدينة "قيصري" والتي تضم أكثر من 50 ألفاً من السوريين يعاني أغلبهم من فقدان حق التعليم لأطفالهم، حيث تُركوا دون رعاية أو اهتمام من قبل المسؤولين.
توزع الطلاب
حسب إحصائية "مركز إدارة الهجرة في قيصري" لعدد الأطفال المقيدين لديهم من مواليد 2000 حتى 2009 بلغ 6130 طفلاً، وهؤلاء الأطفال يعتبرون حسب القوانين العالمية طلاباً في مرحلة التعليم الإلزامي، وبعد الرجوع إلى مديرية التربية التركية والمدارس السورية التابعة لها تبيّنَ أنّ عدد الطلاب المقيدين لديهم هو 2290 طالباً فقط.
حيث يتوزع الطلاب السوريين في مدينة قيصري على مدرستين تدرسان بالمنهاج السوري المعدّل، الأولى: "المدرسة السورية في قيصري" بفرعيها: في منطقة "دنيشمانت" و"كاظم كرابكر" والتي تضمّ 965 طالباً في المرحلة الابتدائية والإعدادية والثانوية، حيث تم تأسيس هذه المدرسة من قبل ناشطين بالتعاون مع مديرية التربية التركية في السنة الماضية وذلك مع تزايد أعداد الطلاب في المدينة. الثانية: "مدرسة أرجيس السورية" والتي تأسست من قبل "جمعية أنصار السوريين" بالتعاون مع مديرية التربية التركية وتضمّ هذه المدرسة 325 طالباً من الصف الخامس حتى الثالث الثانوي.
بينما يتوزع ألف طالب على المدارس التركية في جميع أحياء المدينة، حيث تقوم هذه المدارس بالتدريس باللغة التركية والمنهاج التركي، وقد تمكنوا من الدخول إليها حسب القرار الصادر مؤخراً عن وزارة التربية التركية والذي ينص على أنّه: "يستطيع الطلاب السوريون حاملو الهوية التركية (الكملك) التسجيل على نظام "اليوبس" في جميع المدارس التركية".
مشكلات متعددة للطلاب
هناك مشكلات كثيرة يعاني منها الطلاب السوريون في مدينة قيصري تمنعهم من الوصول إلى المقعد الدراسي، منها:
1- عدم وجود مقاعد كافية للطلاب السوريين في المدارس التركية في المناطق المكتظة بالسوريين، حيث امتلأت جميع المدارس في هذه المناطق وأصبحت عاجزة عن استيعاب هذه الأعداد الكبيرة، إذ بلغ عدد الطلاب بمدرسة "بيرلك منسوجات" الكائنة في حي "كشك مصطفى" 96 طالباً وطالبة، وقد صرح مدير المدرسة في حديث خاص لـ "أخبار الآن" أن مدرسته قد وصلت إلى حد الاكتفاء، حيث قال: "استقبلنا الكثير من الطلاب السوريين في هذه المدرسة والآن أصبحنا عاجزين عن استيعاب بقية المتقدمين، وأنا أحزن لهذا، لكن لا يمكنني فعل أي شيء".
2- عدم اهتمام بعض المعلمين الأتراك في المدارس التركية بالطالب السوري ومعاملته معاملة الطالب التركي الذي يعرف اللغة التركية، حيث إن الطالب السوري الذي يدخل إلى المدرسة التركية بحاجة إلى تعلّم اللغة أولاً؛ ليتمكن من فهم دروسه.
3- يعاني الطالب السوري من مشكلة المواصلات، حيث إنّ المدارس جميعها لا تملك حافلات لنقل الطلاب، وفي المقابل فإن أجور وسائل النقل العامة مرتفعة مقارنة مع مستوى دخل العائلات الموجودة في المدينة، وهو ما يجبر أولياء أمور بعض العائلات على ترك أطفالهم بدون تعليم وإرسالهم إلى العمل، وهو ما زاد من نسبة عمالة الأطفال.
4- عدم وجود منظمات سورية في المدينة تستطيع أن توفّر المدارس والمقاعد الدراسية للطلاب وتحل مشاكلهم التعليمية.
وتحدث الطالب "محمد حلاق" لمراسل "أخبار الآن" عن المشكلات التي تعترضه، فقال: "نعاني من نقص المدارس في المدينة حيث إنه لا يوجد سوى مدرستين فقط، ونعاني من صعوبة الوصول إليهما كونهما لا يملكان حافلات لنقل الطلاب ويفتقران لبعض الخدمات".
وعن الاحتياجات المطلوبة تحدث موجه المدرسة السورية في قيصري الأستاذ "محمد جمعة الحاج حمزة" عن المشاكل التي يعاني منها الطلاب، فقال: "إنّ وجود أكثر من 3000 طالب بدون مدرسة أمر كارثي، يهدد جيل المستقبل بالأمية والجهل، فنحن بحاجة إلى تأمين مدارس جديدة في العديد من الأحياء المكتظة بالسوريين وتأمين المواصلات والخدمات اللازمة لطلابنا، والحقيقة أنّنا عاجزون عن حل هذه المشاكل التي تعترضنا، رغم محاولاتنا المتكررة بإيصالها إلى المسؤولين الأتراك، وإلى وزارة التربية والتعليم في الحكومة السورية المؤقتة، لكن دون جدوى".
وجود هذه المشاكل التعليمية، بعد مرور أكثر من أربع سنوات على وجود المهاجرين السوريين في مدينة قيصري التركية، أمر لا يمكن السكوت عنه، فهو يهدد مستقبل جيل بأكمله ويستدعي تدخلاً مباشراً من قبل المنظمات والهيئات المعنية وخصوصاً السورية منها، لحل هذه المشاكل التعليمية التي تعترض العائلات السورية وتمنعهم من تدريس أبنائهم.