أخبار الآن | السويداء – سوريا (عبيدة النبواني)
أحيا ناشطون من مدينة السويداء، الذكرى السنوية الثالثة لاستشهاد الشاب "صلاح صادق" عبر إقامة حفل لدعم الأطفال السوريين لإبعادهم عن أجواء الحرب في سوريا، باسم "احتفالية الشهيد صلاح صادق لأطفال سوريا"، تكرارا للنشاط الذي شارك فيه "صلاح" قبيل استشهاده في حلب، عام 2013.
ثلاث سنوات مرت منذ ودع أهالي السويداء شهيدهم "صلاح صادق"، الذي استشهد أثناء محاولته تضميد الجراح التي تركتها الحرب في نفوس أطفال سوريا، من خلال إقامة حفل ترفيهي لأطفال "مخيم هنانو" في حلب، حاملا معه بعض الهدايا، ومتحدياً المسافات التي تفصل مدينته في أقصى الجنوب السوري، عن مخيم هنانو في أقصى شماله، في محاولة منه لإيصال رسالة أن الحرب لن تستطيع تقطيع أوصال سوريا.
شهيد رأس السنة
وصل "صلاح إلى حلب قبيل ليلة رأس السنة، وشارك مع عدد من الناشطين بالترويح عن الأطفال والغناء واللعب معهم، إلا أن حفلة رأس السنة تلك، كانت آخر النشاطات التي شارك فيها صلاح، حيث استهدفتهم طائرات النظام بعد انتهاء الحفل، ويقول شقيقه "رائد" في حديث لأخبار الآن تعليقا على ذلك: "كان سلاح الجو بقذائفه العنقودية الحاقدة جاهزا لتدمير وقتل الروح المدنية للثورة السورية، فأصيب صلاح إصابة بالغة أدت لاستئصال كليته بعد عملية دامت ست ساعات توقف قلبه خلالها مرتين وعاد للنبض، إلا أن حالته ساءت في اليوم التالي بسبب توقف كليته الأخرى، ونظرا للحصار المفروض على حلب، لم يكن بإمكان المشفى الميداني معالجته وكان لا بد من نقله إلى تركيا، لكن تأخر استقباله لأكثر من ثلاث ساعات، كان كفيلاً بإنهاء مسيرته الإنسانية على أرض وطنه الذي حلم بأن يعيش فيه حرا".
نُقل جثمان صلاح إلى ريف إدلب ليدفن هناك، ولم يكن بعيدا عن بلده أبدا، فهو الذي طالما آمن أن تراب سوريا لا يتجزأ، قائلا أن الشارع السوري والمتظاهرين والشهداء هم من يمثلونه.
ولد "صلاح" في السويداء عام 1989 واستشهد في حلب ودفن في إدلب قبل ان يُكمل أعوامه الـ 23، كما شارك في حملات إغاثية لسوريين من جميع المحافظات، ونادى منذ بداية الثورة السورية أن الشعب السوري واحد.
بعد استشهاد صلاح بثلاثة أيام شيعه أهله ورفاقه في السويداء، ليتحول التشييع إلى مظاهرة تهتف للشهيد، وتنادي بما نادى به قبلَهم، إلا أن قوات النظام تصدت للمظاهرة وقامت بتفريقها باستخدام الرصاص والقنابل المسيلة للدموع.
تاريخ من الحراك السلمي ضد النظام
صلاح صادق – أو شهيد الإنسانية كما يسميه ناشطو السويداء – كان اسماً على مسمىً، ولد في قرية الكفر عام 1989 وبعد ولادته بفترة توفيت والدته وعاش يتيم الأم، أنهى دراسته الثانوية ثم تخرج من معهد تصميم الديكور، والتحق بصفوف الجيش قبل بداية الثورة السورية ثم سُرِّح في أواخر عام 2011.
يقول شقيق صلاح لأخبار الآن، "بعد تسريح صلاح انطلق بكامل طاقته حبا لسورية وكرامة الإنسان، فشارك في الحراك المدني بالسويداء من مظاهرات واعتصامات وغيرها، وعند قدوم النازحين إلى المحافظة، وصل ليله بنهاره خلال قيامه بإيصال المساعدات والمعونات لهم".
ويضيف "رائد": "حاول صلاح كنوع من التعويض عن فقدان والدته ونظراً لحسه الإنساني العالي، أن يتواصل مع مجموعة الدعم النفسي في السويداء، وابتدأ مشواره مع الطفولة والأطفال، وبعد دعوة فريق الدعم بالسويداء لمشاركة شقيقتها حلب بمهرجان "عام جديد وأمل جديد"، أبى إلا أن يكون من الفريق الذاهب إلى هناك، وانطلقت رحلته مع رفاقه إلى حلب حيث كان الحفل بتاريخ 31/12/2012 وكان يضم ناشطين من كافة أنحاء سوريا، كان الأطفال فيه بغاية الفرح أثناء لعب صلاح معهم، والدموع في عينيه حزنا على حالهم وحال سوريا".
بعد استشهاد صلاح بدأت محاولات النظام لإحضار جثمانه مدعية أنه قتل على يد "العصابات الإرهابية"، كما حاولت عدة تنسيقيات معارضة نسب صلاح اليها، كما يقول شقيقه، مضيفاً أن "صلاح أبى إلا أن يكون سوريا، وسوريا فقط، فدفن بمدفن روماني قديم في منطقة أطمة التابعة لمحافظة إدلب على الحدود السورية التركية، ليترك خلفه حملاً وحلماً كبيراً هو وشهداء سوريا، بالوصول لدولة مدنية تعددية تحترم حقوق الإنسان".