أخبار الآن | ريف دمشق – سوريا (ورد مارديني)

عُرفت المرأة السورية عبر تاريخ طويل بشجاعتها وصلابتها في أحلك الظروف، وفي الثورة السورية نراها تبدي فعالية حقيقية، فهي عنصر أساسي ومؤثر في الحراك سواء في التظاهرات التي جمعت أطيافا عديدة من المجتمع السوري أو في مساندة الثورة بكل ما تستطيعه من أنواع الدعم المادي والمعنوي والإنساني.

المرأة الإعلامية في الثورة

إغلاق الطرق منعها من إكمال دراستها رغم أنها كانت من المتميزات في مدرستها، قدمت امتحانات الشهادة الثانوية وحصلت على معدل عال يؤهلها لدراسة الصحافة والإعلام في جامعة دمشق، لكن النظام كعادته يحاول قتل أحلامنا.

"سارة" ناشطة إعلامية من الغوطة الشرقية، حققت حلمها رغما عن أنف النظام الغاشم، فبسبب فرض النظام حصارا خانقا على الغوطة الشرقية وإغلاق جميع الطرق المؤدية إلى العاصمة، لم تستطع التسجيل في الجامعة، تقول: "لوهلة، شعرت باليأس والتحطم، حلمي بات مستحيلا ودراستي ذهبت مع الريح. وكأي فتاة في هذا العمر تحاول العثور على شريك حياتها، وفعلا خطبني شاب من بلدتي وقبلت به كونه معلم، وبعد خطبتي بأسبوع اعترف لي أنه يعمل إعلاميا في إحدى التنسيقيات  وساعدني لدخول هذا المجال وعلمني كيف أكون إعلامية ناجحة".

وتضيف: لم أتخيل يوما أن أصبح ناشطة إعلامية ثورية دون شهادة جامعية، وأنا أسعى بكامل جهدي لنقل الصورة الحقيقية للغوطة الشرقية في ظل الحصار الذي تشهده منذ ثلاث سنوات، وأركز في عملي صراحة على فئة النساء فهن منارة وفخر لكل سوري، المرأة السورية مكافحة ومناضلة وفلاحة وعاملة وثائرة وشهيدة وما زالت تدفع الضريبة الأكبر من تبعات أفعال هذا النظام الفاسد".

والمرأة الطبيبة في المشافي الميدانية

الحرب التي دمرت البلاد وأبكت الرجال وهجرت الملايين، جعلت المرأة مضطرة لتحمل أعباء جديدة دفعتها للعمل بجميع المجالات، ولو كان ذلك العمل على حساب صحتها، فأطفالها وبيتها ووطنها يستوجبون عليها الصمود الدائم.

"سمر" طبيبة مقيمة في الغوطة الشرقية، آثرت إنقاذ حياة الجرحى والمرضى على حياتها الأسرية، تقول: "كنت من المصممين على الخروج من الغوطة في بداية الثورة كي أكمل دراستي في العاصمة، فقد تخرجت من كلية الطب بامتياز وبقي عليّ سنوات الاختصاص، لن أنسى ذلك اليوم الذي قررت فيه أن أخرج من غوطتي كالكثير من الأطباء الذين فضلوا مصالحهم على مصالح شعبهم، ودعت أهلي وإذا بصوت القذائف تنهال على بلدتي وسقطت إحدى القذائف بالقرب مني ومن أسرتي، أصيب طفلي الصغير إصابة طفيفة فهرعت به إلى المشفى الميداني، لم يكن طفلي الجريح الوحيد، كان هناك الكثير من الجرحى بينهم نساء و أطفال، تركت طفلي مع أحد الممرضين وبدأت أعالج غيره، لم يكن في المشفى إلا أنا و طبيب آخر مع عدد ضئيل من الممرضين".

وتضيف: شعور غريب أصابني بعد خروجي من المشفى، ودعني الطبيب وشكرني على مساعدته وطلب مني العمل في المشفى لأنه بحاجة لطبيب يسانده في عمله الإنساني، شعرت بالخجل من نفسي، ومنذ تلك اللحظة قررت البقاء في بلدتي ومع أهلي أمارس عملي كطبيبة وأم وزوجة. أواجه بعض الصعوبات لكن كل شيء يهون أمام بسمة طفل أعدت الحياة لأمه أو أبيه، أو فرحة رجل أعدت الحياة لزوجته ويبقى في القلب غصة مع كل شهيد.

المرأة المعلّمة ومربية الأجيال

المرأة لها دور بارز في صناعة الأجيال وإرشادهم وتعليمهم الأخلاق، لينهض هذا الجيل بمجتمع أفضل، فكثير من نساء الغوطة الشرقية يعملن في مجال التعليم.

"أمل" مدرِّسة في إحدى المراكز التابعة للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، تقول: "العلم ضروري لكل الأجيال، ونحن في ظروف حُرمت الطفولة فيها حق التعليم، كما أن دورنا مهم في نهضة المجتمع ومساعدة أجيالنا لقيادة المستقبل، لكن النظام يستمر باستهداف مدارس التعليم والروضات، لذلك نسعى إلى تأمين أماكن نحافظ بها على من تبقى من أطفالنا".

ستبقى المرأة السورية صامدة بشموخها وعزتها وكرامتها المصونة رغم أنف النظام المجرم، فالمرأة السورية هي عزة سوريا ومجدها القادم لأنها مصنع جيل سوريا الحرة القادمة.