أخبار الآن | ريف إدلب – سوريا (مأمون الجسري)

"لن نتخلى عن مادة التاريخ والفلسفة"، صرخ "يزن" عندما طلب موفد من جبهة النصرة من المعلمين والمدير إلغاء بعض المواد من قائمة التدريس.

"يزن" 16 عاما، يدرس في إحدى المدارس التابعة للائتلاف السوري في الصف العاشر في خان شيخون، يقول: "في بداية السنة الدراسية تقبلنا فكرة إلغاء مادة القومية على اعتبار أننا جميعا كنا كطلاب لا نحبها وكنا مرغمين على دراستها طوال السنين الماضية لأنها جافة وفارغة .. ولكن التاريخ والفلسفة مواد نحبها ولا نستطيع أن نتصور علم وثقافة بدونها".

مدرس الفلسفة لم يزل يحضر إلى المدرسة ويأخذ راتبه من الائتلاف، وكذلك مدرس التاريخ أيضا، بحسب يزن.

تغيير المناهج حسب توجهات "النصرة"

"أحمد" مدرس ينتمي إلى جبهة النصرة يقول أنه سوف يتم إلغاء مقرر التاريخ الحالي واستبداله بتاريخ السيرة النبوية بحجة أنه يحتوي على أمور خاطئة كاعتبار الدوله العثمانية استعمار عثماني لسوريا ومساواته بالاستعمار الفرنسي بالتسمية.

مدرس التاريخ "فاضل" 50 عاما من كفرنبل يعتبر من جهته التاريخ مادة أساسيه في الثقافة والعلم بغض النظر عن الدروس التي تتعلق بشخص وأعمال "حافظ الأسد"، هناك دروس مهمة كتاريخ الحضارات القديمة والعبر المستخلصة من تجارب التاريخ والعلوم القديمة والثقافات.

مدرس اللغة العربية "واهب" يعتبر الفلسفة والتاريخ مواد لا تؤثر سلبا على شخصية المسلم وإيمانه، بل على العكس تعطيه آفاقا من المعرفه أكثر وبالتالي إيمانا أكبر بالله .

ويوضح الأستاذ أحمد عدم قناعة معظم الأهالي بهذه الأفكار في مدينة كفرنبل وما حولها، لذلك يخشى من انتشار نوع من النفاق والمراءاة جراء إلزام الناس بأشياء غير مقتنعين بها أصلا وتخالف أفكارهم ومبادئهم.

المعاهد الشرعية وقوانينها

الشيخ  "فضل العكل" 30 عاما قام بافتتاح معهد يدعى "المعهد الشرعي العلمي" في كفرنبل، بدعم من السعودية، وهو خاص لتدريس منهاج الصف التاسع والبكالوريا، في خطوة يعتبرها الأهالي جيدة حيث لاقت قبولا كونها تستقبل الطلاب الذين حرموا من الدراسة في مدارس النظام لأسباب أمنية، فتقوي قدراتهم ومعلوماتهم، لكن وحسب قول مدير المعهد "سعد" 32 عاما، فإن تلقي الدعم لهذا المعهد مشروط بتدريس العلوم الشرعية الإسلامية.

"رائد" طالب في البكالوريا يدرس في هذا المعهد يقول: "غايتي هي متابعة دراستي ولا مانع عندي من الاهتمام بالدروس الشرعية طالما أنها كانت لدينا موجودة في المنهاج الدراسي التابع للنظام". أما أخته "لانا" التي تدرس في نفس المعهد في الصف التاسع فتقول: "لقد طلب منا مدرسو المادة الإسلامية وضع الخمار ولكن دون إجبار فوضعت الخمار مسايرة لهم ولكي أتمكن من متابعة دراستي مع أنني غير مقتنعة به، في حين بعض زميلاتي وضعن الخمار عن قناعة وأخريات اعتبرنه موضة جديدة و"ستايل" جميل".

المدرسه "ناهد" 45 عاما، تعمل مدرسة شريعة في مدارس النظام تؤكد أن منهاج النظام يحتوي على مادة الديانة الإسلامية بشكل كاف منذ الصفوف الدنيا، وتضيف أن الإبقاء على مادة "التربية الدينية" لا يضر شيئا.

مستقبل الطلاب الغائم

"يوسف" مدرس لغة عربية يقول أن استمرار تعدد الآراء حول المناهج والاقتراحات قد يؤدي لعدم استقرار فكري لدى الطلاب، ففي الوقت الذي يعتبر فيه الائتلاف أن الدروس الدينية في منهاج النظام كافيه تعتبرها "الجبهة" غير كافية ولذلك أقامت الأخيرة عدة معاهد شرعية في "جبل الزاوية" ثم انتسب اليها عدد من المدرسين العاطلين عن العمل وأقيمت دورات لهم ليصبحوا مؤهلين لإعطاء الدروس الشرعية في نفس مدارس النظام الحالية بدل مادة القومية والفلسفة في الصفوف العليا، وأيضا بدل مادة الموسيقى في الصفوف الابتدائية وذلك في خطوة فريدة من نوعها؟!.

والد التلميذ "أمجد" لا يرى مشكلة في ذلك طالما أنهم يستفيدون علميا وثقافيا وطالما أن تلك الدروس كانت موجودة منذ البداية ولكن الآن زاد عددها. وبرأيه أنه لو حفظ ابنه آيه واحدة وطبقها خير من أن يحفظ 300 آيه ولم يطبق منها شيئا، فالدين هو معامله وأخلاق حيث قال الرسول الكريم "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"، ويرى أنه من المفترض أن يكون هناك نوع من الحوار والتفاهم والحكمة فيما يتعلق بالاستقرار على منهاج واحد وأخذ آراء الطلاب ورغباتهم فيما يتعلق بمنهاج الدراسة، مشيرا إلى أن الكثير من سكان إدلب وريفها لا يقتنعون تماما بما تمليه عليهم "الجبهة" من قرارات، ولكن البعض ينفذها مجاملة لهم.