أخبار الآن | ريف دمشق – سوريا (أسامة زين الدين)
مع دخول العام الرابع لمدينة داريا الواقعة جنوب دمشق تحت الحصار والقصف اليومي، تمكنت قوى النظام بمشاركة المليشيات الطائفية المساندة له وبمؤازرة من القصف الروسي من فرض عزل شبه كامل لمدينة داريا عن جارتها المعضمية بعد أن أحكمت حصارها الناري على المعبر الوحيد الذي يصل المدينتين الجارتين ببعضهما البعض، فيما يبدو على أنه مخطط شبيه بمخطط الزبداني أو الوعر والذي عمد فيه النظام لسياسة الحصار والتجويع بعد عجزه عن مقارعة وهزيمة الثائرين عسكريا ضمن المدينة الصامدة.
فقد كشفت قوى الفرقة الرابعة وتلال الحرس الجمهوري المنطقة الواصلة بين المدينتين وأصبحت تحت مرمى نيران وقناصة النظام، مما يهدد بشلل كامل للحركة على الطريق وإطباق الحصار على المدينتين بشكل محكم. ورافق ذلك تعزيز واستقدام لقوات برية ومليشيات عسكرية لتعزيز تطبيق سياسة الحصار والعزل الجغرافي للمدينتين.
تهديد بتجويع ما يقارب من 50 ألف مدني
يصعب عمليا الفصل التاريخي أو الجغرافي بين مصير داريا عن جارتها المعضمية، فهي تحوي ما يقارب من 50 ألف نسمة من ضمنهم ما يزيد عن 12 ألف مدني من داريا لجؤوا إليها بعد تشديد النظام الضغط العسكري عليها، وارتفاع وتيرة القصف بالبراميل وصواريخ "الفيل"، ويعانون بالأحوال العادية من نقص في مختلف الإمدادات الطبية والغذائية بعد إطباق النظام حصارها على المدينة من ثلاث جهات.
يخشى الثوار في المدينة من استعمال النظام للمدنيين كورقة ضغط يجبر فيها الثوار للتسليم والخروج من المدينة، كما جرى منذ أيام قليلة في مضايا كما يقول "أبو أحمد" الناشط الإعلامي في مدينة المعضمية، حيث منع دخول المساعدات الغذائية بعد فرضه حصارا شاملا عليها مما اضطر الناس إلى أكل القطط لشدة جوعهم، وقضى فيه العديد لشدة الجوع وارتفعت فيه أسعار المواد الغذائية لمستويات جنونية وغير مسبوقة.
نداءات استغاثة قد تكون الأخيرة
وجه العديد من ناشطي مدينة داريا المدنيون والعسكريون نداءات عاجلة تناشد الثوار في المناطق المحررة والهادئة نسبيا وبخاصة في درعا والقنيطرة والغوطة الغربية التحرك قبل فوات الأوان. ووجه الناطق باسم لواء شهداء الإسلام أبو عبيدة نداء لهذه الفصائل طالبا منها تحريك جبهاتها للتخفيف عن داريا، وإشغال النظام عنها بعد أن استفرد بها منذ بدء حملته في نهاية شهر أيلول من العام الماضي، والتي كان نصيبها منه إلى اليوم ما يزيد عن 2000 برميل متفجر، و700 صاروخ أرض- أرض، و1500 إسطوانة متفجرة، و4000 قذيفة ثقيلة.
وعن تعب الثوار داخل المدينة من الخذلان المستمر قال المقاتل في لواء شهداء الإسلام "أبو عمار" لـ "أخبار الآن" أن داريا قد قاومت النظام لوحدها منذ ما يزيد عن ألف ومائة وخمسين يوما، وأنها مستعدة لمواجهته مثلها إن اقتضى الأمر، لكنهم يطلبون من باقي الفصائل والجهات أن يقفوا أمام مسؤوليتهم تجاه المدنيين الذين قد يستغلهم النظام للضغط على الثوار، وهم قادرون على ذلك متى صح منهم العزم.
تغيير ديمغرافي واضح المعالم
حرص النظام بشكل دائم على التضييق على أهالي داريا، ومنعهم من العودة إليها، وزاد من معاناتهم على الحواجز في المناطق التي لجؤوا إليها، وسعى لضرب كافة بناها التحتية والخدمية من مشاف ومنشآت صحية لجعل الحياة فيها أصعب ما يمكن تخيله في سعي واضح منه لتفريغ المنطقة من سكانها الأصليين، وإحلال مناصريه حول العاصمة دمشق وفي أطرافها. كما أن قرار إخلاء بساتين الرازي مرورا بكفرسوسة ووصولا لداريا كان أيضا عاملا مهما من عوامل التهجير تحت ذريعة استبدال تلك البساتين بمناطق سكنية متطورة. يذكر أن عدد سكان داريا قبل الثورة ان تجاوز المئة وخمسين الفا هجر معظمهم داخليا وخارجيا، ويتركز حوالي 12 أالف منهم في جارتها المعضمية وهم مهددون بالنزوح المستمر.