أخبار الآن | درعا – سوريا ( سارة الحوراني)
يعتبر مخيم درعا للاجئين والنازحين من أكثر الأماكن كثافة بالسكان، حيث تتراص المنازل وتتداخل مع بعضها البعض لتشكل دهاليز يصعب على الغرباء الدخول والخروج منها إلا بعد رحلة تيه قد تدوم لساعات، الأمر الذي شكل ملاذا آمنا للمطلوبين للأمن السوري عند انطلاق الثورة السورية في آذار/ مارس من العام 2011.
وخلال الثورة السورية شكل المخيم سداً منيعاً يصعب اقتحامه من قبل قوات الأمن السوري إلا بعد عمليات تدميرية للأحياء الخارجية منه، من خلال استخدام القوة النارية الثقيلة سواء بالمدرعات أو القصف الجوي بنوعيه بالصواريخ الفراغية والبراميل المتفجرة، بعد مقاومة عنيفة من عناصر المعارضة الذين دافعوا عن المخيم وأهله بشراسة، ليرتقي العديد منهم شهداء فيما اعتقل الآخرين وأحرقت المنازل والمحال التجارية في المخيم لعدم تكافؤ القوة النارية بين الطرفين.
أول منطقة محررة من قوات الأسد بمدينة درعا
يتكون مخيم مدينة درعا من نسيج يجمع بين أبناء فلسطين المحتلة من جهة وأبناء الجولان المهجرين من مناطقهم من جهة ثانية وفقاً لإعلامي المخيم "أيهم السعيد" الذي أضاف قائلاً لمراسلة أخبار الآن في درعا: "يعتبر مخيم مدينة درعا أول منطقة محررة من قوات الأسد بعد تحرير حاجزي المخفر والتموين في المنطقة، حيث لم يقف أهالي المخيم مكتوفي الأيدي أمام ما يتعرض له أهلهم في الأحياء المجاورة، فقاموا بنصرتهم في درعا البلد ومساعدتهم في تقديم الإغاثة أثناء الحصار في بداية الثورة، وتوفير مكان آمن للمطلوبين منهم ومعالجة الجرحى في منازل المخيم حتى إقامة أول مشفى ميداني في المنطقة وبكوادر من أطباء المخيم والأحياء الأخرى".
خط الجبهة الساخنة بين المعارضة وقوات الأسد
وبيّن السعيد بأن: "المخيم تعرض لهجمات شرسة من قبل قوات الأسد وحلفائها وخاصة من السلاح الجوي، ما أسفر عن تحول أحياء بأكملها إلى أكوام من الأنقاض والركام، بالإضافة إلى محاصرة المخيم من القناصة الذين يترصدون من بقي صامدا في المخيم في كل لحظة، حيث قتل العديد من الأهالي نتيجة لإصابتهم برصاص القناصة وصعوبة إسعافهم جراء استهداف القناصة لأي حركة تصدر من أزقة المخيم، مبيناً بأن المخيم يشكل خط الجبهة الأول الملاصق لمناطق سيطرة النظام من جهة حي شمال الخط في درعا المحطة وسوق الهال والمنطقة الصناعية وقطاع الجوية".
وأضاف الإعلامي بأن المخيم قد تعرض لأربع اقتحامات من قبل قوات الأسد، كان أشدها الاقتحام الرابع في عام 2013، فقد أحرقت أغلب المنازل في المخيم تقريبا، وبعد معركة عاصفة الجنوب في العام المنصرم دمرت نسبة كبيرة من أحياء المخيم، حيث وصلت نسبة الدمار إلى ما يقارب 85 بالمئة، مشيراً إلى أن مخيم درعا قدم 550 شهيداً من أبنائه وأكثر من 300 معتقلا في سجون الأسد و400 جريحا لافتا إلى أن لواء التحرير التابع لفرقة 18 آذار الجيش الحر وعدة فصائل أخرى تتولى الرباط والتصدي لقوات الأسد في مخيم درعا.
فقدان معظم مقومات الحياة والأونروا تتخلى عن خدماتها
ويعاني الأهالي الباقون في مخيم درعا من أوضاع إنسانية ومعاشية صعبة جداً حيث يفتقرون إلى معظم الخدمات الأساسية كالكهرباء ومياه الشرب.
يقول "عبدالله الحصان" مدير المكتب الإغاثي في المجلس المحلي لمدينة درعا وأمين سر مكتب الخدمات الاجتماعية بمخيم فلسطين بدرعا لأخبار الآن: "منذ ما يقارب السنتين ونصف ومخيم درعا يعتمد على الصهاريج الزراعية لتأمين مياه الشرب؛ نتيجة لتدمير الشبكة الرئيسية للمياه في المخيم بشكل شبه كامل، ويبلغ سعر صهريج المياه المعبئة من الآبار 3500 ليرة سورية، ما يزيد من تفاقم الأوضاع المعيشية للأهالي نظرا لفقدان العمل وانتشار البطالة بين الأهالي حيث يشكل هذا المبلغ البسيط عبئا على الأهالي".
وأوضح الحصان بأن المياه التي يتم شراؤها من الباعة غير مراقبة صحياً في الغالب، الأمر الذي أدى إلى انتشار بعض الأمراض بين الأهالي كالإسهال واليرقان كما أن المخيم يفتقر إلى وجود نقطة طبية أو مستوصف يعنى بالأهالي وكذلك مخبزاً لتوفير مادة الخبز لمن بقي متواجدا في المخيم، حيث أنهت وكالة الغوث "الأنروا" كافة الخدمات التي كانت تقدمها لأهالي المخيم في وقت سابق.
516 أسرة فقط من أصل 65 ألف نسمة من بقي في المخيم
يوضح مدير المكتب الإغاثي بأن: "عدد السكان الذين كانوا يقطنون المخيم قبل انطلاق الثورة وصل إلى 65 ألف نسمة من بينهم 4500 أسرة فلسطينية، إلا أنه مع تطور الأوضاع العسكرية وارتكاب قوات الاسد للمجازر في المخيم وخاصة بالسلاح الجوي وتدميره بشكل كبير لم يبق من الأهالي إلا 514 أسرة من بينها 264 أسرة فلسطينية فقط".
من جانبها قالت السيدة "أم علي" التي فقدت زوجها وطفلتها جراء سقوط برميل متفجر على منزلهم في مخيم درعا لأخبار الآن بأنها نزحت إلى إحدى القرى المجاورة لمدينة درعا الأكثر أمنا نوعا ما، فيما لجأ ولديها إلى إحدى الدول الأوربية في رحلة الموت التي استمرت لثلاثة أشهر بعد رفض الأردن استقبالهم لكونهم من اللاجئين الفلسطينيين، بالرغم من مكوثها لمدة شهر ونصف على نقطة العبور "رويشد" والواقعة بين محافظة السويداء من جهة والأردن من جهة أخرى.
يشار إلى أن مخيم درعا للاجئين أنشأ على مساحة 39 ألف متر مربع في عامي 1950-1951 من أجل إيواء اللاجئين الفلسطينيين الوافدين من الأجزاء الشمالية والشرقية من فلسطين في أعقاب نكبة فلسطين عام 1948.