أخبار الآن | ريف حماة – سوريا (نجوى بارودي)
معارك عنيفة شهدتها مدينة السلمية في الأيام الاخيرة بسبب محاولة داعش التسلل إليها إضافة إلى عدة تفجيرات شهدتها المدينة .فمنذ خمسة أعوام بالتحديد، وسكان عشرات القرى، شرقي مدينة السلمية، تم تهجيرهم من قراهم وأراضيهم الزراعية، واستأجروا بيوتاً لهم في السلمية، ويعيشون على الكفاف، بعد أن حرموا من زراعة أراضيهم ومن بيوتهم.
من السلمية حتى محافظة الرقة 160 كم، تنتشر في هذه المسافة عشرات القرى الزراعية: "بري- عقارب-أبو حبيلات-الحرداتة- تل جديد- صبورة- الشيخ هلال" وعشرات القرى الأخرى.
مئات الشبيحة يقومون يوميا باقتحام أكثر هذه القرى والاستيلاء على البيوت والمزارع، والقيام بأعمال قتل وخطف ونهب، وحرق عشرات الآلاف من الدونمات المزروعة بالقمح والشعير والزيتون، ويقف سكانها عاجزون عن الدفاع عن أنفسهم.
وبين حمص والسلمية قرى زراعية "خنيفس- شطاري- تل عمري- جب الجراح- أم العمد" وقرى أخرى عديدة غالبيتها من المؤيدين للنظام، لذلك فإن الأمن والرفاه يبدو واضحاً على سكانها.
رعب وقلق في قلب السلمية
وفي قلب السلمية، نصل إلى المأساة الحقيقية التي تعيشها هذه المدينة، حيث لا يمر يوم دون أن يشهد سكانها حادثة، كالخطف وطلب الفدية ثم القتل، وكان آخر هذه الجرائم قتل عائلة بكاملها من سبعة أشخاص وسرقة أغنامهم وهم في مزرعتهم، وهي لا تبعد عن وسط المدينة أكثر من 2 كم، وسبق ذلك مقتل عائلة أخرى "أبو قاسم".
وبالأمس استفاق سكان السّلمية على مشهد لطفلين صعقا بالعصا الكهربائية ذنبهما الوحيد أنهم من عائلة حلبية لاجئة لم تقبل تقديم نسائها إلى شبيحة النظام، إضافة الى خطف عشرات النساء يوميا وطلب فدية، بل يعيش سكان المدينة حالة القلق والترقب، من خلال أخبار تتوارد يومياً، عن وصول داعش إلى أطراف البلدة، ويواكب ذلك إطلاق نار غزير، ودعوات للهجرة من المدينة أمام الأخطار وأمام ما هو قادم.
وعلى أطراف مدينة السلمية، أي مسافة كيلو متر واحد عن مركز المدينة، تنتشر عشرات المزارع، وكانت تقام فيها بين أعوام 2002- 2008 ندوات فكرية وسياسية واقتصادية بحضور فعاليات سياسية هامة، وقد منعت حكومة النظام هذه الفعاليات منذ بداية الأحداث ، وتم نهب وسرقة أكثر هذه المزارع من قبلهم.
ابتزاز الركاب على الطريق الدولي
على الطريق الدولي الذي يصل المنطقة الشرقية-الشمالية بدمشق العاصمة، والذي يمر على أطراف بلدة السلمية، المئات من الشاحنات والباصات والآليات الصغيرة والكبيرة تعبر يومياً على الطريق بين حمص والسلمية. يقوم الشبيحة باعتراضها، حيث ينتشرون على أطراف هذا الطريق ويقومون بأعمال السلب والنهب والقتل وطلب الأتاوات، ومن العرف العام أن يدفع الراكب المسافر في "البولمان" إلى حلب والمنطقة الشرقية مبلغ 5000 ل.س، أما الشاحنات المحملة بالخضار والمواد أخرى، فإن أتاوتها أكثر من ذلك بكثير .
سلمية مدينة الرعب
كانت المدينة تضم ما بين 180 و200 ألف مواطن قبل الأحداث الدامية في سورية، وخلال السنوات الثلاث أصبحت تضم أكثر من 600 ألف، بعد أن نزح إليها المواطنون من مختلف المناطق الساخنة، وفوق كل ذلك تعاني من انقطاع مياه الشرب ولمدة أكثر من خمسة أشهر مع انقطاع التيار الكهربائي يومياً لساعات، وانقطاع شبه دائم للمازوت والبنزين.
وقد تأثرت مصالح اقتصادية وتجارية عديدة، وتوقفت عن العمل، وتضاعفت أعداد العاطلين عن العمل، ووصل عدد المهاجرين من البلدة إلى ألمانيا ودول أوربية أخرى إلى أكثر من 50 ألف مواطن.
من يخطف؟ من يقتل؟ من يفتعل الأزمات اليومية لنقص المازوت وأزمة البنزين وانقطاع المياه؟. أسئلة عديدة يطرحها المواطنون، ويدركون الإجابة جيداً. يقول والد الطفلين اللذين قتلا: "النظام لن يبقى، سيقتله حلفاؤه وحينها سأستعيد دم أبنائي".