أخبار الآن | الريحانية – تركيا (وضحى عثمان)

الحرب المستمرة منذ خمس سنوات في سوريا، كان ولا زال لها تبعات أقل ما يقال عنها خطيرة، خاصة بعد أن طالت معظم جوانب الحياة السورية.

توزع السوريون على دول الجوار، كونها الملجأ الاقرب إليهم، وبدؤوا بالتأقلم معها حسب ما يمليه عليهم واقع النزوح، وقد ظهر بعد نحو سنة من لجوء هؤلاء عدة أزمات إنسانية بسبب إهمال تلك الدول للنازحين وحقوقهم، و لعل أبرز ما يمكن أن يؤخذ بعين الاعتبار، هو عمالة الأطفال السوريين وسلب حقوقهم، ودفعهم إلى التسول تحت وطأة الحاجة الأسرية في بلاد اللجوء.

مجموعة من المتطوعين والنشطاء في تركيا، قاموا بإنشاء مركزا لمواجهة ظاهرة تسول الأطفال، يعنى بإعادة الأطفال إلى مقاعد الدراسة وتهيئتهم نفسيا وفكريا، حيث أن الظروف القاسية الصادمة والضاغطة، التي تمر بها الشعوب، تترك بصماتها على معظم نواحي الحياة، وليس صدفة أن يكون الأطفال الأكثر تأثراً بما يحدث، وهم الأكثر تعرضاً لتلك الظروف، فإذا كانت ظروف الكوارث فوق طاقة الكبار فهي بشكل مضاعف فوق طاقة تحمل الصغار، وهنا لابد من التدخل السريع للحد منها والدور الذي يقع على الأسرة والمؤسسات التطوعية وقت الكارثة.

تقول "إيمان ترمانيني" المتطوعة في المركز: "بسبب ازدياد عدد الأطفال المتسولين والخوف عليهم من الخطر الذي يحدق بهم، في محاولة لإعادة دمجهم بالمجتمع بشكل صحيح، سنقوم به عن طريق تقديم الدعم النفسي اللازم والذي يحتاجه الطفل على النحو الجيد، من خلال جلسات الترميم والإعداد النفسي الموضوع مت قبل أخصائيين".

"عبسة" أحد أطفال المركز يقول: "كنت أعمل في بيع المحارم على أحد الإشارات عندما التقى بي محمد بدر الدين وهو أحد أساتذة المركز وحاول إقناعي بالعودة إلى المدرسة، ولكنني مضطر للعمل من أجل تأمين بعض المال لمساعدة أسرتي، فوعدني بتأمين مساعدة مادية لأهلي مقابل عودتي إلى المدرسة، أنا الآن في المركز مع مجموعة من الأطفال في مرحلة مؤقتة نتعلم فيها ما فاتنا حتى نلتحق بعد ذلك بالمدرسة".

برنامج عمل المركز

1. دعم الأطفال في المركز من خلال الفريق المدرب بعد الاطلاع على حالتهم النفسية وفق خطة موضوعة من قبل أخصائي.

2. يقدم الدعم النفسي للأطفال لمدة شهرين ثم يتم ربطهم بمؤسسة تعليمية.

3. دورات تدريبية لأهالي الأطفال الذين سيتلقون الدعم.

4. ربط الأهالي بمؤسسات خدمية تقدم لهم الدعم الذي يغنيهم عن عمالة أطفالهم، لأن المشروع يستهدف أطفال الشوارع.

وأهدافه

وبسبب ظروف الكوارث والأحداث الصادمة التي تشكل اهتزازاً للثقة بالنفس وبالآخرين، وتعطي للطفل شعورا بالخطر الذي يهدد حياته، والخوف والقلق المتزايد الذي يؤثر في سلوكه ومزاجه، فضلا عن تغير معاملة المحيط له، تكونت لدى الطفل السوري العديد من ردود الفعل الحادة على الصعيد النفسي والاجتماعي والفيزيولوجي، مثيرة بذلك أزمة وصدمة نفسية للطفل، فيصبح ضحية الخوف الشديد والكوابيس والكآبة وغيرها من الاضطرابات الانفعالية.

"محمد بدر الدين" ناشط في مركز ACTللدعم النفسي، يقول: "أهدافنا زرع القيم المجتمعية ومهارات الحياة وحماية الذات ومحو الامية وإخراج الطفل من البيئة الموجود فيها "الشارع"، وهذا سيكون عبر مراحل متتالية ومتتابعة، لكي نخرج الطفل من وضعه الآني، فالتمهيد ضروري في تشكيل خلفية معرفية صحيحة بخطورة ما يمر به الطفل".

يذكر أن هذا المركز يستهدف عدة مناطق في جنوب تركيا، منها أنطاكية والريحانية وإسكندرون ومناطق أخرى، في حين شجعت منظمات مجتمعية هذه الخطوة ووصفتها بالبناءة، وحثت على إنشاء مراكز مشابهة في باقي مناطق تركيا، التي يقطنها السوريون، لكي ينقل الطفل للمجتمع التركي، صورة صحيحة عن الشعب السوري، وليسهم في بناء بلده بعمله لا بالتسول.