أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة (روميو موسى)
تدمر مدينة تاريخية سورية يعود تاريخها إلى أكثر من ألفي عام خلت، فيها الكثير من الأوابد المعمارية والتحف الفنية واللقى الأثرية وقلما تجد لها نظيرا في الدنيا وقد أطلق عليها السوريون اسم عروس البادية ولؤلؤة الصحراء لتوسطها البادية السورية.
منذ اندلاع الثورة السورية تعرضت هذه المدينة للنهب والسرقة والتحطيم من قبل عصابات الأسد وتنظيم داعش ومافيات ولصوص انتهازيين، مع العلم بأن تدمر هي من ضمن 6 مواقع سورية أدرجتها الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونيسكو) على لائحة التراث العالمي للإنسانية.
حجم ونسبة وقيمة الدمار
رغم انه لا يمكن لأي احد أن يقدر حجم الدمار بدقة وذلك لغياب المعلومات الدقيقة من أطراف النزاع التى تبادلت الأدوار في السيطرة على تدمر سواء نظام الأسد أو تنظيم داعش، الا ان موقع أخبار "الآن" أصر على الغوص في التفاصيل وأولى آثار تدمر اهمية خاصة، فكشف لنا خبير الآثار الاكاديمي السوري والاستاذ الجامعي محمد عمر زيدان انه استنادا الى ما تم الحصول عليه من فيديوهات و تقارير سواء كانت رسمية سورية أو أممية أو تقارير خاصة، كلها اظهرت ان حجم الدمار كبير جدا، وقدر ان نسبة الدمار في تدمر وصلت حتى الآن إلى 30% من حجم الآثار الموجودة، وهذه النسبة مرشحة للارتفاع إن لم يكن عليها رقابة دولية، وقال زيدان: "لا يمكن لأي منظمة عالمية أو جمعية محلية أن تقدر قيمة هذه الآثار المادية فالقيمة هي معنوية وفكرية وثقافية وحضارية والتراث الإنساني لا يقدر بثمن، ولكن على العموم لن نبالغ ان قلنا بأن آثار تدمر المدمرة فقط تفوق قيمتها 2 مليار دولار هذا الظاهر ولكن ما خفي كان أعظم فنحن لا نملك قاعدة بيانات دقيقة لكل آثار تدمر وهذا ما يجعلها عرضة للبيع والشراء".
5 سنوات و50 مليار دولار تكلفة اعمال الترميم
وبحسب معلومات زيدان، فان عملية الترميم غير ممكنة في الظروف الحالية وليس كما تدعي الحكومة السورية، لأن الترميم بحاجة لموافقة منظمة اليونسكو ومن ثم تضافر الجهود المحلية والعالمية، وإن أمكن فأعمال الترميم لن تقل عن خمس سنوات، كما انها تتطلب مئات العمال المتخصصين وهذا متعذر اليوم بسبب وضع الحرب، ولكن يمكن إجراء أعمال إسعافية لبعض الأماكن خصوصا مع وجود مقالع عدة للحجارة الأصلية وستبلغ تكلفة أعمال الترميم نحو 50 مليار دولار وهذا خارج عن نطاق تحمل نظام الأسد".
واشار زيدان الى انه "من الصعب إعادة الترميم بجهود سورية بحتة وذالك لأن معظم الكوادر العلمية غادرت البلد إما طوعاً أو اكراهاً كما أن سوريا تعتمد بالأصل على البعثات الأثرية ولاسيما الايطالية منها"، مشددا على ان هذا الأمر يتطلب جهوداً جماعية لا كفاءات فردية.
التقنية الثلاثية الأبعاد والروبوتات
وضمن محاولات للحفاظ على معالم المدينة التاريخية تدمر، تعمل المنظمات الثقافية على إنشاء نماذج رقمية ثلاثية الأبعاد مطابقة للمعالم الحضارية في مدينة تدمر في سورية، في حال تضررت الآثار الأصلية لدرجة يصعب معها ترميمها، وستقوم روبوتات بحفر نسخ مطابقة لآثار بناء على نماذج حاسوبية ثلاثية الأبعاد، شُكّلت حاسوبياً من عشرات الصور، بحسب ما ذكرت الـ"نيويورك تايمز"، اجاب زيدان: "يمكن استخدام التقنيات الحديثة بترميم الآثار السورية عامة و التدمرية خاصة باستخدام التقنية ثلاثية الأبعاد والروبوتات أو الليزر، ولكن الأمر غاية في الصعوبة لأسباب متعددة منها عدم وجود الخبرة السورية القادرة على استخدام تلك التقنية من جهة ومن جهة أخرى فإن الآثار تفقد رونقها وبريقها وتبدو على أنها لوحة جامدة".
اقرأ أيضاً:
أبرز الآثار التي دمرها الأسد وداعش في سوريا
وجه داعش الحقيقي.. السرقة والتربح من بيع التراث السوري
استرداد آثار سورية المنهوبة
يرى زيدان انه "بالامكان استرداد القسم الاكبر من الآثار المنهوبة وليس كلها بسب عدم وجود قاعدة بيانات تحدد نوع وتاريخ وحجم ومواصفات الآثار، ولاصور ولا خرائط تفصيلية، ولكن ان صدقت النوايا الأممية وتضافرت الجهود الإقليمية عندها يمكن استرداد الجزء الاكبر من الآثار".
ختاما نشدد القول على ان صوت الحق سيرتفع ليخرس صوت الباطل ولو بعد حين، سوريا باقية وآثارها باقية وستبقى تدمر عاصمة الحضارة السورية…