أخبار الآن | الريحانية – تركيا (محمد سلهب)
مع تزايد عدد الوافدين إلى الأراضي التركية من السوريين، لجأت مئات العائلات إلى مدينة الريحانية، والتي شهدت من خلالهم نهضة اقتصادية وعمرانية كبيرة، بعد نقل الأموال من الداخل السوري إلى تركيا، وافتتاح المشاريع التجارية بكافة أشكالها.
الازدهار الاقتصادي في الريحانية
يفضّل الكثير من السوريين العيش في مدينة الريحانية لعدة أسباب، أولها التقارب الكبير في العادات والتقاليد، وإتقان معظم سكانها الحديث باللغة العربية، ما يسهل التواصل مع السكان الاصليين، إضافة لقربها من معبر "باب الهوى" الحدودي، البوابة الإنسانية والتجارية الرئيسية الواصلة بين الجانب السورية التركي.
وخلال خمس سنوات من عمر الثورة ظهرت ملامح جديدة في المنطقة، إذ أنّ عدد السوريين فاق عدد الأتراك في المدينة، حيث اُفتتحت عشرات المحلات التجارية على اختلاف طبيعتها، وجميعها برأس مال سوري وبمسميات عربية، ما زاد الحركة الاقتصادية قوة، وأصبحت أكثر نشاطا، والتي تعود بالنفع على أصحاب المحال التجارية من الأتراك، بعد استثمار محلاتهم من قبل السوريين.
داعش يكمل خنق الرقة.. والهروب من جحيمه يحتاج معجزات
"مصطفى أبو محمد" سائق سيارة أجرة، يتحدث لأخبار الآن: "إن الحركة التجارية قد زادت بنسبة كبيرة، وإنك اليوم إذ ما مررت بالريحانية، تكاد تجزم أنها مدينة سورية لكثرة المحلات التي تحمل مسميات عربية؛ التي بات عددها يفوق إلى حد ما عدد المحلات التركية، وباختصاصات جديدة لم تكن في السابق كمحلات الخضار والأدوات المستعملة".
وتردف "زهرة" صاحبة متجر لبيع المواد الغذائية، قائلة: "مع استقرار عدد من العائلات في الحي، بدأت نسبة المبيعات تزداد حتى وصلت لما يقارب الـ 40 % عن السابق، وبالتالي زيادة في الأرباح، ما ساعدني على توسعت متجري".
أما عن استثمار المحلات التجارية، فيحدثنا "أبو فراس" مستثمر أحد المطاعم في المدينة: "بعد أن ساءت الأحوال الاقتصادية في سوريا، كانت المحطة الأولى لي هي الريحانية، فنقلت عملي إليها المتمثل بالمطعم. كان الأمر مكلفا بعض الشيء. أكثر ما كان يعيقني هو إيجار المحل، الذي سأقوم بافتتاحه، وأمور أخرى تتعلق بتجهيز المطعم، لكن ولله الحمد خلال أقل من سنة، كنت قد تخطيت هذه العقبات، والعمل الآن يسير على قدم وساق".
النهضة العمرانية في الريحانية
كان لابد للأعداد المتدفقة عبر الحدود إلى مدينة الريحانية من أماكن للسكن، وكان الإيجار هو الحل الوحيد لعدم قدرتهم على التملّك في الأراضي التركية. ففي البداية كان الإيجار لا يتعدى المائة ليرة تركية للمنزل، أما الآن فزاد خمسة أضعاف، وقد تراوحت الإيجارات بين المنازل المنفردة على صعيد العوائل وإيجارات أخرى كالتجمعات السكنية الكبيرة لما يتعلق بالمنظمات الإنسانية والمجمعات التجارية، ما أدى لنهضة عمرانية كبيرة في المنطقة، وذلك من خلال التسابق في تشييد الأبنية الحديثة وعرضها في مكاتب العقارية، إذ أنها تدر على مالكيها أرباحاً طائلة.
داعش يرفع قيمة الضرائب ويفرض غرامات جديدة لتعويض خسارته
تخبرنا "فاطمة" التركية من مدينة الريحانية، وتقول: "قبل قدوم السوريين كنا نبحث عمن يستأجر منازلنا فقط لكي تُسكن ولا تبقى خالية، ومعدل الإيجار شهريا لا يتجاوز 100 ليرة، ولكن مع دخول السوريين بدأت الأسعار ترتفع، حتى أصبحت أضعافا مضاعفة، فمنزلي تسكنه عائلة سورية مقابل إيجار 600 ليرة، وهذا ينطبق على جميع المنازل في المدينة".
"عصام السيد" سوري مقيم في الريحانية منذ أربع سنوات، يضيف معلقاً على التوسع العمراني في المدينة: "50% من المباني المشيدة حاليا لم تكن موجودة من قبل، وإنما تم إعمارها خلال الثلاث السنوات الماضية، فتأجير المنازل بالنسبة للمواطن التركي مصدر زرق لم يكن بالحسبان، يضاف إلى دخله الشهري، هذا ما دفع بعضهم لإنشاء دور آخر فوق المنزل، وإسكان عائلة سورية مقابل أجر يتفق عليه الطرفان"، ويتابع عصام قوله: لم تغب تلك الأرباح عن أصحاب رؤوس الأموال، فقاموا بتشييد التجمعات السكنية، وعرضها في المكاتب العقارية على أن يتم إيجارها.
في عملية خاطفة.. المعارضة تقترب من داريا
نهضة اقتصادية وعمرانية كان سببها السوريون في الريحانية، فرؤوس الأموال التي نقلت من الداخل السوري إلى تركيا، كان لها الدور الأبرز في إنعاش اقتصادها، والذي يعود على المواطن التركي والسوري بالمنفعة.