أخبار الآن | درعا – سوريا (سارة الحوراني)
تتفاقم المأساة الطبية للأهالي القاطنين في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية في درعا جنوب سوريا يوماً بعد يوم؛ جراء الاستهداف المباشر للمشافي الميدانية من قبل الطيران الحربي من جهة وضعف الامكانات البشرية والمادية العاملة في القطاع الطبي من جهة ثانية.
جرحى لفظوا أنفاسهم الأخيرة على الساتر الترابي مع الأردن
وفي الآونة الأخيرة فقد العديد من المصابين حياتهم؛ نتيجة لعجز المشافي الميدانية على مساعدتهم وإغلاق المعابر الطبية مع الأردن، حيث قامت الحكومة الأردنية بإغلاق المعابر الطبية منذ أكثر من أربعة أشهر، وذلك إثر استهداف إحدى النقاط الحدودية للدرك الأردني بسيارة مفخخة من قبل داعش، نجم عنه سقوط عدد من الضحايا من حرس الحدود الأردني بين قتيل وجريح.
ولفظ أكثر من عشرة جرحى أنفاسهم الأخيرة على الشريط الحدودي بين سوريا والأردن، بينما فارق الحاج "ابراهيم" الحياة على سرير المشفى الميداني بعد رفض السلطات الأردنية السماح له بالدخول جراء إصابته بالرأس نجمت عن استهداف أحياء درعا البلد بغارة جوية من الطيران الروسي، حيث بقي الحاج ابراهيم ينتظر أمر الدخول لأكثر من عشرة أيام دون جدوى.
"أبو أحمد" تعرض أيضا لإصابة جراء استهداف أحياء درعا البلد بصاروخ "الفيل" من قبل قوات الأسد، أسعف إلى المشفى الميداني في درعا البلد ولخطورة إصابته نقل إلى المعبر الحدودي مع الأردن لكنه لم يستطع الدخول، يقول لمراسلة أخبار الآن: "بقيت أكثر من 3 ساعات وأنا في سيارة الإخلاء أنتظر إذن الدخول إلى الأردن لتلقي العلاج دون جدوى، تأزمت حالتي جراء ذلك، حيث تضاعف النزف من جسدي الممزق بالشظايا ليتم نقلي إلى مشفى تل شهاب، ومن ثم إلى مشفى مدينة نوى وبقيت أتنقل من مشفى لآخر لمدة شهر كامل، وفي النهاية عدت لمنزلي شبه عاجز، فلا يمكنني تحريك أطرافي الأربعة بسهولة وأعيش على المسكنات منذ ذلك الوقت والتي باتت دون جدوى لأترك للألم ليل نهار وانهيار شبه كامل في صحتي".
إصابات لا يمكن علاجها في الداخل
من جانبه يقول "أبو جمال" المتطوع في "مكتب الإخلاء الموحد" في مدينة درعا لأخبار الآن: "إن عشرات الضحايا استشهدوا على المعابر نتيجة رفض السلطات الأردنية إدخالهم للعلاج داخل المملكة، فجميع الحالات كانت خطيرة جداً ولعدم توافر العلاج بالداخل فقد توجهنا بهم إلى المعابر دون أن يسمح لهم بالدخول"، مشيراً إلى أن المشافي الميدانية بدرعا تعاني من نقص كبير في التجهيزات والأجهزة الطبية المتطورة والممنوع إدخالها من الخارج، والمتوافرة داخل المناطق المسيطر عليها من قبل النظام، بالإضافة لعدم توافر الكوادر المتخصصة المعالجة الحالات الحرجة والتي غالبا ما تكون في الرأس والدماغ والأوردة والأعصاب".
نقص الكوادر والتجهيزات المتطورة
بدوره بيّن الدكتور "إيهاب حكمت" مدير "مشفى الرضوان" الميداني بريف درعا بأن: "نقص الكوادر الطبية يعد عاملاً مهما في تفاقم مأساة القطاع الطبي، حيث يصل عدد الكوادر الطبية الموجودة في محافظتي درعا والقنيطرة إلى 156 طبيباً وممرضاً ومخبريا، فيما كان المشفى الوطني في مدينة درعا يوجد فيه عام 2011 ما يقارب 1200 طبيباً"، مضيفاً بأنه: "لو اجتمعت كافة المشافي الميدانية في المناطق المحررة، فإنها لن تعادل وجود مشفى مركزي واحد فقط، حيث تعاني المشافي من نقص حاد في التجهيزات وخاصة الأجهزة الطبية المتطورة كالطبقي المحوري والرنين المغناطيس والأجهزة المخبرية المتطورة".
وقال مدير مشفى الرضوان لأخبار الآن، أنه لا يمكن الاستغناء عن علاج الجرحى في الخارج في الوقت الراهن، وبأن إغلاق المعابر الطبية يشكل مأساة حقيقة تهدد حياة معظم الأهالي في مناطق المعارضة، وخاصة مع اشتداد وتيرة القصف واستخدام أسلحة متطورة وخاصة العنقودية والارتجاجية من قبل قوات الأسد والطيران الحربي الروسي، مشيراً إلى أن المشفى الذي يديره تعرض للقصف بالطيران الحربي ما يقارب 9 مرات، حيث تم تدميره بشكل كامل في الغارة الأخيرة واستشهاد وإصابة عدد من الكوادر الطبية العاملة في المشفى.
ولفت حكمت إلى أن: "القطاع الطبي مسيس ومرتبط بالمنظمات الداعمة، حيث يتم توفير نوع الخدمة الطبية وفقاً للدعم المخصص، وفي حال توقف الدعم عن الخدمة تتوقف تلقائيا لعدم القدرة الذاتية على تغطية تكاليف استمرارها، مشيراً إلى أهمية العامل المادي في استقطاب الأطباء للعمل في مناطق المعارضة في محافظة درعا، والذي للأسف يشكل أهمية كبيرة لدى نسبة كبيرة من الأطباء دون مراعاة عملهم الإنساني بالدرجة الأولى".
يشار إلى أن المشافي الميدانية تشكل هدفاً مهما لقوات الأسد حيث تم استهداف معظم المشافي الميدانية في محافظة درعا بالغارات الجوية والبراميل المتفجرة وخرج أكثر من سبعة مشافي ميدانية عن الخدمة بشكل دائم أو مؤقت.