أخبار الآن | حلب – سوريا (عبيدة النبواني)
خاص.. الوضع الطبي في حلب قبل وبعد قصف مستشفياتها بشكل ممنهج
منذ بداية اندلاع الثورة السورية، ما انفك نظام الأسد يستخدم كافة الأساليب المتاحة له لقمعها، بما فيها تلك التي يعتبرها المجتمع الدولي جرائم حرب وضد الإنسانية، لم يكن آخرها اتباع أسلوب التجويع المتمثل بفرض الحصار الخانق على الكثير من المناطق السورية الثائرة، ربطاً بأسلوب الحرمان من الرعاية الصحية للمصابين "جراء غاراته الجوية" الذين تزايدت أعدادهم بعد تدخل سلاح الجو الروسي أواخر شهر سبتمبر/ أيلول من العام 2015.
إقرأ أيضا: فيما تحرق حلب أتباع الأسد يعيشون حياة الترف
مشافي حلب خارج الخدمة
لم يكن جديداً اتباع نظام الأسد حرمان المصابين جراء غاراته من الرعاية الصحية "كسلاح في حربه الهمجية على الشعب"، عبر استهداف المشافي والنقاط الطبية في المناطق الخارجة عن سيطرته، ولكن نطاق استهدافه اتسع مؤخراً في الأحياء الشرقية المحاصرة من مدينة حلب، حيث أدى الاستهداف المركّز عليها، إلى خروجها عن الخدمة بشكل كامل، ولم يبق في تلك الأحياء سوى "مشفى وحيد" لاستقبال مئات الجرحى الذين وقعوا خلال خمسة أيام على حملة القصف العنيف التي بدأها النظام وروسيا معاً.
مديرية صحة حلب الحرة أعلنت في بيان رسمي صدر عنها مؤخرا، "خروج جميع المشافي في الأحياء المحاصرة من حلب عن الخدمة بشكل كامل، نتيجة القصف الممنهج والمستمر من قبل قوات النظام والطيران الروسي، مضيفة أن هذا القصف المتعمد للبنى التحتية، أدى لجعل الأطفال والشيوخ والنساء والرجال، دون أي مرفق طبي يقدم لهم العلاج".
إذ أدى القصف الممنهج الى خروج كافة المستشفيات عن الخدمة، أبرزها مشافي "الحكيم، والبيان، والدقاق" في حي الشعار، ومشفى "زرزور "بحي السكري، ومشفى "دار الاستشفاء" في الزبدية، إضافة لمشفى "عمر بن عبد العزيز" في المعادي ومشفى "الصاخور"، كما خرج عدد من المشافي جراء قصف سابق على المنطقة، أبرزها مشفى "القدس" في حي السكري، و"مشفى الأطفال" في حي قاضي عسكر، إضافة لـ "دار الشفاء" في الشعار، و"بنك الدم" في المنطقة ذاتها.
إقرأ أيضا: مستشفيات حلب .. واقع مرير في ظل الحصار والقصف
كارثة صحية توشك أن تقع
"إذا استمر القصف لن تجد سيارات الإسعاف مكانا تنقل إليه الجرحى"، هكذا يعلق الطبيب "رضوان كردي" نائب مدير الصحة في حلب، ويكمل في حديثه لموقع أخبار تلفزيون الآن: "الكوادر الطبية أُنهكت تماما، جميع العاملين في الإسعاف وغرف العمليات، حتى الأدوية والمستهلكات الطبية تم وضعها في الممرات"، واصفا الوضع داخل مشفى "القدس" بالمأساوي، ومضيفا أن الدماء تملأ ممرات وردهات المشفى، والجرحى منتشرون في كل مكان.
وقال الطبيب إنه تم توزيع 50 بطانية للمحتاجين، فيما قصفت قوات النظام مستودعات الأدوية في المديرية، مضيفا نقلاً عن مدير منظومة الإسعاف في مديرية صحة حلب الحرة، أنه "إذا استمر الحال ليومين آخرين، باستهداف المشافي، فإن منظومة الإسعاف لن تجد أي مكان تسعف المصابين إليه" مضيفا أنه بخروج مشفى عمر بن عبد العزيز عن الخدمة، فإن الأمر بدأ من الآن وليس بعد يومين، معقبا بقوله "حلب تباد بكل معنى الكلمة .. لنا الله".
ويختم بقوله: "الوضع فعلا سيئ الآن أنا أبحث مع المسؤولين الفاعلين إمكانية توفير أماكن تحت الأرض لتفعيل منظومة المشافي الخارجة عن الخدمة في المنطقة الشرقية من حلب المحررة".
حال المشافي في الحصار قبل القصف
رغم وجود بعض النقاط الطبية في الأحياء الشرقية من حلب، إلا أنها لا تعمل بطاقتها الإفتراضية، بسبب نقص الكوادر الطبية المؤهلة، إضافة لعدم توافر التجهيزات الطبية والأدوية اللازمة، علاوة على خطورة الإصابات وارتفاع أعدادها، ما بات يؤدي إلى وفاة أشخاص كان يمكن إنقاذهم لو توافرت الإمكانات اللازمة.
يضاف إلى ذلك، أن المشافي التي كانت عاملة شرقي مدينة حلب، كانت لا تكفي للتعامل مع الأعداد الكبيرة من الجرحى أو المرضى، حيث كانت قدراتها الاستيعابية غالبا أقل من حاجة الأهالي، بسبب القصف الجوي والمدفعي الكثيف، إضافة لانتشار الأمراض، بينما تفتقد المشافي – حتى قبل خروجها عن الخدمة– للكوادر والأجهزة الطبية الضرورية لبعض العمليات الجراحية، عدا عن النقص الدائم في الأدوية.
يذكر أن القصف الذي استهدف مشفى "القدس" في نيسان/ ابريل 2016، أدى لمقتل طبيب الأطفال الوحيد في أحياء حلب الشرقية "محمد وسيم معاز" إضافة لعشرين شخصا آخرين، لتبقى تلك المنطقة المحاصرة دون أطباء أطفال مختصين.
حملة القصف العشوائي العنيف التي تشنها قوات النظام على المدنيين المحاصرين في حلب، أسفرت خلال خمسة أيام عن مقتل 289 مدنيا وإصابة نحو 950 آخرين، إضافة لوجود عشرات المفقودين الذين لا يزالون تحت الأنقاض، مع استمرار القصف بشكل مكثف، وفق ما أعلن "الدفاع المدني" في حلب.
قصف المراكز الطبية سياسة ممنهجة للنظام حتى خارج المدينة
قصفُ النظام للمشافي والمراكز الصحية، لم يكن جديدا على المنطقة، حيث سبق أن أصدرت "منظمة العفو الدولية (أمنستي)" تقريرا في مايو/ أيار الماضي، قالت فيه إن استهداف روسيا والنظام للمستشفيات، يأتي ضمن استراتيجية الحرب الخاصة بهم، في خرق للقانون الدولي.
إقرأ أيضا: باريس: نظام الأسد وحلفاؤه يغذون الإرهاب في سوريا
وذكرت المنظمة أسماء المشافي التي تمكنت من توثيق استهدافها في ريف حلب، بين أكتوبر/ تشرين الأول عام 2015 حتى فبراير/ شباط 2016، وهي مشفى "تل رفعت" الميداني، ومركز "تل رفعت" للاحتياجات الخاصة، ومركز "تل رفعت" لغسيل الكلى، ومركز تل رفعت لإعادة تأهيل المرضى، ومشفى "مسقان" الميداني، ومركز عندان لإعادة تأهيل المرضى، وجميعها في الريف الشمالي، إضافة إلى مستشفيي "الحاضر" و"العيس" بالريف الجنوبي، كما وثقت استهداف عدد من النقاط الطبية دون تدميرها بشكل كامل وهي مستشفى "اعزاز" للنساء والأطفال، ومشفى حريتان – بغداد، ومستشفى "عندان" الميداني، إضافة إلى مشفى للأطفال ومدرسة للتمريض، بحسب المنظمة.
قصف مستمر رغم الاعتراضات الدولية
قوات النظام وحليفتها الأساسية روسيا، تتعمد حسب منظمات دولية عدة، استهداف المشافي والمرافق الطبية بشكل ممنهج، إذ قال "لويس شاربون"، مدير شؤون الأمم المتحدة في منظمة "هيومن رايتس ووتش"، إنه على مجلس الأمن ألا يستمر بالسكوت على الهجوم غير القانوني على حلب "ولو ليوم واحد"، وذلك في مطلع الشهر الماضي، بينما لا يزال القصف مستمرا بشكل ممنهج على الأحياء الشرقية، حتى الآن.
المزيد من الأخبار