أخبار الان | حلب – سوريا (وكالات)
وسّعت قوات نظام الأسد وحلفاؤه، هجومهما على محاور القتال في شرق مدينة حلب، تحت غطاء جوي من الطائرات الروسية، وتحدثت معلومات عن تقدّم أحرزه النظام بسيطرته على نقاط خاضعة لفصائل المعارضة المسلّحة في الأحياء الشرقية، مثل حيي هنانو والشيخ نجّار، مما دفع بأعداد من المدنيين إلى النزوح منهما، في وقت أكدت فيه فصائل المعارضة رفضها الانسحاب من المدينة واستعدادها لـ«مواجهة طويلة».
وتخوض قوات النظام وبدعم من حلفائها الروس والإيرانيين و«حزبِ الله» اللبناني، معارك على جبهات عدة في حلب، خصوصا في حي مساكن هنانو الواقع شمال شرقي مدينة حلب.
وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية، إن قوات الأسد وحلفائها «تقدمت داخل حي الشيخ سعيد في جنوب المدينة، وأدت المعارك إلى مقتل 8 مقاتلين من المعارضة، بينهم قيادي». وأوضح أن قوات النظام «باتت تسيطر على ثلث حي مساكن هنانو حيث تدور اشتباكات عنيفة بين الطرفين».
وردت فصائل المعارضة باستهداف الأحياء الغربية الواقعة تحت سيطرة قوات الأسد بالقذائف المدفعية. وقلل رئيس المكتب السياسي لتجمّع «فاستقم» زكريا ملاحفجي، من حجم المعلومات التي تتحدث عن تقدم النظام، وأكد لـ«الشرق الأوسط» أن «النظام والميليشيات الطائفية هاجموا، أمس، أحياء هنانو والشيخ نجار والعويجة، واستطاعوا تحقيق تقدم محدود جدًا في هنانو، والاستيلاء على نقطة عسكرية واحدة في الشيخ نجار، لكنهم لم يحققوا شيئًا في العويجة»، مشيرًا إلى أن هذا التقدم «ليس استراتيجيًا، لأن هذه الأحياء تقع على أطراف حلب الشرقية، وبعيدة عن وسط المدينة المحصن بما فيه الكفاية».
ومع تلاشي فرص أي تسوية سياسية، بعدما لاقى اقتراح مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا ستيفان دي مستورا، القاضي بإخراج المسلحين من أحياء حلب الشرقية، ووضعها تحت إدارة مدنية ذاتية، رفضًا من النظام والفصائل على حد سواء، أعلن عضو الائتلاف السوري لقوى الثورة والمعارضة سمير نشّار في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «هناك قرارًا اتخذ سواء من قبل النظام وروسيا وإيران باجتياح حلب، وهناك أيضًا قرار متخذ من الثوار بالقتال حتى النهاية، لأنه لدى الطرفين ما يكفي من الدوافع والمبررات بأن المعركة حاسمة بالنسبة إليه». وقال نشار: «الثوار لا يمكنهم أن يتخلّوا عن حلب، أو يسلموا مدينتهم، ولن يقبلوا بخروج المسلحين، ليس محبة في (فتح الشام)، بل لأن هذا الأمر إن تحقق، فسيكون مقدمة لفكفكة القوى التي تدافع عن المدينة».
وتحدث ملاحفجي عن طروحات كثيرة تقدّم للمعارضة سواء من دي ميستورا أو أطراف أخرى، و«كلّها تركز على خروج الفصائل من المدينة، وهذا أمر مرفوض جملة وتفصيلاً». وقال: «إذا كان هناك مقاتلون أجانب مع المعارضة، فلا مشكلة لدينا في خروجهم، إذا كان هذا الأمر يؤدي إلى التهدئة، أما إذا كان المطلوب منا الاستسلام وتسليم المدينة، فهذا أمر مرفوض بالمطلق»، مؤكدًا أن «الذين يقاتلون في حلب هم أبناء المدينة الذين يدافعون عن مدينتهم وأحيائها وشوارعها وعن بيوتهم وأهلهم».
وتزامنت المعارك في مساكن هنانو مع قصف جوي ومدفعي على مواقع الفصائل وأحياء عدة في شرق المدينة. وقال مراسل وكالة الصحافة الفرنسية، إن «دوي القصف والغارات لم يتوقف طيلة ساعات الليل»، في وقت دعا فيه جيش النظام، مسلحي المعارضة في شرق حلب إلى «فتح مستودعات الغذاء لاستخدام الأغذية الموجودة في المستودعات لإطعام الناس».
ولم يكن موقف المعارضة المسلّحة، أقل حدة في الرد على اقتراح دي ميستورا، حيث قال ملاحفجي: «كيف يطالبون أبناء المناطق الشرقية بمغادرة مدينتهم، في حين أن حلب محتلة من 60 ميليشيا طائفية تمارس أبشع أنواع القتل والإجرام؟». وأوضح أن «الفصائل المسلحة قادرة على الصمود طويلاً، لكن المشكلة إنسانية، حيث لا وجود للمشافي ولا للأفران، والطائرات الروسية تقصف أي قافلة غذائية أو طبية تحاول الدخول إلى المناطق المحاصرة».
وجدد عضو الائتلاف سمير نشار، القول إن «معركة حلب ذاهبة إلى النهاية، لكن السؤال الأساس بالنسبة إلى روسيا: ماذا لو دمّرت حلب وفشل النظام في حسم المعركة؟». وأشار إلى أن «المسؤولية ستترتب على الروس، لأن طائراتهم هي التي تدمّر حلب من الجو»، مؤكدًا أن النظام والروس «يسابقان الوقت قبل وصول (الرئيس الأميركي المنتخب) دونالد ترامب إلى البيت الأبيض». وأضاف: «الكلام الذي أطلقه مستشارو ترامب؛ بخاصة العسكريين، شكل مبعث قلق للأسد والإيرانيين، معطوفًا عليه نشر مندوبة الولايات المتحدة إلى مجلس الأمن الدولي سامانتا باور، أسماء 12 شخصية عسكرية سورية، اتهمتهم بقيادة المذابح في سوريا»، عادّا أن «كل هذه التطورات تقض مضاجع الأسد وحتى حليفه (الرئيس الروسي) فلاديمير بوتين».
إلى ذلك، ألقى الطيران المروحي التابع للنظام منشورات ورقية ظهر أمس، على الأحياء الخاضعة لسيطرة المعارضة في الجهتين الجنوبية والشرقية من مدينة حلب، وتحمل المنشورات التي هي عبارة عن قصاصات ورقية، صورًا للحافلات الخضراء، التي باتت تعد رمزا لعمليات تهجير المدنيين والمعارضة من مدنهم وقراهم لمناطق أخرى، وكتب فيها عبارات تدعو المدنيين ومقاتلي المعارضة للاستسلام ورمي السلاح والخروج خارج أحياء حلب، مقابل العفو عمّن يلقي سلاحه ويستسلم.
وأدى القصف على أحياء حلب الشرقية، إلى مقتل 141 مدنيًا؛ بينهم 18 طفلاً، خلال أسبوع، وتدمير مستشفيات المنطقة، وقد بدأ الهجوم في 15 من الشهر الحالي، بعد أسابيع من تعليق الضربات الجوية والقصف على داخل أحياء حلب، وإن كانت المعارك والضربات الجوية استمرت على الخطوط الأمامية للمدينة وفي الريف المحيط بها.
إقرأ أيضاً: