أخبار الآن | ريف إدلب – سوريا (هاديا المنصور)

أخيرا استطاعت "إخلاص" 42 عاما، ادخار بعض النقود مما سمح لها شراء لوح الطاقة الشمسية الذي أعاد لمنزلها الكهرباء من جديد. إخلاص من مدينة كفرنبل هي واحدة من المئات من ريف إدلب الذين لجؤوا لتركيب ألواح الطاقة الشمسية في منازلهم كإحدى الحلول البديلة عن الكهرباء النظامية التي انقطعت عن الريف الإدلبي منذ أكثر من سنتين.

فقد غزت ألواح الطاقة الشمسية الأسواق وباتت تجارة رائجة هذه الأيام كما صرح "عبدو العلوش" 38 عاما، لأخبار الآن وهو أحد تجار هذه الألواح في "معرة النعمان".

انتشار الألواح الشمسية

يقول: "تعتبر هذه الألواح فعالة قياسا بعمرها الافتراضي الذي من الممكن أن يمتد لأكثر من عشر سنوات إذا استخدمت بشكل صحيح، الناس يزدادون إقبالا على شراء هذه الألواح في الفترة الأخيرة، حيث أبيع أكثر من 50 لوحا كل شهر لمناطق ريف إدلب". وينوه بأن الألواح المتواجدة في الأسواق قادرة على تشغيل أجهزة المنزل الأساسية.

وهو ما يتحدث عنه "أبو محمد" 44 عاما، من معرة النعمان، فقد وفر على نفسه أكثر من 18 ألف ليرة سورية شهريا كان يدفعها ثمن وقود للمولدة وتكاليف صيانتها: "اشتريت مع لوح الطاقة الشمسية رافع جهد استطاعته 5000 شمعة وبذلك تتوافر الكهرباء في منزلي طيلة اليوم وأقوم بتشغيل معظم القطع الكهربائية الموجودة".

اعتمد السكان في البداية على المولدات الكهربائية التي تعمل على الديزل، لكنهم أجبروا على البحث عن بديل أقل تكلفة بعد انقطاع المحروقات تدريجيا نتيجة ارتفاع أسعار الوقود وفقدانه من الأسواق في بعض الأحيان، إثر احتكاره من قبل تجار الحروب أو لأسباب تتعلق بإغلاق الطرق، حيث وصل سعر اللتر الواحد إلى 500 ليرة، فكانت ألواح الطاقة الشمسية هي البديل المناسب.

"أم عمر" 38 عاما، من أهالي "البارة"، سارعت إلى تركيب جهاز طاقة شمسية لتوليد الكهرباء، ورغم أنها لا تؤمن إلا 50% من احتياجات عائلتها من الكهرباء لكنها تبقى أفضل من أية وسيلة أخرى وخاصة المولدات الكهربائية التقليدية ذات المصروف الكبير من المازوت والبنزين، على حد تعبيرها.

أنواع مختلفة وأسعار متفاوتة

أما عن أسعار هذه الألواح فيقول "أسامة وهو أحد التجار أن سعر اللوح الواحد يتراوح بين 70 و150 دولارا، وهذا النوع يقوم بتوليد كهرباء مستمرة بقوة 7 أمبير، وهناك الألواح المزدوجة والتي تولد 15 أمبير وهي بسعر 250 دولارا.

أما بالنسبة للأنواع الموجودة في الأسواق فيقول أسامة بأنها تركية، صينية وألمانية، ويشير أن كمية الكهرباء التي ينتجها اللوح الشمسي تختلف باختلاف حجمه واستطاعته، وأمر اختيار اللوح المناسب يعود للزبون ونوع الأداة الكهربائية التي يرغب بتشغيلها.

ويتطرق أسامة بحديثه إلى أن الشمال السوري يشهد إقبالا واسعا على تركيب ألواح الطاقة الشمسية في خطوة لتحسين الوضع المعيشي، خصوصا بعد تعمد النظام استهداف محطات الكهرباء وكان آخرها تفجير محطة "سد زيزون" التي كانت تغذّي منطقة إدلب وريفها وريف حماه بالكهرباء، إضافة لغلاء أسعار المولدات الكهربائية والمحروقات.

خطوة بديلة متقدمة

من جهة أخرى تجد "سهيلة" 40 عاما، في شراء هذه الألواح "إضاعة للمال" لأنها لم تشغّل عندها سوى الإضاءة فقط، أما إذا أرادت تشغيل بعض الأدوات الكهربائية مثل البراد أو الغسالة فهي بحاجة لرافع جهد ومعدات أخرى وبذلك يصل سعرها الى 300 دولارا، هذا عدا عن إمكانية أن تتكسر هذه الألواح فور تعرضها لهزة قوية أو شظية قذيفة وبالتالي خسارتها.

يؤيد "خلف" ما تقوله سهيلة مشيرا إلى تكلفة هذه الألواح العالية والتي لا تتناسب مع ذوي الدخل المحدود. أما "رائد" فيقول إنه بديل جيد ولكنه لا يخلو من الأعطال.

من جهته، يقول المهندس "يوسف الجرك" 25 عاما: "الألواح الشمسية فكرة جيدة للحصول على الكهرباء، لكن يجب الانتباه إلى أن التيار الكهربائي الناتج عنها يرتفع وينخفض تبعا للإضاءة التي يتلقاها، وهذا بدوره يحتاج إلى منظم لحماية البطاريات التي تشحن الألواح، ويوضح المهندس "الجرك" كيفية عمل هذه الألواح: "هذه الألواح تتألف من خلايا ضوئية توجد داخل اللوح على شكل مصفوفة ذات بعدين، توضع الألواح بشكل منتظم ومتقارب، وكلما جمعنا بين هذه الخلايا سيكون بإمكاننا توفير قدر أكبر من الكهرباء، هذه الطريقة تجعل من الكهرباء المولدة من الشمس خيارا قابلا للبقاء فترات أطول لتزويد الطاقة سواء للمنازل أم المحال التجارية والمنشآت".

ويلفت "الجرك" إلى أنه انتشرت مؤخرا ألواحا شمسية صغيرة في ريف إدلب وهي رخيصة الثمن، تستطيع شحن بطارية صغيرة وجهاز خليوي وجهاز قبضة لاسلكية وأدوات كهربائية خفيفة أخرى.

ويختتم الجرك حديثه بالقول: "منذ سنة فقط كان الظلام يلف ريف إدلب لعدم وجود الكهرباء، واليوم تعود منارة كما كانت سابقا، فالسوري دائما لديه البديل ويأبى إلا أن يعيش حياة طبيعية رغم كل الظروف".