أخبار الآن | دمشق – سوريا – (جواد العربيني)
خمسة وخمسون يوما مروا وما تزال قوات النظام تحاول اقتحام الأحياء الشرقية للعاصمة السورية "دمشق" والتي تشمل أحياء "برزة" و"القابون" و"تشرين" و"غرب حرستا" ومنذ بدء قوات النظام لعملياته العسكرية يضع النظام خيار التهجير كخيار وحيد لسكان تلك المناطق مقابل إيقاف عمليات القصف ورفع الحصار اللذان تتبعهما قواته على تلك الأحياء.
الفشل عنوان محاولات النظام العسكرية
على الأرض تفرض قوات النظام حصارً خانقاً على أربعين ألف مدني في حي "برزة" من بينهم خمسة عشر ألف نازح، ومن أجل إخضاع فصائل المعارضة في حي "برزة" تعمل قوات النظام على فصل حيي "القابون"و"برزة" عن بعضمها عن طريق تدمير حي "تشرين" الرابط بينهما والذي بات على الأرض تماما ,إضافة للسيطرة على الطريق الأخر الرابط بين الحيين في بساتين برزة من خلال زج الوحدات البرية في تلك المعارك, حيث كما هو معروف فإن حي "القابون" يتصل بالغوطة الشرقية بعدة أنفاق تؤمن دعماً لوجستيا لفصائل المعارضة في الأحياء الشرقية وبالتالي فإن فصل الحيين يعني عزل حي "برزة" بشكل كامل.
يستيقظ سكان "دمشق" وينامون كل يوم على صوت صواريخ "الفيل" التي سيبقى صوتها الشبيه بصوت "الفيل" محفورا في ذاكرة الدمشقيين ,حيث أحصت مكاتب التوثيق في أحياء دمشق الشرقية سقوط "1650"صاروخ "فيل" فيما شنت مقاتلات النظام مايقارب من المئتين وخمسين غارة جوية , ويعزو الملازم أول "حمزة قزيز" نائب قائد "فيلق الرحمن" سبب كثافة القصف الى فشل قوات النظام في تحقيق نصر سريع والخسائر الكبيرة التي تلقتها تلك القوات في المدرعات والأفراد.
وفي حديثه ل"أخبار الآن" قال" حمزة قزيز": بدون أدنى شك فإن النظام يعمل ضمن جدول زمني بات واضحا في سياسته الهادفة الى "التهجير القسري" وخلق "تغير ديموغرافي" في دمشق وريفها , فبعد تهجير وادي بردى قامت قوات النظام بإغلاق الطرق المؤدية الى "برزة" وإخبار لجنة المصالحة داخل الحي بشروط إعادة فتح تلك الطرق والتي تتضمن بنود تشابه لتلك التي تم عقدها في "وادي بردى" و"قدسيا" و"الهامة" والتي تنص على إخراج من يرغب إلى الشمال السوري وتسوية أوضاع المطلوبين.
وأضاف "حمزة قزيز": عندما تتحدث عن شهرين من المعارك على تخوم العاصمة بمافيها الهجوم الذي تم تنفيذه على جبهة "جوبر" باتجاه "دمشق" فإن ذلك يضع النظام في موقف محرج، فالمناطق سيطر عليها النظام خلال شهرين من المعارك هي المناطق ذاتها التي انسحب منها النظام عند إبرام الهدنة قبل ثلاث سنوات وبالتالي فيمكن القول إن شهرين من المعارك والقصف العنيف لم تحقق النتائج التي توقع النظام تحقيقها على الأرض, كما أن العاصمة دمشق أصبحت تعيش يوميا أجواء الحرب بسبب حلمة النظام , اليوم نحن نراهن على الوقت وموقع المعارك القريب من دمشق وندرك أن تحقيق النظام لأي نجاح على تلك الجبهة سيكون منطلقا له لبدء هجوم على الغوطة ومن هذا المنطلق سندافع عن أحياء شرق دمشق بكل مايتوفر لنا من قوة.
أربعون ألف مدني يضافون الى قائمة الحصار
إضافة لعملياتها العسكرية تتخذ قوات النظام من حصار المدنيين ركيزة أساسية من أجل الضغط على فصائل المعارضة, وكما هو معروف فقد قامت فصائل المعارضة في الغوطة الشرقية قبل عامين ونصف بحفر أنفاق تربط بين الغوطة الشرقية وحي "القابون" من أجل تأمين طريق إمداد غذائي للمحاصرين في الغوطة ,الأمر الذي مكن من تحقيق كسر جزئي لحصار الغوطة ,بيد أن قيام النظام بحملته العسكرية وإغلاق الطرق فاقم من سوء الأوضاع الإنسانية في جميع المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة, ففي حي "برزة" انعدمت المواد الأساسية ك"الطحين" و"الرز" وغيرهما بشكل تام إضافة لإرتفاع كبير في أسعار المواد الغذائية الاخرى وصلت لأربعة أضعاف, وتتفاقم المعاناة في الحي مع تدفق خمسة عشرة ألف نازح من حيي "القابون" و"تشرين" حيث باتت المدارس والمساجد والأرصفة مأوى لكثير من هؤلاء النازحين, في حين شهدت أسواق الغوطة أيضا ارتفاعا مشابها للأسعار ماقد ينذر مستقبلا الى عودة الغوطة الى الحصار الخانق التي فرض عليها أواخر العام 2013 .
وفي حديثه ل"أخبار الآن" قال "أبو البراء" رئيس المجلس المحلي في حي تشرين :اليوم بات 75 بالمئة من حي "تشرين" مدمرا بالكامل, وكل أهالي الحي يفترشون الحدائق والمساجد في "برزة" بعد تدمير منازلهم ومنع النظام خروجهم الى مناطق سيطرته, ومايزيد الطين بلة هو تلاشي دور المنظمات الإنسانية تدريجيا بسبب قلة الموارد, مما زاد من حالة تفاقم أوضاع النازحين, نحن ندعو كل المنظمات والهيئات الإنسانية لتقديم كل مايستطيعون من إمكانيات لإغاثة أهلنا في حي "تشرين" و"برزة" بأسرع وقت ونطالب المجتمع الدولي بالضغط على النظام لفك الحصار عن أهلنا المحاصرين .
تشكل أحياء شرق دمشق بوابة مهمة للنظام من اجل اقتحام الغوطة الشرقية, إذ تحيط هذه الأحياء بعشرات المواقع العسكرية المهمة للنظام, وتحيط بهم أحياء "عش الورور" و"ضاحية الأسد" اللذان يعتبران خزانيين مهمين لجلب مايعرف بالشبيحة ,كما يقع في حي "برزة" مركز البحوث العلمية والذي يعتقد أنه يحتوي مخزون كبير من الأسلحة الكيماوية, ومن أجل ذلك يحاول النظام الزج بكل قوته من أجل الوصول الى حسم مهما كان شكله في تلك الأحياء.