أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة (الإندبندنت)
قصة إمرأة من المكلا:
علمت الطبيبة اليمنية لأول مرة أن زوجها قد اختطف من قبل القاعدة عندما اقتحم مسلحوها المدججين منزلها في المكلا ، بينما كانت تعيش لوحدها مع طفلهما البالغ من العمر شهرين. هاجم المقاتلون المقنعون ، الذين كانوا يمسكون بالبنادق الآلية، الدكتورة فاطمة، والتي “فضّلت عدم ذكرها اسمها كاملا”، وحبسوها في المطبخ وقاموا بنهب المبنى.
تقول: أخبروني أنهم أخذوا زوجي وأخي. سرقوا المنزل وأخذوا كل شيء فيه. قبل أن يقفلوا الباب علي. لم أتمكن من الخروج إلا عندما جاءت أسرتي لإنقاذي ” “منذ ذلك اليوم لم أسمع صوت زوجي ولم أره على الإطلاق. لم أسمع عنه شيئًا منذ ثلاث سنوات “.
زوجها وشقيقها، اللذان لم تأت صحيفة الـ”إندبندنت” على ذكر اسميهما حرصا على سلامتهما، كانا مراسلين لشبكة أخبار محلية. قاما بتغطية تظاهرة في المكلا ضد حكم القاعدة، وذلك في خريف 2015. في وقت لم يكن المسلحون، الذين كانوا قلقين من فقدان الدعم، يريدون نشر أخبار التظاهرات ضدهم.
وعلى الرغم من المخاطر الواضحة للتعبير عن آرائها، قررت فاطمة عدم السكوت. وأصدرت بيانا عبر وسائل التواصل الاجتماعي عن الاختطاف ووصفت كيف تمت مهاجمتها.
بعد 12 يوماً، وفي عمل شجاع غير اعتيادي، نظمت احتجاجاً خارج المقر الرئيسي للقاعدة في المدينة، حيث فتح مسلحون النار. وهددوا بقتل والدها المسن كما وأرسلوا رجالا ملثمين الى منزلها لتهديدها وإجبارها على السكوت. مما اضطرها في نهاية المطاف الى مغادرة المنطقة خوفا على سلامة أهلها وذويها بعدما تركت عملها ومضت الى مكان مجهول.
تلا هذه الحادثة غزو مجموعات من التنظيم الإرهابي مناطق شاسعة بالمكلا في ربيع عام 2015، مستغلة الانهيار الأمني في الحرب التي اندلعت عندما أطاح الحوثيون بالحكومة الشرعية.
كان الاستيلاء على مدينة المكلا، وهي مدينة يسكنها 300 ألف نسمة، بمثابة إنجاز كبير للمجموعات الإرهابية العالمية. فمن هذه المنطقة الإستراتيجية، حكموا دولة صغيرة امتدت لمسافة 700 كم من قرب الحدود مع عُمان إلى منطقة عدن الغربية.
وبهذا يكون “تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية” قد احتل، خامس أكبر مدينة في اليمن، لمدة عام كامل، حتى أبريل/نيسان 2016، عندما استعادت المدينةَ قوة قوامها 10000 جندي يمني مدعومة من قوات التحالف العربي، تدربها وتديرها الإمارات العربية المتحدة.
في هذه الأثناء عادت الدكتورة فاطمة إلى عملها لتدير عيادة صحية نسائية في المدينة، وهو ما لم يكن ممكناً في ظل تنظيم القاعدة. بعدما تم إطلاق سراح شقيقها إبان دحر، إلا أن زوجها لم يكن له أثر. تقول الدكتورة فاطمة: “كل يوم أنتظر فيه الأخبار ربما نقلوه معهم إلى الريف عندما فروا من المدينة”.
القاعدة في اليمن، والتي تقول الأمم المتحدة إن لديها حوالي 7000 مقاتل ، ليست كيانًا يمكن تمييزه بسهولة. وغالباً ما يكون أعضاؤها جزءً من قبائل وميليشيات قوية. وعندما دخلوا المكلا لأول مرة، شكلوا مجلسًا مع قادة محليين، وكانوا حريصين على الترويج لدعاية طائفية وأنهم الحصن المنيع ضد أي تهديد قد يتعرض له الأهالي.
إقرأ: لهذه الاسباب نجم القاعدة الى أفول
عانت النساء أكثر من ذلك
تضيف الذكتورة فاطمة “أتذكر امرأة، اتهمت بالزنا، وقام أفراد من التنظيم بوضعها في حفرة لا يظهر منها سوى رأسها. ثم شرعوا برميها بالحجارة الكبيرة حتى حطموا رأسها وماتت.
هذا التنظيم عمد الى تقييد حرية النساء حتى بالحركة من وإلى داخل المنزل، كانوا يتعاملون مع النسوة وكأنهم أوصياء يُطلب منهم الإذن للقيام بالأعمال الإعتيادية.
“حتى الأطفال غيروا سلوكهم. كانت ألعاب الشوارع مصممة لتكون شبيهة بجبهة حرب افتراضية وارتداء الملابس على غرار ما يلبسه الإرهابيون عند تأدية مهامهم العسكرية.
وبالقرب من مكان عمل الدكتورة فاطمة، تحدثت سيدة أخرى عن تهديدات تنظيم القاعدة لها وتجربة اعتقالها خلال حكم الجماعة الذي استمر لمدة عام.
تقول أفراح جمعة، التي كانت تعمل مذيعة، وهي الآن أول مديرة محطة إذاعية في اليمن: “اعتادوا على إرسال أشخاص إلى منزلي ليهددوني. لقد أحرقوا مبنى إذاعتنا، لكننا استعدنا نشاطنا هنا، في هذا المبنى الذي كان متجر كتب للأطفال.
وكذلك أحمد، الذي فضل عدم ذكر اسمه كاملا، وهو صحفي شاب، اختطفه تنظيم القاعدة في أوائل عام 2016 قبل أشهر قليلة من خسارة المسلحين للمدينة. يقول للـ”إندبندنت” إنه عانى من التعذيب أثناء الإحتجاز والتحقيق معه في أمور ثبت مرارا لأفراد التنظيم أنه لا علاقة له بها.
“في ذلك الوقت، عانت المدينة من التضييق على الأهالي في جميع نواحي الحياة، كان من المستحيل على رجل وامرأة عبور الشارع بمفردهما دون استجواب، علاوة على إغلاق كافة المؤسسات الخدمية التي ترفد حياة المواطنين، وكان ذلك جزءً من خطة ممنهجة، تهدف الى دفع الشباب للإنضمام الى صفوف التنظيم والقتال الى جانبه، طلبا للرزق، في ظل حالة من الفقر المدقع وانعدام الوظائف.
وبينما لا تزال المدينة تبدو مدمرة، هناك علامات إيجابية على عودة الحياة والنشاط الى المدينة. ففي الميناء يقول المسؤولون، إنه للمرة الأولى منذ انتهاء سيطرة القاعدة، بدأت عمليات تصدير البضائع وخاصة الأسماك.
وقال سالم علي باسامر، رئيس الميناء، إن 300 سفينة خشبية ترسو الآن على أرصفة الميناء، وهي ضعف العدد في عام 2016 ، بينما تضاعف عدد السفن التجارية والوقود ثلاث مرات.
وأضاف أن الميناء حصل على شهادة أمنية من المنظمة البحرية الدولية. في حين كان الميناء يستخدم كمصدر مربح وواحد من أهم مصادر التمويل للتنظيم، ويقدر “باسامر” أن المسلحين استطاعوا الحصول على 700 ألف دولار من الميناء خلال فترة سيطرتهم عليه.
وبالعودة الى قضية معاناة النساء فإن الدكتورة فاطمة تعمل على صرف انتباهها عن فقدان زوجها والتخطيط لجناح جديد في المستشفى لعلاج حالات سوء التغذية الحادة. واختتمت حديثها بالقول: “أشكر الله الذي من علينا بالأمن والسلامة بعد تحرير المكلا”.
إقرأ أيضا: ماهو مصير العلاقة بين القاعدة وطالبان؟
جميع الصور المرفقة هي من ذات المصدر الـ”إنديبندنت”