أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة (تحليل)
بعد مرور أسبوعين تقريباً على الحملة العسكرية التي يقودها الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر على طرابلس، صدرت تحذيرات عديدة من إمكانية استغلال الساحة من قبل المتطرفين والإرهابيين.
فما خلفية هذه المخاوف؟ وكيف يجعل هذا الامر القتال في ليبيا أكثر تعقيداً
مع مرور الإسبوع الثاني على القتال على أبواب العاصمة الليبية طرابلس، فقد حان الوقت للتراجع خطوة الى الوراء عن التطورات اليومية الحاصلة والتركيز على الصورة الكبيرة للتطورات . إن أمن ليبيا وازدهارها المستقبلي يؤثران ليس على كل مواطن ليبي فحسب، بل أيضًا على إستقرار المنطقة بأسرها. داخلياً وخارجياً ، هناك أولئك الذين يرغبون في رؤية نهاية سريعة للقتال بطريقة أو بأخرى. فما مدى إحتمالية حدوث سيناريو يكون فيه جانب واحد قد حقق إنتصارًا واضحًا؟ وما مدى إحتمالية حدوث سيناريو يوجد فيه مأزق طويل الأمد بين قوى المنطقة الشرقية و المنطقة الغربية ؟
هناك أيضًا أولئك الذين يريدون أن يطول الصراع، حيث تهدر ليبيا مواردها في اقتتال الأخوة.
في النهاية سيكون على الليبيين أن يقرروا ما يجب فعله بحياتهم وبلدهم. هدفنا هنا هو توضيح مدى تعقيد الأمر وتسليط الضوء على ما قد يكون غائبا عما يتداوله الناس في تويتر حيال المعركة القائمة من أجل طرابلس.
الجانبان يحملان أسماء وطنية ولهما مطالب وطنية ، ولكن ..
في ظاهر الأمر، هذه هي معركة للسيطرة على العاصمة الليبية بين الجيش الوطني الليبي المتمركز في بنغازي بقيادة المارشال خليفة حفتر وحكومة الوفاق الوطني التي تتخذ من طرابلس مقراً لها بقيادة رئيس الوزراء فايز السراج. في حين أن كلا الجانبين يحملان ألقاب “وطنية” في تسميتهما، في الواقع كل من الجانبين لديه سيطرة جزئية على ليبيا ومواردها. السلام والتعاون بين الجانبين هو احتمال ممكن جداً. في الواقع، قبل فترة وجيزة من النزاع، كان هناك نقاشات حول تقاسم السلطة على التفاصيل التي لم يتمكنوا من الإتفاق عليها، و ربما ينجحون في ذلك. في التحليل النهائي، يتعلق الأمر بالتحكم الفعال في موارد ليبيا وخصوصاً النفط.
هناك حكومة معترف بها دوليا ، ولكن…
حكومة الوفاق الوطني ومقرها طرابلس هي الحكومة الليبية المعترف بها دوليا. وهناك عملية حوار وطنية مستمرة تحت رعاية الأمم المتحدة بهدف إقامة نظام ديمقراطي مستقبلي في ليبيا. وتدعم هذه العملية الأمم المتحدة والإتحاد الأوروبي والدول العربية الرئيسية. لكن في الواقع، لا تتمتع الحكومة المعترف بها دولياً بسلطة كبيرة وتهيمن على أراضيها الميليشيات التي لا يهتم بعضها بإقامة ليبيا ديمقراطية، و لا يزال هناك بعض المتطرفين في المناطق التي تسيطر عليها حكومة الوفاق الوطني.
معركة حفتر كانت مع المتطرفين ، ولكن…
عندما قام الجنرال خليفة حفتر بمواجهة المتطرفين الذين يجتاحون شرق ليبيا، حظي الجيش الوطني الليبي بالتصفيق من قبل جميع الناس الذين يقفون ضد التطرف. يجب أن نتذكر أنه من دون الجيش الوطني الليبي، كان من الممكن أن تقوم قوات الشر بغزو بنغازي ودرنة وباقي مناطق شرق ليبيا مثلما حدث في سوريا والعراق. لهذا السبب تمكن الجيش الوطني الليبي من الحصول على دعم عربي ودولي واسع النطاق في حربه ضد المتطرفين في الشرق – بنفس الطريقة التي تم بها دعم الذين حرروا سرت عالمياً. ومع ذلك، مع وصول الجيش الوطني الليبي إلى ضواحي طرابلس، من الصعب أن نتجاهل حقيقة أن ليس كل المجموعات الموجودة في جانب حفتر تتفق معه في نظرته العلمانية. على عكس ذلك، إذا تغيرت الظروف فليس من المستحيل أن يجمع المتطرفون من كلا الجانبين قواهم إعتمادًا على المعايير السياسية والعسكرية والاقتصادية والقبلية لذلك اليوم. التحالفات التي عقدها كل من الجانبين ليست دائمة وليست غير قابلة للإختراق.
المتطرفون يتحينون الفرصة
إن استمرار الصراع الدموي بين الأخوين الليبيين يفتح المجال امام خطر المتطرفين في جميع أنحاء البلاد. بعد هزيمة خلافة داعش في سوريا والعراق، أصبح داعش الآن أكثر تركيزًا على التوسع في إفريقيا وأصبح الخطر الذي يمثله على ليبيا اليوم أكبر من أي وقت مضى. إذا تم إهدار وقت ليبيا واهتمامها ومواردها في معركة طويلة من أجل طرابلس، فسوف يصبح من المؤكد تقريبًا أن كلاً من تنظيم القاعدة وداعش سوف يلتفتان و يسعيان إلى إقامة إمارة إستراتيجية في ليبيا. وسيكون من المعيب أن ينتهي الخلاف حول تقاسم السلطة بين الليبيين بتحويل ليبيا إلى أفغانستان أخرى.
بالإضافة إلى ذلك، فإن عملية الجيش الوطني الليبي ضد طرابلس قامت بحشد العديد من خلال المليشيات النائمة في المنطقة. هذه الميليشيات هي ضد الجيش الوطني الليبي، لكنها ليست تحت سيطرة حكومة الوفاق الوطني، وقد تتخذ موقفا أكثر تطرفا إذا ساءت الأمور.
الإسلام السياسي الخارجي هو المفسد الاخطر
أحد الأسباب التي جعلت المشكلة السياسية الليبية مستعصية الحل هي أن قطر تلعب دورًا مفسدًا في ليبيا منذ الأيام الأخيرة لمعمر القذافي. لم يتم نسيان أنه في الساعات الأخيرة للقذافي عندما سفك الليبيون الدماء للشروع في إنهاء الديكتاتورية، كانت قطر أكثر انشغالًا بتسليح ميليشياتها من أجل المستقبل. الآن، إلى جانب الإسلاميين السياسيين في تركيا والشخصيات الغامضة في روسيا، تعد قطر أحد مثيري الشغب الرئيسيين. يبدو أن الجاسوس السابق فلاديمير بوتين يتلاعب ببراعة بأية أداة يمكن أن يجدها ملائمة ، إبتداءاً من الإسلاميين السياسيين والمكائد القطرية إلى المرتزقة الروس غير الشرعيين.
احذروا من المرتزقة الروس سواء في بنغازي أو طرابلس
بعد إستخدام المرتزقة السريين لدعم الحرب الأهلية الإجرامية في سوريا، تعلمت روسيا السيطرة على الموارد النفطية لبلد ما لاستخراج “رسوم الخدمة” الخاصة بها مع أدنى حد من المخاطر السياسية ضدها. نجحت روسيا تقريباً في خداع السوريين بحجة أنها كانت هناك لمحاربة المتطرفين، إلى أن قامت ميليشيات فاغنر بالتحرك نحو أحد الحقول النفطية الرئيسية في دير الزور المحمية من قبل التحالف المناهض لداعش. فقد المرتزقة الروس مئات الرجال في هذه العملية، ولكن الأهم من ذلك أن خطة المؤامرة الروسية لسرقة النفط السوري قد كشفت. والآن يبدو أن روسيا تقوم بنفس السيناريو الدموي في ليبيا. حيث تقوم روسيا في البداية بإرسال المرتزقة إلى شرق ليبيا بحجة أن يحاربوا المتطرفين، بينما إن اهتمامها الحقيقي هو أن تجلس على خزان النفط الليبي . إذا ظهر المرتزقة الروس مثل فاغنر على أبواب طرابلس، فلن يكونوا هناك لدعم الجنرال حفتر. بل سيكونون هناك لجعل الليبيين ينفقون الدم والمال عليهم ومن ثم يتقاضون عوائدهم بالنفط.
نادرة سابقة
يقال أنه في نهاية الحرب العالمية الثانية، قام ستالين بحث الجنرال تيتو على التراجع لدعم الملك اليوغوسلافي بشكل مؤقت فقط. و فسر ستالين ذلك بقوله ” لكي تقوم بطعنه في ظهره في اللحظة المناسبة”. إذا تعلم المرتزقة من فاغنر شيئًا من التاريخ الشيوعي في التلاعب الإنتهازي أو المكيافيلي، فربما من الأحرى عدم وجود مرتزقة روس اليوم خلفك سواءً في ليبيا أو في أي مكان آخر.
اقرأ المزيد: