أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة (عبيد أعبيد)
بعد 8 سنوات من عمر الأزمة السورية، بات اليوم صراعا حامي الوطيس يضرب في الأفق بين روسيا وإيران على ما حرر من الأراضي السورية.
أوجه الحرب الباردة بين طهران وموسكو في سوريا، لم تتوقف على مناطق النفوذ العسكري والقواعد العسكرية فحسب، بل وصلت إلى حد المواجهة الاقتصادية والسعي لفرض الوجود الاستثماري.
“لا صداقة دائمة.. ولا عداوة دائمة”.. هذا هو منطق العلاقات الدولية، وأيضا منطق العلاقات الروسية -الإيرانية، التي ظلت طيلة 8 سنوات ونيف استراتيجية على مستوى ملف الأزمة السورية. ما الجديد اليوم في هذه العلاقة؟ وما سيناريوهات هذه العلاقة بعد الأزمة السورية؟ وماذا يجري من كواليس واتفاقيات سرية في غرف قصر الكرملين؟
البداية مع هذا الخبر التي تناقلته أكثر من 16 صحفية دولية : روسيا تبدأ ممارسة ضغوط على إيران في سوريا، لإخراج «الحرس الثوري» من قواعده العسكرية.
مصادر في دمشق قالت لـ”أخبار الآن”، ان هذا المعطى غير موجود على الأرض ولا على تصريحات كبار المسؤولين السوريين أو الروس، ناهيك عن عدول الصحافة السورية عن نقله أو تحليله حتى.
لكن بالرجوع إلى بداية الأزمة كانت روسيا في حاجة ماسة إلى إيران في سوريا، كميليشيات عسكرية، لكن ذلك لم يعد ضروريًا اليوم، فقد أضعفت روسيا كافة الفصائل الإيرانية، بل وأخلت أماكنها في دمشق ودرعا وحمص ومناطق كثيرة. خاصة بعد دحر تنظيم داعش من الشمال الشرقي لسوريا.
معلومات أكدتها مصادر ميدانية في سوريا لـ”أخبار الآن”، تفيد ببزوغ تحول مفاجئ في العلاقات الروسية -الإيرانية، من خلال طلب الحكومة السورية من إيران، إخلاء ميناء مطل على البحر الأبيض المتوسط قرب مدينة اللاذقية، بالقرب من قاعدة “حميميم”، الجوية الروسية.
وعمليا، ستقوي روسيا سيطرتها على المنطقة الساحلية السورية على حساب إيران، التي كان لها حق إدارة الميناء من قبل الحكومة السورية.
عملية الضغط الروسي على إيران في سوريا، لم تتوف هنا، فقد وصلت حد إخراج “الحرس الثوري” من 4 مواقع عسكرية ظلت إيران مستوطنة فيها طيلة 8 سنوات.. وهي مطار “المزة” العسكري الواقع جنوب غربي دمشق وقاعدة “خلخلة” الجوية السورية في مدينة السويداء بالزاوية الجنوبية الغربية قرب الحدود الأردنية و”بيت سحم” في الضواحي الجنوبية الشرقية من دمشق، إضافة إلى قاعدة “التياس” الجوية.
الحصار الروسي لإيران في سوريا، لم يتوقف عند الثكنات والقواعد العسكرية فحسب، بل تعداه إلى ورقة الاقتصاد أيضا، وتمثل ذلك في التحفظ السياسي لروسيا على مذكرة التفاهم التي وقعت بين سوريا وإيران في يناير/كانون الثاني الماضي.
فحوى هذه الاتفاقية يسمح لشركات التشييد الإيرانية ببناء آلاف الوحدات السكنية في ضواحي العاصمة السورية دمشق، ضمن مخطط إيران لشراء منازل السنة في سوريا، تحت يافطة المساهمة في عملية إعادة إعمار سوريا.
لم يذكر هذا الخبر في إحدى المواقع السورية المعارضة، بل أوردته وكالة أنباء إيرانية تديرها الدولة، الأمر الذي جعل الروس يقوضون مساعي إيران للسيطرة على سوريا من جميع النواحي.
هذه الكواليس لم تظل طي الكتمان، بل خرجت إلى العلن على صدر صحف إيرانية مقربة من خامنئي، حيث هاجمت صحيفة “قانون” الإيرانية الرئيس السوري بشار الأسد ووصفته بأنه “بلا مبادئ وناكر للجميل” نظرا لإبرامه اتفاقيات مع روسيا بخصوص إعادة إعمار سورية بدل الاستعانة بإيران.
ما العمل؟
الجواب، يأتي على لسان أشهر الصحف الإيرانية بقربها من الدولة، بالقول انه “على إيران أن تحصل على حصتها في سورية حتى إن كان ذلك بالقوة، فـالحق ينبغي انتزاعه. فرغم محاولات البعض في إيران إخفاء الحقائق حول فقدان حصتنا في سورية، فإن الإيرانيين سيدركون وسيعرفون ما يحدث لنا هناك”.
هي إذن لهجة غير معهودة بين الروس والإيرانيين في سوريا، ولغة جديدة تنبئ بحرب لأجل الوجود على سوريا.
نقطة أخرى أثارت حفيظة الروس وكذا جهات سورية معارضة، تمثلت في اعتماد إيران في دمشق على رجل الدين الشيعي البارز عبدالله نظام، لإعداد صفقاتها العقارية. إذ استخدم الشيخ سلطته الدينية في دمشق وعلاقاته الواسعة مع الحكومة السورية لإقناع السكان ببيع ممتلكاتهم لرجال الأعمال الإيرانيين. ويعتبر نظام من أبرز رجال إيران في سوريا، إذ أسهم في نشر المذهب الشيعي هناك.
Photo source: getty images