أخبار الآن | بيروت – لبنان (رويترز)
تصطف سيارات لملء خزاناتها بالبنزين لكن عاملا بمحطة الوقود في بيروت يلوح لقائديها مشيرا إلى لافتات إضراب صارخا أنه ليس هناك بنزين.
ولم يكن الإضراب، الذي شاركت فيه محطات البنزين في أنحاء البلاد، يتعلق بالوقود لكن بالدولار اللازم لدفع ثمن الوقود، أو بالأحرى بعدم توفر الدولار.
وتسببت حالة تشبه الركود في الاقتصاد المحلي وتباطؤ اللبنانيين بالخارج في ضخ الدولار في تراجع احتياطي مصرف لبنان (البنك المركزي) من النقد الأجنبي، مما جعل من الصعب على الشركات شراء الدولار الذي تحتاجه من البنوك.
وقال جمال بزازو، صاحب محطة بنزين “الإضراب هو بسبب عدم وجود دولار بالسعر الرسمي يا اللي محدد من قبل الدولة، يا اللي هو ١٥٠٧ ونص (ليرة)، عم بأجيبه من الصرافين إذا وُجد بالـ ١٥٦٠ والفرق، الدولة بتعرف مسعرة التنكة (عبوة الوقود) على أساس تسعيرة الدولار الرسمية ولكن لما عم نبيعها بـ ١٥٦٠ صفا في خسائر يومية هائلة. هدا إذا سلمنا جدلا إنه الدولار موجود بالسوق، وهدا بصعوبة عم بنلاقيه”.
وتضطر بعض الشركات للتوجه لشركات الصرافة التي تفرض أسعارا أعلى من سعر الربط الرسمي وهو 1507.5 ليرة لبنانية للدولار.
وقال عامل في محطة بنزين يدعى عمار “نحنا عم بنبيع باللبناني وبنشتري بنزين بالدولار. الشركات عم بتحسب الدولار أكتر من ما موجود بالبنك، بمصرف لبنان وبغيره على الـ ١٥ وعلى الـ ١٠. هيدي قصة فرق الدولار ونحن حاليا مبدئيا ملتزمين بقرار النقابة وكل المحطات نفس الشيء لأنه قصة فرق الدولار بس”.
ولم يشهد لبنان مثل هذه الضغوط المالية منذ الحرب الأهلية التي دارت رحاها بين عامي 1975 و 1990.
وقال صاحب شركة صرافة يدعى محمد حلبي “المشكلة إنه حاليا الإضرابات اللي عم بتصير لأنه ما فيه دولار، لأنه مبدئيا مصرف لبنان ما عم بيسلم البنوك دولار، وبذات الوقت البنوك ما بتسلف زبوناتها دولار. هلق (حاليا) بالنسبة لنا الوضع ثابت، ليرجع الدولار يفتح على السوق بنرجع نحنا بنبيع الدولار عادي طبيعي”.
وأثار الضغط المستمر مخاوف بشأن استقرار دولة ذات بنية تحتية متهالكة حيث التوترات السياسية، المحلية والإقليمية ليست بعيدة عن السطح مطلقا، وتستضيف نحو مليون لاجئ سوري.
وما زالت البنوك في لبنان تبيع الدولار بسعر الصرف الرسمي، غير أن بعض أصحاب الأعمال يقولون إنه ليس بوسعهم الحصول على الكميات التي يحتاجونها.
وأضاف حلبي “أكيد هيدي شغلة بتعمل انكماش بالسوق. وقتها أي حدا معه لو نقول ألف دولار، ما عم بنحكي بعشرة أو خمسة وبثلاثة، ألف دولار وعم بيلاقي الوضع مكركب. أي حدا منطقيا عم بيمسك يده على دولاره وينطر (ينتظر) ليتحلحل الوضع تا يرجع يصرفه ويتصرف فيه طبيعي”.
وأعلنت الحكومة اللبنانية، المثقلة بأحد أثقل أعباء الدين العام في العالم عند 150 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، حالة طوارئ اقتصادية الشهر الماضي لمحاولة السيطرة على مواردها المالية.
وقال وزير المالية علي حسن خليل في مؤتمر صحفي هذا الأسبوع إن الوضع الاقتصادي صعب “لكننا لسنا دولة منهارة على المستوى المالي.
“نعم، لا يوجد الكثير من السيولة في العملات الأجنبية في أيدي الناس في السوق، ولكن لا يزال سعر صرف الدولار ثابتا في البنوك”.
والليرة اللبنانية مرتبطة بمستواها الحالي مقابل الدولار الأمريكي منذ أكثر من عقدين، وتعهدت الحكومة بالإبقاء عليها كما هي. فهي ترغب في تجنب تخفيض قيمة العملة بشكل يضر بمدخرات الناس والقدرة على الإنفاق.
ووسط نمو اقتصادي هش وعدم استقرار سياسي، تباطأت المصادر التقليدية للنقد الأجنبي بما فيها السياحة والعقارات والأموال التي يرسلها اللبنانيون المقيمون في الخارج.
وقال صاحب محل مجوهرات يدعى خالد الملا “الوضع الاقتصادي؟ ولا الشغل، أحو شايفني عم باشرب أرجيلة، قاعد، ما فيه شي. ولا ما فيه حدا، من الصبح ما فيه حدا. شغل خفيف على الآخر والبلد شايف الحالة أنت كيف. واليوم عاملين إضراب كمان ما باعرف… تبع البنزين مسكرين (مغلقين) محطات البنزين ما فيه. ما باعرف يا خيي، البلد ما بنعرف وين رايحين نحنا، شي تعتير على الآخر. البلد كتير تعتير، الله يستر، الله يساعد ها الشعب هيدا، شعب يعني ع الآخر، مفلس، ما معه يمشي”.
والدولار والليرة عملة قانونية في لبنان، وهو مستورد صاف للسلع مع حاجة دائمة لدولار من أجل تمويل العجز التجاري والحكومي.
ومع زيادة الطلب على الدولار ترفع بعض شركات الصرافة المبلغ المطلوب من الليرة اللبنانية مقابل الدولار بشكل أعلى من هامش الربح المحددة من مصرف لبنان (البنك المركزي).
مصدر الصورة: رويترز