أخبار الآن | بيروت – لبنان (أ ف ب)
تظاهر عشرات الآلاف من اللبنانيين السبت لليوم الثالث، احتجاجاً على فشل السلطات في إدارة الأزمة الاقتصادية، في وقت تبادلت القوى السياسية الاتهامات بالمسؤولية عن تدهور الوضع.
وتشهد العاصمة ومناطق عدة منذ الخميس حراكاً جامعاً لم يستثن منطقة أو حزباً أو طائفة أو زعيماً، في تظاهرات غير مسبوقة منذ سنوات، رفضاً لتوجه الحكومة إلى إقرار ضرائب جديدة في وقت لم يعد بإمكان المواطنين تحمل غلاء المعيشة والبطالة وسوء الخدمات العامة.
وبعد تظاهرات حاشدة ليلاً، تخلل بعضها أعمال شغب واعتقالات، عاد اللبنانيون إلى الشارع، وتجمع عشرات الآلاف أمام مقر الحكومة في وسط بيروت، وحملوا الأعلام اللبنانية، وهتفوا “ثورة، ثورة” و”الشعب يريد إسقاط النظام”.
وأقدم شبان على قطع طرق رئيسية عدة.
وفي مؤشر الى حجم النقمة الشعبية، بدا لافتاً خروج تظاهرات غاضبة في مناطق محسوبة على تيارات سياسية نافذة، أحرق ومزق فيها المتظاهرون صوراً لزعماء وقادة سياسيين، ما استدعى ردود فعل غاضبة من مناصريهم.
في مدينة صور جنوباً، حيث يطغى نفوذ حركة أمل بزعامة رئيس البرلمان نبيه بري، خرجت الجمعة تظاهرة مؤيدة له شارك فيها عدد من أنصاره بينهم مسلحون، رداً على تظاهرات شهدتها المدينة واتهم مشاركون فيها بري بالسرقة والفساد.
وتعرّض مؤيدو بري للمتظاهرين ضد السلطة بالضرب والشتائم، وفق ما أفاد شاهد عيان وكالة فرانس برس. وتعهدت حركة أمل لاحقاً التحقيق في الأمر. وخرج مئات المتظاهرين مجدداً مساء ضد السلطة.
وقال أحد المتظاهرين في مدينة النبطية جنوباً، التي تعد من معاقل حزب الله، لقناة تلفزيونية محلية “نعاني منذ ثلاثين سنة من الطبقة السياسية الحاكمة” مضيفاً “يحاولون تصويرنا على أننا غوغائيون لكننا نطالب بحقوقنا”.
وفي طرابلس، حيث يتظاهر الآلاف ويتمتع رئيس الحكومة سعد الحريري بنفوذ، قالت هدى سيّور، في الخمسينات، “سأبقى في الشارع، لقد استولوا على أبسط حقوقنا، بينما نموت على أبواب المستشفيات”.
وتخلل التجمع في وسط بيروت ليل الجمعة تدافع بين المشاركين والقوى الأمنية التي عملت على تفريقهم بالقوة عبر اطلاق خراطيم المياه وعشرات القنابل المسيّلة للدموع، ما تسبب بحالات اغماء وهلع.
وانتهت التظاهرة بأعمال شغب من جانب شبان غاضبين أقدموا على تكسير واجهات المحال التجارية وواجهتي مصرفين وعدادات وقوف السيارات وإشارات السير.
وغطت بعض المصارف واجهاتها بألواح معدنية لحمايتها، وفق ما شاهد مراسل فرانس برس.
وأعلنت قوى الأمن الداخلي توقيف “سبعين شخصاً خلال قيامهم بأعمال تخريب واشعال حرائق وسرقة في وسط بيروت”. وفي وقت لاحق، أفادت الوكالة الوطنية للاعلام الرسمية عن اطلاق سراح جميع المحتجزين.
ودعت منظمة العفو الدولية السلطات اللبنانية لوقف استخدام العنف المفرط ضد المتظاهرين.
وقالت لين معلوف، مديرة البحوث للشرق الأوسط في المنظمة، “نطالب السلطات اللبنانية باحترام حقوق المحتجين السلميين في حرية التجمع وبإجراء تحقيق في استخدام قوات الامن المفرط لقنابل الغاز المسيل للدموع والاعتداء على المتظاهرين بالأسلحة والضرب”.
وبدأت التظاهرات ليل الخميس بعد ساعات من فرض الحكومة رسماً بقيمة 20 سنتاً، سرعان ما تراجعت عنه، على التخابر على التطبيقات الخلوية، بينها خدمة واتساب، بين ضرائب أخرى تدرس فرضها تباعاً.
وتصاعدت نقمة الشارع خلال الأسابيع الأخيرة إزاء احتمال تدهور قيمة العملة المحلية التي تراجعت قيمتها في السوق السوداء مقابل الدولار، وتوجه الحكومة لفرض ضرائب جديدة وسط مؤشرات الى انهيار اقتصادي وشيك.
ويطالب المتظاهرون بعزل كافة الطبقة السياسية التي باتت تحت ضغط الشارع بحاجة إلى إيجاد حلول سريعة. وتلقت مكونات الحكومة السبت ورقة اقتصادية اقترحها رئيس الوزراء سعد الحريري للحد من الأزمة.
ومنح الحريري الجمعة “شركاءه” في الحكومة، في إشارة إلى حزب الله والتيار الوطني الحر الذي يتزعمه الرئيس اللبناني ميشال عون، مهلة 72 ساعة، حتى يؤكدوا التزامهم المضي في اصلاحات تعهدت حكومته القيام بها العام الماضي أمام المجتمع الدولي، مقابل حصولها على هبات وقروض بقيمة 11,6 مليار دولار.
وبينما أبدى الحريري استعدادا للتنحي، رفض الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله، أبرز خصوم الحريري السياسيين، في خطاب متلفز السبت ان تستقيل الحكومة محذراً من “ترك مصير البلد للمجهول”.
ودعا جميع الأفرقاء إلى “تحمّل المسؤولية”، منبهاً إلى أن “معالجة الوضع المالي والاقتصادي بالضرائب والرسوم ستؤدي إلى انفجار شعبي”.
وكان رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل، حليف حزب الله، رفض أيضاً استقالة الحكومة.
وإثر خطاب نصرالله،، الذي يقاتل حزبه إلى جانب قوات النظام في سوريا، توجه أحد المتظاهرين في بيروت له بالقول “لبنان أهم من سوريا يا سيد”، مطالباً إياه بدعم مطالبهم.
وتعليقاً على تصريحات المسؤولين الثلاثة، قال قاسم (44 عاماً) في طرابلس “أثبتوا تمسكهم بالسلطة على حساب الشعب”. وأضاف “المكان الطبيعي لنا، حتى لو لم يكن هناك أفق واضح في التغيير، فهو بالنزول إلى الساحات، من أجل المطالبة بتحسين مستقبلنا وتأمين مستقبل لأولادنا”.
وسلّطت التظاهرات الضوء على الانقسام بين فريقين داخل الحكومة، تتباين وجهات نظرهما حول إجراء الإصلاحات من جهة، وملف العلاقة مع سوريا المجاورة من جهة ثانية.
وسجل الاقتصاد اللبناني في العام 2018 نمواً بالكاد بلغ 0,2 بالمئة، وقد فشلت الحكومات المتعاقبة بإجراء إصلاحات بنيوية في البلد الصغير الذي يعاني من الديون والفساد.
ويعاني لبنان من نقص في تأمين الخدمات الرئيسية، وترهل بنيته التحتية. ويُقدّر الدين العام اليوم بأكثر من 86 مليار دولار، أي أكثر من 150 في المئة من إجمالي الناتج المحلي.
مصدر الصورة: أ ف ب
إقرأ أيضا:
ظهور مسلح في مدينة صور جنوب لبنان واعتداء على المتظاهرين (فيديو)