أخبار الآن | عمان – الأردن ( خاص )
ككل شيئ في زمن الكورونا، انقلبت موازين التعليم عن بعد فأصبح النمط السائد بعد أن كان دخيلاً وبغيضاً.
ضمن سلسلة إجراءات جريئة لكبح انتشار فيروس كورونا، أعلنت الحكومة الأردنية في 14 مارس تعطيل دوام المدارس والجامعات على الأقل حتى نهاية الشهر من دون تعطيل العملية التعليمية. وزارتا التعليم العالي والتربية والتعليم اعتمدتا التعليم عن بعد كإجراء طارئ.
التعليم المدرسي
بتطوير من شركة (موضوع دوت كوم) وبالتعاون مع مبادرات تعليمية، أطلقت وزارة التربية والتعليم منصة (درسك) darsak.gov.jo لتقديم الدروس لطلاب المدارس من الصف الأول ابتدائي حتى الثاني ثانوي (التوجيهي أو البكالوريا).
تُبث الدروس ضمن جدول أسبوعي محدد تماماً كما في المدرسة. ويُحتفظ بنسخة من الدرس المُقدّم حتى يعود إليها الطلبة في وقت لاحق.
وتسهيلاً على الطلبة وعوائلهم في هذا الوقت الصعب، فقد تقرر تقديم الخدمة مجاناً بحيث “لن يتم خصم زمن تصفح المحتوى الإلكتروني من رصيد حزم الإنترنت عند تصفح منصة درسك في الفترة ما بين 6 صباحا وحتى 4 بعد الظهر.”
وفي موازاة ذلك ولمن لا يتوفر لديه جهاز كمبيوتر، تمّ إطلاق المنصة على محطتين فضائيتين من نايل سات (جو درسك ١) و (جو درسك ٢) المخصصتان للطلبة من الصف الأول وحتى الأول الثانوي، فيما خُصصت القناة الرياضية في التلفزيون الأردني لطلبة الثانوية العامة.
ويبث التلفزيون الأردني الرسمي تسجيلاً يُقدم تعليمات للطلبة وأولياء أمورهم تتعلق بضبط الاستقبال، وتنظيم الوقت والأدوات المطلوبة لمتابعة الدرس كما لو في قاعة صفية.
التعليم الجامعي
وبالرغم من أن هذه التقنيات موجودة في الجامعات الأردنية من خلال مراكز الدعم التقني والإلكتروني فيها، إلا أن جائحة الكورونا وضعت المؤسسات التعليمية في الأردن أمام تحدي يتجاوز المخابر الفنية. أصبح التعليم عن بعد هو “الخيار” الوحيد كما يقول الأستاذ الدكتور جهاد حمدان، رئيس جامعة الزرقاء. التقيته عبر سكايب وكان أنهى للتو محاضرة أونلاين مع طلابه. يقول: “كان الأساتذة يدرّسون بعض المساقات عن بعد، وأخرى وجاهياً، لكن مع تعليق الدوام للطلبة والأساتذة، أصبح التعليم الإلكتروني هو الخيار (المتاح).”
ما يحدث هو يشبه المشاركة في غرفة chat لكن بالصوت والصورة ومع عدد كبير نسبياً من المشاركين طلبة ومحاضرين. تُحمّل المواد على المنصات الإلكترونية المعتمدة على شكل سلايدات PowerPoint او حتى فيديوهات، ويأتي المحاضر إلى الدرس لوحه جهاز الكمبيوتر والطلاب أمامه في نوافذ windows كل من منزله، يصغي ويدوّن ويشارك.
الأستاذ الدكتور جهاد حمدان، رئيس جامعة الزرقاء
لكن الأمر ليس بهذه البساطة.
الأستاذ الدكتور أمجد هديب هو عميد كلية الملك عبدالله الثاني لتكنولوجيا المعلومات في الجامعة الأردنية. بالإضافة للإعداد الأكاديمي لطلابها، الكلية معنية بأتممة التعليم في الجامعة الأردنية. التقيت الدكتور حمدان عبر سكايب وكان أنهى للتو اجتماعاً لعمداء الجامعة الأردنية عبر منصة Zoom. يقول الدكتور هديب: “أصبح لزاماً على جميع هيئة التدريس اعتماد التعلم عن بعد في ظل هذا الحظر الأمر الذي شكل ضغطاً علينا مع وجود 52 ألف طالب وطالبة في الجامعة وأكثر من ألفي عضو هيئة تدريس. لكننا تمكنّا حتى الآن من تغطية 70% من المساقات المطلوبة.”
بالفعل، تحويل المساقات من شكلها الورقي إلى الرقمي يشكل التحدي الأول في إتمام عملية التعليم عن بعد. في تطبيق عملي لنموذج صفي، يشرح الدكتور هديب كيف يتعين على المحاضر أن يُعدّ المادة بطريقة يمكن تقديمها للطلبة عبر الفضاء الإلكتروني باستخدام سلايدات ال PowerPoint، والفيديوهات التوضيحة. واعتماد منصات تواصل تتيح للطالب المشاركة بالسؤال والجواب وخلق بيئة تكون أقرب إلى غرفة صفية حقيقية.
الأستاذ الدكتور أمجد هديب هو عميد كلية الملك عبدالله الثاني لتكنولوجيا المعلومات في الجامعة الأردنية
التحدي الثاني وهو أيضا تقني يتعلق بوجود الخوادم الضخمة Servers التي تستوعب هذا النشاط الطارئ؛ بالإضافة إلى وجود شبكة إنترنت قوية. وهنا يأتي التحدي الثالث وهو اقتصادي: فهل يتوفر لدى الطلبة القدرة على دفع تكاليف ما يكفي من باقات الإنترنت لضمان حضور جميع المحاضرات وبجودة مقبولة؟
الدكتور حمدان كشف عن أن وزارة التعليم العالي وجّهت شركات الاتصالات الأردنية إلى تجديد اشتراكات الطلبة الجامعيين كل على نفقة جامعته.
وبالعودة إلى نقطة البداية، وأمام هذا التوسع غير المسبوق في اعتماد التعليم عن بُعد، بدأت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في الأردن بإعادة النظر في التشريعات الناظمة لهذا القطاع الذي يصفه الدكتور هديب بأنه “المستقبل” ويضيف: “ربّ ضارة نافعة. فقد أصبح لدينا دراسة معمّقة لمواكبة كبرى الجامعات في هذا الأمر.”
الدكتور حمدان ختم حديثه بالقول: “حان الوقت حتى نعترف أن (التعليم عن بعد) ليس خياراً بل هو خيار مهم إن لم نقل هو الخيار وعلينا عندما تنقشع هذه الغمة أن نعود لإعطاء الاولوية لهذا النوع من التعليم … ليصبح نمطاً وممارسة فضلى.”
للمزيد: