أخبار الآن | ألمانيا – برلين (متابعات)
من المقرر أن تتم لأول مرة وقائع محاكمة أحد مجرمي الحرب السوريين في ألمانيا، تورط بقتل سوريين وتعذيب آخرين في أحد أقبية فروع المخابرات في العاصمة دمشق.
ويتهم القضاء الألماني، أنور رسلان بالمسؤولية عن مقتل 58 شخصا وعن تعذيب ما لا يقل عن 4 آلاف آخرين من نيسان/أبريل 2011 إلى أيلول/سبتمبر 2012، في فرع الخطيب الأمني، الذي كان يديره في دمشق.
ورسلان هو الأرفع رتبة بين عضوين سابقين في المخابرات السورية، بحسب السلطات القضائية الألمانية، سيمثلان الخميس أمام القضاء في ألمانيا في أول محاكمة في العالم تتناول انتهاكات منسوبة إلى النظام السوري.
كيف وصل رسلان إلى ألمانيا؟
في سبتمبر 2012، بعد عام ونصف من اندلاع الثورة السورية، قررت المعارضة مساعدة مسؤولي النظام على الانشقاق، على أمل تسريع سقوط الرئيس بشار الأسد.
أحد هؤلاء المسؤولين كان أنور رسلان، الذي ترأس الفرع 251 سيئ السمعة في شارع بغداد بدمشق، والذي يعرف بفرع الخطيب، ذلك الفرع الذي يشكل رعباً للسوريين.
رسلان وصل مع عائلته إلى ألمانيا في عام 2014، واستقر في شمال شرق برلين وبدأ حياته من جديد، متناسياً صراخ آلاف المعتقلين والمعذبين في الفرع الذي كان يشرف على إدارته.
صدفة أقرب إلى الخيال
وشاءت سخرية الأقدار، أن يلتقي أنور رسلان والناشط السوري أنور البني صدفة في أحد المتاجر الكبرى في برلين، ليميّز الثاني الأول بأنه الرجل الذي ألقى به في أحد سجون نظام الرئيس السوري بشار الأسد لمدة خمس سنوات.
وقال أنور البني وهو محام سوري وناشط في مجال حقوق الإنسان لوكالة فرانس برس: “لقد قلت لنفسي إني أعرف هذا الرجل لكنني لم أتعرف عليه فورا”.
وبعد بضعة أشهر، صادفه مرة أخرى في أحد المتاجر الكبرى، ولكن هذه المرة، تمكن من التعرف عليه.
وفي عام 2016، عندما باشر العمل مع محامين لجمع الأدلة، علم أن المحققين الألمان يتابعون عن كثب قضية أنور رسلان، الذي اعتقل أخيراً في برلين في شباط/فبراير 2019.
واعتبر البني، أن الجلسة التي ستعقد أمام محكمة كوبلانس الألمانية تشكّل “رسالة مهمة” إلى المسؤولين السوريين ومن نفذوا الانتهاكات مفادها “أنك لن تفلت من العقاب، لذا فكر بالأمر”.
الولاية القضائية
وتطبق عدة دول بينها ألمانيا وفرنسا، مبدأ “الولاية القضائية العالمية” الذي يسمح لدولة ما بمقاضاة مرتكبي جرائم ضد الإنسانية بغض النظر عن جنسيتهم أو مكان تنفيذ جريمتهم.
وأوضح المحامي الألماني باتريك كروكر، الذي يمثل ستة أطراف مدعية مدنية سورية قد تنضم إليها امرأتان، أن “القضية ليست قضية انتقام بل قضية معرفة الحقيقة”.
وأضاف المحامي أن هؤلاء الضحايا الذين لجأوا إلى دول أوروبية مختلفة “يريدون للعالم أن يعرف ماذا حدث هناك”.
وأكد المحامي كروكر أن جميع من سيدلون بشهادتهم في المحكمة “عانوا من سوء معاملة جسديا وأحياناً بشكل وحشي للغاية وعلى مدى فترة طويلة”.
أما جريمتهم فكانت “على سبيل المثال، المشاركة في المظاهرات أو تصوير تجمع أو جمع الأدوية للمصابين خلال المظاهرات”.
ورغم فرارهم إلى أوروبا، لا يزال الرعب يخيم على الضحايا الذين غالبًا ما يفضلون التزام الصمت خوفًا من مغبة التعرض لأقاربهم في سوريا أو خشية من تهديدات عملاء سوريين محتملين في أوروبا.
ويؤكد أنور البني، أن نحو ألف سوري “متورطين في جرائم ارتكبها النظام السوري” متواجدون في أوروبا حالياً، “بدون أن يساورهم القلق”.
وأكد تقرير صدر عن الأمم المتحدة عام 2019، أن المنظمة تمتلك أدلة تتضمن أكثر من مليون سجل بشأن الجرائم المرتكبة في سوريا منذ العام 2011.
وتشمل الأدلة وثائق وصوراً وأشرطة فيديو، وإفادات من الشهود والضحايا، وموادّ من المصادر المفتوحة.
يشار إلي أن الجمعية العامة للأمم المتحدة اعتمدت في 21 ديسمبر/ كانون الأول 2106 قرارها الذي نصَّ على إنشاء آلية دولية محايدة مستقلة للمساعدة في التحقيق والملاحقة القضائية للأشخاص المسؤولين عن الجرائم الأشد خطورة وفق تصنيف القانون الدولي المرتكبة في سوريا منذ آذار/ مارس 2011.
ومهمة اللآلية جمع وتحليل المعلومات والأدلة المتعلقة بالجرائم الدولية المرتكبة في سوريا للمساعدة في الإجراءات الجنائية في المحاكم والهيئات القضائية الوطنية أو الإقليمية أو الدولية.
أقرأ أيضا: