أخبار الآن | موسكو – روسيا (RIAC)
يتصاعد التململ الروسي ضد نظام الأسد يوماً بعد يوم، فبعد نحو أسبوع من الهجوم اللاذع الذي شنته وكالة “الأنباء الفيدرالية” الروسية على بشار الأسد وحكومته واتهامه بتعقيد مشكلات سوريا الاقتصادية، ووصفها للأسد بـ”الضعيف” وعدم قدرته على محاربة الفساد، خرج السفير الروسي السابق في دمشق، ليوجه انتقادات كبيرة لنظام الأسد وطرق تعامله لجوانب عدة في البلاد وعلى رأسها الاقتصاد والصراع العسكري.
وفي ندوة نشر محتواها مركز الأبحاث الروسي “آر أي اسي” المتخصص بالشؤون الدولية، قال السفير الروسي ألكسندر أكسينينوك، إن على بلاده أن تعيد النظر في مستقبل سوريا ومصير قيادات النظام، مؤكدا أن دمشق ليست مهتمة بإظهار منهج بعيد المدى ومرن بل تراهن على الحلول العسكرية ذات النتائج قصيرة الأجل فقط.
وفي سابقة نادرة، اعترف الدبلوماسي الروسي، أن نظام الأسد ارتكب أعمال عنف ضد معارضيه، قائلاً: “أحيانا يصعب التفريق بين الصراع ضد الإرهاب والعنف الذي تقوم به الحكومة تجاه معارضيها في سوريا” على حد تعبيره.
وتطرق المسؤول الروسي، إلى حجم الخسائر التي مني بها الجيش التابع للنظام السوري خلال السنوات الماضية، مؤكدا أن سنوات الحرب الطوال أصبت البنية العسكرية لذلك الجيش بالضعف والوهن على الرغم من محاولة موسكو مرارا وتكرارا ترميمه.
أكسينينوك انتقد كذلك تصرفات أجهزة الأمن التابعة للنظام وعلى رأسها المخابرات، وقال إن سوء تصرف تلك الأجهزة في الجنوب السوري وتحديدا في محافظة درعا، أجج الأوضاع الأمنية فيها، وأعاد التوتر إليها بعدما عملت روسيا عبر المصالحات الوطنية إلى إرساء الاستقرار في تلك المنطقة، وفق تعبيره.
كما تطرق الدبلوماسي الروسي إلى الوضع في الشمال السوري، مذكرا النظام بأن بلاده أعادت إليه الكثير من المناطق التي كانت خارجة عن سيطرته، سواء بالقوة أو عبر الدبلوماسية والاتفاقات مع الدول الضالعة في النزاع السوري.
اقتصاد منهار في ظل الأسد
التقرير لم يغفل ما تحدث عنه أكسينينوك عن سوء الأوضاع الاقتصادية في سوريا، مؤكدا أن الناتج المحلي هبط من 55 مليار دولار عام 2011 إلى 22 مليار دولار عام 2018، أي أن نفقات إعادة تعافي الاقتصاد (250 مليار دولار) تحتاج الى 12 ضعفا ًمن الناتج المحلي الحالي، مع وجود 80% من السوريين تحت خط الفقر، ونقص شديد في الموارد البشرية المؤهلة وخاصة على المستوى الخدمي والطبي ومؤسسات الدولة.
وشدد على أن الوضع الاقتصادي الحالي في سوريا اسوأ من السنوات الأولى للنزاع، مفسرا ذلك بسبب عجز نظام الأسد على تطوير أدواته للتصدي للفساد والجريمة، وفشله في توجيه اقتصاد البلد المنهك من اقتصاد قائم على العسكرة إلى اقتصاد بلد يسعى إلى الاستقرار بعيدا عن التفكير العسكري البحت.
الدبلوماسي الروسي فسر كذلك سوء الأوضاع الاقتصادية في سوريا، بسبب أن “الاقتصاد والتجارة يتم التحكم بها من خلال وحدات عسكرية نافذة، ومخابرات ووسطاء تجاريون، وموالون مقربون لعائلة بشار الأسد، وهم ممن أصبحوا أغنياء خلال الحرب، وهؤلاء أصبحوا مراكز نفوذ ومنظمات الظل، ولا يهمها التطور السلمي، ولن يقبلوا بعودة سوريا كما كانت“.
كما ربط الوضع الاقتصادي بأزمة لبنان الأخيرة وقيود المصارف، وخاصة أن نسبة هائلة من الودائع في البنوك اللبنانية تعود لسوريين، كذلك تطرق إلى قانون “سيزر” الذي يضغط على الليرة السورية عبر العقوبات الأمريكية وعلى كل من يرتبط بتعاملات مع نظام الأسد وتأثير تفشي كورونا على المنظومة الصحية في البلاد بعد انهيار نحو 60% من قدرتها الطبية.
ويختتم أكسينينوك نظرته إلى منظومة الحكم في سوريا، بأن الوضع العسكري القائم لن يجلب الاستقرار إلى البلاد، ولن يفضي بطبيعة الحال إلى استقرار الأوضاع الاقتصادية وتحسنها، مؤكدا أن إعادة سوريا إلى الوضع الطبيعي يتطلب إعادة البناء الاقتصاد وتطوير نظام سياسي يعتمد على نهج شامل وموافقة دولية، وكل ذلك له أهميته البالغة مع اقتراب الانتخابات الرئاسية المقبلة في عام 2021.
وشهدت الأيام الماضية حملة إعلامية روسية شديدة، هاجـ.مت رأس النظام والمقربين منه بسبب الفساد المستشري وتدهور الأوضاع الاقتصادية، في الوقت الذي تحدثت فيه تقارير صحفية عن تصاعد الصراع المحموم بين إيران وروسيا في سوريا وزيارة وزيرالخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف الأخيرة إلى دمشق في ظل تفشي كورونا، خير دليل على تصاعد التوتر بين حليفي النظام.
أقرأ أيضا: