أخبار الآن | نيويورك – الولايات المتحدة (THE NEW YORK TIMES)
كشف الصحفي الأمريكي روبرت إف وورث بـ الوثائق قضايا فساد في نظام الحكم الحالي في العراق في مقال بعنوان “داخل نظام الكلِبتوقراطية في العراق”، ونشرَ في صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية.
والكلِبتوقراطية هو مصطلح يعني نظام حكم اللصوص. وهو نمط الحكومة الذي يراكم الثروة الشخصية والسلطة السياسية للمسؤولين الحكوميين والقلة الحاكمة.
وأورد وورث عدداً من قضايا الفساد في مقاله وعلى رأسها ملفات البنوك التي ارتكبت مخالفات مالية في المزادات والتورط في قضايا غسل الأموال، إضافة إلى تعرض رجل الأعمال حسين اللقيس إلى ضغوط وتهديدات من قبل منتمين لكتائب حزب الله العراقية المدعومة من الحرس الثوري الإيراني، للحصول على نسبة من إيرادات اللقيس الإجمالية بنسبة 20 في المئة.
ويذكر أن اللقيس يملك شركة تدعى “بالم جت” تمتلك عقداً حكومياً مدته خمس سنوات لإدارة صالة كبار الزوار في مطار بغداد الدولي، بالإضافة إلى أحد الفنادق القريبة من المطار. وتعمل الشركة أيضاً بشكل منتظم مع بعض الشركات الغربية لتصنيع الطائرات مثل لوكهيد مارتن.
وقال وورث في مقاله إنه لم يكن من الوارد أن يعقد اللقيس أي صفقات مع مجموعة مثل كتائب حزب الله المصنفة من قبل الحكومة الأمريكية كمنظمة إرهابية أجنبية. وأضاف أنه عندما حاول اللقيس رفض طلبهم، مشيراً إلى أن القانون يحميه كمستثمر أجنبي، تلقى تهديدات من منتمي حزب الله قائلين له “نحن القانون”، مهددين بمصادرة كل ما يملك اللقيس في بغداد في حال رفض طلبهم.
ويذكر أن اللقيس، وهو مواطن لبناني، بدء العمل في العراق منذ عام 2011، وكان يعلم بأن البلد مثقل بالجريمة والفساد لكنه كان يعتقد بأن المطار الذي يعج بمئات من مسؤولي الأمن والهجرة، له وضع مختلف.
وأضاف وورث أن من دعم ومكّن هذه الميليشيات هي الطبقة السياسية العراقية الجديدة التي لا تسعى إلا إلى الثراء. وتابع قائلاً: “قامت هذه العصابات المتعددة الطوائف لسنوات عدة بممارسة الاحتيال على كافة المستويات ومن ضمنها السيطرة المستمرة على نقاط التفتيش، والاحتيال المصرفي، والتحايل على نظام الرواتب الحكومي”.
وأوضح الصحفي الأمريكي أن عملية احتساب ما تم سرقته من العراق ليست بالأمر اليسير، فقد أٌبرمت الصفقات بشكل نقدي وأصبح من الصعب الحصول على الوثائق التي تثبتها، كما أن الإحصاءات الحكومية عادة ما تكون غير دقيقة. ومع ذلك فإن المعلومات المتاحة تشير إلى أنه تم نهب ثروات العراق بشكل غير قانوني لخارج البلاد أكثر من أي دولة أخرى.
واشار إلى أنه “بالنسبة لغير العراقيين، قد تبدو الحياة السياسية العراقية مثل حرب العصابات، لكنها في معظم الأوقات تتم تحت غطاء هذا الصراع سرقات بمنتهى الهدوء. ففي كل وزارة حكومية يكمن الفساد في اتفاقيات غير مكتوبة مع أحد الفصائل. الصدريون يملكون وزارة الصحة ومنظمة بدر طالما سيطرت على الداخلية بينما يسيطر تيار الحكمة على النفط”.
ونقل وورث عن مسؤول امني قوله إن “أقل الأمور المعروفة والخطيرة التي قامت بها هذه الميليشيا هي سيطرتها التدريجية على مطار بغداد. وبدأ ذلك قبل سنوات عندما قامت كتائب حزب الله وعصائب أهل الحق المدعومة أيضاً من إيران بتعيين موظفين مواليين لهم في المطار، وفقا لما أفاد به مسؤول رفيع هناك. وتمكنوا أيضاً من تعيين الموظفين في شركة G4S وهي شركة بريطانية لطالما تم التعاقد معها لإدارة أمن المطار (لم تقم الشركة بالتعليق على هذا الموضوع). ونتيجة لذلك لدى هاتين الميليشيتين إمكانية الوصول إلى كاميرات المراقبة في المطار فضلاً عن الوصول إلى طريق يدعى بالكيلومتر واحد والذي يربط المدارج بمحيط المطار متجاوزين بذلك الحواجز الأمنية”.
يمكنكم الإطلاع على الوثائق التي حصل عليها الصحفي روبرت وورث من هنا
وأوضح الصحفي الأمريكي أن “مطار بغداد ما هو إلا أحد المنافذ الاقتصادية التي تسيطر عليها الميليشيات الآن، كما استخدموا ذريعة داعش ليكون لهم مقرات على معظم حدود البلاد، وقاموا باستغلال تهديد داعش لتثبيت أنفسهم في معظم الحدود البرية. وسيطرت الميليشيات على التجارة من خلال الموانئ البحرية في الجنوب لأكثر من عقد من الزمن، وفي الواقع فإن الميليشيات تقوم بدور دولة رديفة في الظل حيث تفرض على المستوردين أجوراً أعلى من أجل تسريع عمليات إيصال البضائع. ولديهم لجان اقتصادية ومكاتب في بغداد يمكن للشركات الخاصة أن تعقد معهم الصفقات التي تتجاوز القنوات القانونية للبلد”.
وقال وورث إن مسؤولاً في المطار أخبره على سبيل المثال أنه “إذا قام باستيراد 100 سيارة، فسيستغرق التخليص الجمركي القانوني شهرين، لكن إذا ما دفع لكتائب حزب الله 10 إلى 15 ألف دولار فإن هذه العملية ستستغرق يومين فقط”.
عدة الوثائق عن الفساد في العراق، استخدمتها في مقالتي في النيو يورك تايمز مجازين https://t.co/y7579jn4y1
— robert worth (@robertfworth) August 7, 2020
وأوضح أن العراقيين يطلقون على رجال الأعمال المشبوهين الذين أصبحوا أغنياء على حساب البلد اسم “الحيتان”، فهم دائماً فوق القانون. وقال إنه تمّ تحذيره خلال إعداده المقال بأن حياته ستكون في خطر إذا ما واجه اي منهم حول هذه النشاطات غير المشروعة، مشيراً غلى انه نجح أخيراً في التحدث مع أحد “الحيتان”.
وقال إنه قابل أحد اقطاب البناء وأخبره أنه أمضى سنوات وهو يقدم الرشوة للسياسيين لتأمين عقود تبلغ قيمتها ملايين الدولارات. ووصف الرجل عالماً مليئاً بصفقات الغرف المظلمة التي يكون التنافس المميت فيها أمراً مألوفاً، فضلاً عن التحالفات السياسية المتغيرة بسهولة حيث تكون العملة المستخدمة فيها دائماً الدولار النقدي الذي يدفع مقدماً.
وأضاف الصحفي الأمريكي أن الميليشيات تقف خلف كل تلك الصفقات وتوفر الحماية وتأخذ حصتها من المال. وقال إن “أي رجل أعمال أو بنك بدون جماعة مسلحة تدعمه لن يتمكن من العمل”.